من عدن إلى حضرموت: خريطة المجالس وتكتيكات النفوذ

بقلم/ عبدالرزاق الباشا
ما حدث في حضرموت مؤخرًا لم يكن مفاجئاً لمن تابع المشهد اليمني منذ بداية العدوان بل كان امتداداً طبيعياً لمسار طويل من محاولات تفكيك اليمن عبر أدوات سياسية وعسكرية متعددة الأسماء والولاءات والخيانة المفرطة…
لقد كتبت في 19 مايو 2023م في صحيفة “رأي اليوم” اللندنية عند تأسيس ما يسمى(مجلس حضرموت)وربطت ذلك بسياق أوسع يشمل المجالس الأخرى: المجلس السياسي الأعلى في صنعاء المناهض للعدوان واحتلال اليمن منذ تأسيسه ..وما يسمى ( المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن التابع للامارات – ومجلس طارق عفاش في المخا المدار اماراتياً – مجلس المهرة – مجلس شبوة – والمجلس الأعلى للمقاومة الشعبية التابع لحزب الاصلاح بقيادة حمود المخلافي) .
وأكدنا بأن كل هذه الكيانات، ستنتهي رغم اختلاف شعاراتها التي تصب في مشروع واحد: تفتيت اليمن إلى كانتونات متنازعة تُدار بالوكالة عن قوى إقليمية ودولية في مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني عبر أدوات محلية وإقليمية…
وسيبقى المجلس السياسي لصنعاء .. لأنه تحت قيادة واحدة وقرار واحد موحد ومناهض للعدوان.. وقد عزز موقفه اكثر ..عندما سجل موقفاً تاريخياً إنسانياً أخلاقياً لمناصرة غزة ومازال.. ومن هذا المنطلق كسب شرعية الارض والانسان اليمني وتقدير واحترام أقليماً وعالمياً ..
وقلنا ايضاً ربما سيتم مناشدة صنعاء من أبناء المحافظات المحتلة لانقاذهم من الاوضاع التي يمرون بها ..وقلنا لكن هل صنعاء ستلبي الطلب ؟؟
وظل التساؤل قائم في ذلك الوقت ومايزال مفتوح وسيظل!! ..
حتى جاء بيان السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي ..في مناسبة الذكرى الثامنة والخمسين ..للثلاثين من نوفمبر. 1967 وجلاء اخر جندي بريطاني محتل للجنوب اليمني ،.الذي دعافيه ، أبناء الشعب اليمني، إلى ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء حضورًا عظيمًا ومهيبًا…كي تؤكد للعالم أجمع ثباته العظيم، وجهوزيته العالية للجولة القادمة..
وعلى نفس الصعيد جدد رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط ، العهد بالوفاء لشهداء ثورة التحرير والاستقلال الثلاثين من نوفمبر وللشعب اليمني بتحرير كل شبرٍ من أرض اليمن الطاهرة وجزره ومياهه الإقليمية وحماية أجوائه من دنس المحتلين والغزاة.
حتى لا نذهب بعيداً عن صلب الموضوع وماحدث ويحدث من التحركات الأخيرة في حضرموت جاءت ..بعد لقاءات سعودية-أمريكية، (بن سلمان وترامب )ويبدو أنها أعادت إحياء مشروع قديم كانت الرياض تطمح إليه منذ ستينيات القرن الماضي..
على العموم دعونا نأخذكم الى اهم جزئية واتمنى التركيز على ما كتبته سابقاً عن المجالس اليمنية وهذة الجزئية التي بين قوسين هي ما تخص مجلس حضرموت ،،حتى تتمكنوا من معرفة ما هو الهدف الاساسي ما حدث في حضرموت اليمن وما وراءه !!
((كما أسست السعودية المجلس الرئاسي من سبعة وثامنهم العليمي،، فقبل عدة اسابيع تأسس (مجلس حضرموت) تحت مظلةمايسمونها الشرعية ،،كي تشرعنه كسابقيه (المجلس الانتقالي الجنوبي)( والمجلس السياسي)لطارق عفاش -في المخا ويتم التعامل معه كمجلس شرعي وأقصد هنا (مجلس حضرموت)أمام الرأي العام والمجتمع الدولي ، حتى تمر عليه العدة من ثم ينسلخ من يمانيته وينشئ دولة حضرموت المستقلة،،وضمها إلى مجلس التعاون الخليجي وإبقاءه تحت الوصاية والرعاية السعودية بالموافقة،، أو من خلال الحضارم المتواجدين بالسعودية منذ القدم،، ولا ننسى أن السعودية تسعى وراء حضرموت منذ إستقلال الجنوب 1967م -عندما هرول (الأمير فيصل) إلى بريطانيا مطالباً إياها تسلم حضرموت إلى السعودية،،لولا نباهة وتدارك الثوار الأحرار من حركة الكفاح المسلح وانطلاقهم مباشرةً،، وفرض يد الاستقلال في حضرموت،، أوقف هذا المشروع الاحتلالي من قبل السعودية منذ ذلك الوقت ،،)) هذا ما قلنا في 19 مايو الماضي 2023م
-تبادل أدوار
هنا نتوقف عند بعض الأخبار المتداولة عن إرسال قيادات عسكرية وامنية سعودية إلى حضرموت و التقت بقيادات المنطقة الاولى وقوات حلف حضرموت التابع لمجلس حضرموت الذي سيطر على المنشآت والشركات النفطية.. لتسليم قوات ما يسمى درع الوطن الذي يتبع السعودية رأساً وسلفي من الدرجة الاولى .. وما بدا كصراع بين قوات الانتقالي المدعومة إماراتيًا وقوات درع الوطن المدعومة سعوديًا، ليس سوى تبادل أدوار بين الحليفين الخليجيين، كلٌ يسعى لترسيخ نفوذه في الجغرافيا اليمنية، وفق تفاهمات غير معلنة.
خلاصة القول: في ظل هذا المشهد المعقد، لا خيار أمام اليمنيين الشرفاء سوى التوحد في مشروع وطني جامع بعيدًا عن الوصاية الخارجية والمشاريع التفكيكية. فالتاريخ علّمنا أن اليمن كانت دومًا مقبرة للغزاة، وستظل كذلك، طال الزمن أو قصر…
والله من وراء القصد


