حرب الإبادة الصهيونية في غزة بظلّ شريعة الغاب اليمن يستمرّ في إسناده…

بقلم/ حسن حردان
إنّ أيّ مراقب لما يجري منذ أكثر من سنة ونصف السنة من حرب إبادة صهيونية ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي يتعرّض لحصار خانق محكم يمنع دخول المساعدات الإنسانية، في ظلّ عجز العالم ومؤسسات الأمم المتحدة عن تطبيق القانون الدولي الإنساني الذي يمنع “إسرائيل” من القيام بذلك…
إنّ أيّ مراقب لهذا الواقع يدرك أننا أمام سيادة “شريعة الغاب” في غزة، في ظلّ حالة من الفوضى وانعدام سيادة القانون الدولي والإنساني، حيث تسود القوة الغاشمة للمحتلّ الذي ينتهك حقوق الإنسان بشكل متكرّر، ويجعل الشعب الفلسطيني في القطاع يعيش في ظلّ انعدام الأمن والحياة الإنسانية ويتعرّض يومياً للمجازر الوحشية، من دون وجود أيّ آلية دولية فعّالة لفرض القانون الدولي أو حماية المدنيين من القتل اليومي وسياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال “الإسرائيلي” في محاولة منه لتركيع الشعب الفلسطيني وفرض الاستسلام عليه.
لكن ما لذي يجعل المجتمع الدولي عاجزاً عن إلزام “إسرائيل” باحترام القانون الدولي؟
في هذا المجال يمكن القول إنّ هناك عدة عوامل، أبرزها:
العامل الأول، الانقسامات السياسية: تشهد المنظمات الدولية لا سيما الأمم المتحدة انقسامات بين الدول الكبرى، خاصة في مجلس الأمن، حيث يستخدم الفيتو (تحديداً من قبل الولايات المتحدة الأميركية) لحماية “إسرائيل” من أيّ قرارات جادة تعاقبها على انتهاكاتها لحقوق الإنسان والقانون الدولي ورفضها الالتزام بتطبيق القرارات الدولية.
العامل الثاني ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي:
تتبع دول غربية سياسة الانحياز إلى جانب “إسرائيل” بسبب تحالفات استراتيجية أو مصالح استعمارية، مما يُضعف إمكانية بلورة موقف دولي موحد في مواجهة “إسرائيل”.
العامل الثالث، تعقيد الصراع: يُستخدم الصراع ذريعةً من قبل بعض الأطراف لتبرير حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بينما تُبرر “إسرائيل” سياساتها (مثل الحصار على غزة أو القصف والتدمير المنهج للقطاع) بدعوى “الدفاع عن النفس”، رغم انتقادها من منظمات حقوقية.
العامل الرابع، ضعف الآليات التنفيذية في تطبيق القانون الدولي، الذي يفتقر إلى قوة إلزامية دون إجماع دولي، مما يسمح للدول القوية بتجاهله دون عواقب ملموسة.
هذا الواقع تستفيد منه حكومة الاحتلال الصهيوني لمواصلة سياساتها الإرهابية والتعسّفية ضدّ المواطنين الفلسطينيين الذين باتوا بفعل هذه السياسات يعانون من تدهور مريع في الأوضاع الإنسانية، بينما تُواجه “إسرائيل” اتهامات بانتهاكات جسيمة (مثل توسيع المستوطنات أو استخدام القوة المفرطة). في الوقت نفسه، يُنظر إلى فشل المجتمع الدولي في تحقيق العدالة كتعبير عن أزمة في النظام العالمي، الذي يفقد مصداقيته أمام عجزه عن تطبيق مبادئه على جميع الأطراف دون تحيز.
انطلاقاً من هذه العوامل، بات العالم اليوم في ظلّ شريعة الغاب التي تمكن المحتلّ الصهيوني وبدعم أميركي من الإيغال في إجرامه ووحشيته لعلمه أنه لا يوجد من يستطيع ردعه ومعاقبته طالما يحظى بدعم أقوى دولة في العالم وتزوّده بأحدث أسلحة القتل والتدمير.. وبهذا فإنّ المعادلة مختلّة بالكامل لمصلحة المحتلّ الصهيوني، لأنّ الشعب الفلسطيني لا يملك سوى الصمود والمقاومة الشعبية المسلحة بقدراتها المتواضعة، ومع ذلك نجحت في إغراق جيش الاحتلال في حرب استنزاف مكلفة جداً له منعته من تحقيق أهداف حربه وأدخلته في مأزق كبير لا يعرف كيف سيخرج منه، لا سيما مع نجاح اليمن في مواصلة إسناد غزة وفرض حصار مستمر على السفن الذاهبة إلى موانئ الاحتلال، وصولاً إلى توسعة هذا الحصار ليشمل مطار بن غوريون في مدينة يافا المحتلة، من خلال نجاح القوات اليمنية بالأمس بضرب المطار بصاروخ فرط صوتي جديد خرق كلّ أنظمة الدفاع الجوي الأميركية والإسرائيلية الأكثر تطوراً في العالم، وتمكّن من وقف حركة الطيران لمدة طويلة ودفع شركات الطيران العالمية لوقف رحلاتها إلى تل أبيب، فيما اضطر ملايين المستوطنين للنزول إلى الملاجئ في مشهد أعاد إلى الأجواء فقدان قدرة منظومات الأمن الصهيونية في توفير الأمن والاستقرار لهم، وفي نفس الوقت مواصلة حرب الإبادة والحصار على قطاع غزة…
أما الحرب الأميركية ضد اليمن فإنّ وصول الصاروخ إلى قلب مطار بن غوريون أكد فشلها في إضعاف قدرات اليمن وفك الحصار الاقتصادي الذي يفرض على كيان الاحتلال عبر البحر الأحمر وباب المندب…