كتابات

الفريق سلطان السامعي : إيقونة نضال وينبوعا لحكمة متجددة..

بقلم/ طه العامري

حين وصفت ذات يوم المناضل (سلطان السامعي) بأنه (السلطان الذي قهر السلاطين) لم يجانبني الصواب، فالرجل الذي اختلفت معه ذات يوم موغل من ايام (الوحدة) والتحولات، لم يكن خلافي بدافع من (كيد) أو لخصومة سياسية، بل كان الخلاف تعبيرا عن لحظة تداعياتها تبحث عن (قرابين) وصناعها يبحثون عن كل ما يملي فراغات (مقاصلهم)، كنت يؤمها مسؤلا عن صحيفة (العروبة) المرتبطة بأحد طرفي (الشراكة _المؤتمر) وكان الحزب الاشتراكي يرى في الاستاذ عبده الجندي خصمه اللدود ويرى فيه وفي مواقفه ما لم يراه في قيادة المؤتمر، حتى ان (حيدر العطاس) وعبر صفحات (صحيفة الشرق الأوسط اللندنية) حمله كل ويلات تداعيات الأزمة والحرب..؟!
وفيما كان الاستاذ( عبده الجندي) مطلوبا من بعض قادة الاشتراكي في صنعاء كان الاستاذ ( سلطان السامعي) مطلوبا من المؤتمر في تعز، وهذا ما جعلني يومها أقف ضد مؤتمر تعز الجماهيري.. الذي انعقد وكان (السامعي) نجم ذلك المؤتمر الذي خرجت توصياته بتوصيات أرقى من تلك التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني _لاحقا _غير ان أحدا لم ينشغل في تحليل نتائج ذاك المؤتمر، بل انشغل الرأي العام بقضية الاستاذ سلطان السامعي التي بدأت في 9 ديسمبر 1992م حين تحركت ارتال الدبابات والسيارات المصفحة لاقتحام منزل النائب سلطان السامعي في تعز الذي أحرج شركاء الوحدة معا، بعد أن كانت (كتائب بن جوهر _مدير أمن العاصمة) قد اقتحمت مقر الحزب الناصري الديمقراطي في صنعاء ونصبت قيادة بديلة عن الجندي والحزب وبرعاية مباشرة من (العطاس) رئيس الوزراء وصالح منصر السيلي..!!
ما تميز به مسار (السامعي) الوطني والنضالي هو التفرد الاستثنائي الذي أظهره الرجل في الحفاظ على مبادئه وأهدافه وثوابته، وفراسته في إستشراف الأحداث من خلال التحذيرات الاستباقية التي كان يطلقها الرجل من خلال مقالات يكتبها أو تصريحات يدلي بها لوسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، أو من خلال مبادرات سياسية أطلقها لإصلاح مسار الوحدة والتحولات ومعالجة إشكالية الحكم وبما يخدم الوطن والشعب واستقرارهما وترسيخ مداميك الوحدة والتحولات الديمقراطية التي كان يراها (السامعي) مجرد شعارات للاستهلاك السياسي وليس لها روابط اجتماعية وحواضن ترسخ مفاهيمها في وجدان وذاكرة الناس الذين رأي السامعي انهم الحراس الوحيدين للوحدة والتحولات وليس تفاهمات الساسة الذين استنجدوا بالوحدة وتحولاتها هروبا من استحقاقات مطلوبة من كل طرف في السلطة.. إذ وفيما هرب (البيض) للوحدة تجنبا لتداعيات داخلية تحركها قتامة 13 ينائر ومتغيرات قومية ودولية، فكان كمن استجار (من النار بالرمضاء)..؟
في مقابل (صالح) الذي اتخذ من (الوحدة) حدثا لتكريس (ذات) وإعمالا لتكليف إقليمي ودولي بتصفية آخر بصمة يسارية في المنطقة ممثلة بحزب اقلق السكينة ونازع بحضوره نفوذ آخرين لديهم الكثير من (الثارات المعنوية) عند حزب لف حبل المشنقة على رقبته صبيحة 13 ينائر 1986م فسهل بهذه الخطوة مهمة ابتلاعه وتجريف تاريخه وكل منجزاته..!
لم تكن كل هذه الحقائق والعوامل خافية في تفكير وذاكرة سلطان السامعي الذي حاول في مؤتمر تعز الجماهيري قلب الطاولة على الجميع، معلنا عن انحيازه للوطن والشعب رافضا كل الإغراءات التي قدمت له من أكثر من طرف.. لكنه رفضها وقبل حياة التشرد في الجبال لتسع سنوات عجاف، تشرد لم يثنيه، ومعانات لم تكسره، وقسوة لم تلين مواقفه، وقهر لم يجبره على ترك مبادئه والتخلي عن ثوابته ومشروعه الوطني..
أحداث تذكرتها يوم أمس وانا اتابع خطاب الفريق سلطان السامعي في إحدى المهرجانات التي إقامتها محافظة تعز وتحدث فيها الفريق السامعي في خطاب قد يفسره البعض بغير إبعاده لكني لم أجد فيه غير المناضل سلطان السامعي ابن اليمن الذي ينحاز عند كل منعطف لوطنه وشعبه ومصلحتهما بغض النظر عن أي اعتبارات قد تندرج في سياق جدلية الربح والخسارة..!
في خطاب أمس وجه الفريق سلطان السامعي أكثر من رسالة وان كانت أهمها لأولئك الذين خذلوا الوطن والشعب وأولئك الذين اعتدوا عليه وأتخذو من (بعضنا) ما يمكن أن نطلق عليهم ب (حصان طروادة) إلا أنه وجه رسائل صادقة ومخلصة وشجاعة للداخل ولشركائه في الثورة وحكومة الإنقاذ الوطني الذين يخاف عليهم السامعي من أنفسهم أملا أن لا تخدعهم السلطة وبريقها وطالبهم بأن يجعلوا الشعب بوصلتهم والوطن عنوان نشاطهم محذرا كعادته من أن يجرف تيار السلطة وبريقها أقدامهم إلى طريق غير طريق الوطن والشعب..!
بشجاعة لا تخلوا من الصراحة قال ويقول سلطان السامعي رائه، وما قاله في خطاب مهرجان تعز يوم أمس يجب أن يستوعبه الجميع، ويقراء ما خلف سطوره الكل، من أجل الوطن والشعب ومصالحهما ، وحتى يتجنبوا ما آل إليه أسلافهم، ومن كانوا قد نصبوا من أنفسهم أوصيا حصريين على الوطن والشعب، فكانت نهاية غرورهم وغطرستهم وطغيانهم كارثة على أنفسهم وعلى الوطن والشعب..؟!
إنه سلطان السامعي، مدرسة الانتماء الوطني، وإيقونة النضال، وعنوان الهوية والانتماء، وينبوع الحكمة، التي تجدد نقائها مع تقادم الزمن وتسارع الأحداث والتحولات.. رجل لا تربكه الأحداث، ولا تبهره النتائج، ولا تغريه المكانة التي يحتلها، فهوا يستمد مكانته من أبناء شعبه، وسواء كان في مفاصل السلطة أو خارجها، يبقى حضوره فاعلا، بل إن هناك من يستغرب كيفية قبول الرجل بأن يكون في مفاصل السلطة في الظروف الوطنية الراهنة وفي زمن العدوان والحصار والظروف المادية القاهرة، وهو الذي رفض أن يكون جزءا من السلطة في زمن ترفها وعصر مغانمها.. لكنه قبل أن يكون اليوم في مفاصلها من أجل وطن وشعب، ومن أجل قضية أمن بها، وهي انتزاع قرار اليمن واستقلاله وحريته من أيدي قوي اعتادت إمتهان شعبنا وتسعى لأن تصادر قراره وحريته وسيادته وتجعله أسيرا في اسطبلات عبوديتها، وهذا ما ناضل ضده السامعي طيلة حياته وانذر نفسه لمقاومته مهما كانت التضحيات مكلفة..
لكل ما سلف اتمنى ان يستوعب المعنيين طروحات الفريق سلطان السامعي عضو السياسي الاعلى، عضو مجلس النواب، وان يستوعبوا نصائحه وطروحاته الشجاعه والصادقة من أجل اليمن الأرض والإنسان ومن أجل عزتهما وسيادتهما وتقدمهما الحضاري..
فتحية إجلال وتقدير لهذه الشخصية الوطنية التي تعلمنا منها قيم العصامية والزهد والايثار والحرية والكرامة والسمؤ فوق الجراحات مهما كانت مؤلمة فاليمن تستحق وشعبها، اسمي وأعظم التضحيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com