كتابات

أسطورة يمنية وأخرى عربية جديرة بالإهمال

تتسلل بعض الأساطير إلى الذاكرة العربية لتخرج منها بصيغة» كليشيه» أبدية فتعرض وتعرض ثم تعرض حتى يرث الله الأرض وما عليها. ومن بين الأساطير السياسية العربية المتداولة واحدة يمنية يعتقد أصحابها أن دولة النظام والقانون تنهض بالقوة أو تنهض.والاعتقاد السائد هو أن يفرض الجيش بالقوة المسلحة على القبائل احترام القانون وان رفضوا يمكن ضربهم بالمدافع واعتقالهم وسجنهم ليكونوا عبرة لغيرهم وهو أمر لو وقع لاندثرت الدولة والقبائل معا. ويعتقد المقتنعون بهذه الأسطورة أن الدولة الغربية فرضت النظام والقانون بهذه الطريقة وحصلت على طاعة المواطنين وصارت متقدمة على باقي الأمم فلماذا لا تفرض مثل هذه الدولة في اليمن حتى يعود سعيدا?ٍ كما كانت شهرته على الدوام? وإذ أتحدث هنا عن أسطورة فقد استخلصت هذه القناعة من خلال نقاشات مستفيضة مع العديد من اليمنيين الذين ينتمون إلى تيارات سياسية مختلفة.
تعاني هذه الأسطورة من سؤ فهم خطير ذلك أن أحدا في الغرب لم يفرض النظام والقانون بالقوة المسلحة وإنما بمبدأ العقاب والثواب فهذه الدول أشادت بنى تحتية صلبة ووضعتها بتصرف مواطنيها ومن ثم فرضت عليهم قانونا?ٍ صارما?ٍ ومثال ذلك البنية التحتية لنظام السير فإذا ما أراد المواطن الإفادة من الطرقات السريعة عليه احترام قانون السير وإلا لن يستفيد منها أبدا وهكذا دواليك في المجالات التربوية والاجتماعية والثقافية .. الخ.
والثابت أن الدول التي فرضت النظام والقانون بالقوة هي الدول الديكتاتورية والنازية والفاشية في ايطاليا وألمانيا واسبانيا ومن بعد تم فرض القانون والنظام بالقوة المسلحة في الدول الشيوعية حيث تعرض الاهالي للسحل أحيانا?ٍ وتم خلع أحجبة النساء بواسطة العنف غير أن القوة ما كانت كافية للتحكم بسلوك الناس فرأينا كيف عادوا إلى عاداتهم وتقاليدهم بعد انهيار الشيوعية وكان شيئا لم يقع ورأينا أيضا?ٍ كيف تخلص الأوروبيون من الأنظمة الفاشية والنازية والفرنقية بأن دفعوا ثمنا?ٍ باهظا?ٍ وتضحيات عزيزة على كل صعيد.
يفضي ما سبق إلى درس في غاية الأهمية هو أن فرض النظام والقانون يتم بالتراضي وبالاقتناع والمصلحة وليس بالقوة المسلحة وهو ما فعلته الحكومة اليمنية طيلة الثلاثة العقود الماضية( لم يحالفها الحظ دائما بسبب ضعف وسائلها) وسط انتقادات خصومها الذين ما برحوا يأخذون عليها التراخي في تطبيق القانون بواسطة القوة المسلحة والجيش.
إن الناظر إلى حجم الخراب المنتشر في اليمن هذه الأيام ربما يتساءل عن الحكمة في عدم فرض الأمن بالقوة وقد نلاحظ هذا النوع من القناعات عند المؤتمريين ولعل من حسن الحظ انها لاتتحكم بتفكير صناع القرار في هذا البلد الذين أدركوا ويدركون أن ما ينتزع بالقوة يمكن أن يضيع بواسطة القوة وان المباني التي يمكن أن تصمد هي تلك التي نهضت على القناعة والتراضي والتعاقد العادل. ومن اليمن ننتقل الى الفضاء العربي الجامع.
ولعل من أصعب الأمور أن تطرد من الذاكرة العربية « أسطورة» ارتاح الناس لطبيعتها من نوع أن الاشتراكيين الفرنسيين ضد العرب و الديغوليين مؤيدين لهم وذلك على الرغم من أن فرانسوا ميتران الاشتراكي استقبل ياسر عرفات وكان الغربي الأهم الذي يبادر إلى مثل هذا اللقاء في حين بادر جاك شيراك المصنف صديقا للعرب إلى توقيع ميثاق للتعاون العسكري الفرنسي الإسرائيلي هو الأهم في مجال التقنيات الحربية المعقدة ويقول شيراك في مذكراته أن شارون قبل غيبوبته قدم له الشكر على دوره العظيم في خدمة إسرائيل.
ومن بين الأساطير التي تستقر في العقل العربي تلك التي أشاعها هنري كيسينجر بعد كامب ديفيد من انه «لا حرب ضد إسرائيل بدون مصر ولا سلام معها بدون سوريا» وقد رأينا حروبا بين العرب وإسرائيل في الأعوام 1982 – 1993 – 1996 – 2006 في لبنان وفي غزة في العام 2009وقد خسرت إسرائيل معظم هذه الحروب بالمقابل وقعت اتفاق وادي عربة مع الأردن واتفاقية أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية دون أن تمنع سوريا توقيع الاتفاقين.
ومن بين الأساطير التي تحولت إلى «كليشيه « ومازالت تستحضر بين الفينة والأخرى واحدة تقول أن الطالب اليهودي دانييل كوهن بندت ( يوصف بالصهيوني) احد وجوه ثورة الطلاب في فرنسا عام 1968 استطاع «تجييش» الشبان الفرنسيين بمساعدة الموساد الإسرائيلي لمعاقبة الجنرال ديغول على مواقفه المؤيدة للعرب في العام 1967 . وقد وصلتني مؤخرا?ٍ ملاحظة بهذا الصدد عبر الفيس بوك تفيد أيضا أن «كوهين بنديت» نفسه مازال يلعب دورا?ٍ عالميا?ٍ في خدمة الصهيونية وقد ظهر هذا الدور في العراق ويظهر عبر برنارد هنري ليفي في ليبيا علما أن ليفي يصغر بنديت بأربع سنوات فقط.
تستحق أسطورة» بنديت» المعمرة إعادة نظر ليس من اجله وإنما من اجل تحسين وتحديث أدائنا السياسي وابدأ بمجموعة من الإيضاحات أولها أن الشاب في حينه لم يكن زعيما للحركة الطلابية بل احد وجوهها البارزين وهو منع من العودة إلى فرنسا في 21 أيار 1968 ( ألماني الجنسية) أي بعد أيام من اندلاع ال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com