كتابات

ثورة 26 سبتمبر.. ونهاية الاستبداد والاستعمار

بقلم / محمد أنعم

منذ كارثة سيل العرم غرق الشعب اليمني وسط أوحال الخراب والدمار وظلت الفئران تنخر جسده قروناً من الزمن الى أن أشرق فجر يوم الـ26 من سبتمبر عام 1962م اليوم الذي تحرر فيه اليمنيون والى الأبد من أبشع نظام استبدادي كهنوتي عنصري سلالي أهلك الحرث والنسل وعزل شعب اليمن السعيد عن العالم بكل تحولاته ومتغيرات تطوراته.

نعم.. سيظل يوم 26 سبتمبر تاريخاً لميلاد شعب عظيم انتفض كالمارد من القمقم، ليدشن بذلك اليمانيون عهداً جديداً بعد أن خاضوا نضالاً طويلاً وقدموا تضحيات جسيمة في درب الثورة والجمهورية شارك في انتصارها وترسيخ نظامها كل فئات الشعب، وفي طليعتها الحركة الوطنية اليمنية التي قدمت خيرة من انجبتهم اليمن في ثورات »48، 55، 59، 61« وتوج ذلك النضال البطولي الشجاع يوم 26 سبتمبر الخالد 1962م عندما خرج مارد الثورة ووضع نهاية لعهد الطغيان والاستبداد والاستعمار ليسجل التاريخ في أنصع صفحاته ميلاداً جديداً لشعب حضاري عريق تحرر من قبضة الكهنة الذين جزوا رؤوس الآلاف من رجالات اليمن في الميادين ضرباً بالسيف بمن في ذلك الثوار ممن ينتسبون الى نفس الاسرة ومن وهبوا أنفسهم لتخليص شعبهم من براثن ذلك النظام الرجعي المتخلف للدفاع عن الثورة والجمهورية.

ثار الملايين من أبناء شعبنا وصنعوا ثورة إنسانية جسدت ولاتزال إرادة شعب يتوق لحياة حرة كريمة ينعم فيها الجميع بالمساواة في الحقوق والواجبات في ظل نظام جمهوري ديمقراطي يعبر عن إرادة كل فئات المجتمع وليس أسرة أو جماعة أو سلالة أو قبيلة أو حزب.

في تفاصيل قصة هذه الثورة والملحمة الوطنية التاريخية الخالدة تتضح معجزة هذا الشعب الذي انتفض في الشمال والجنوب في صنعاء وعدن، في المدن والقرى.. في الداخل وأرض المهجر.. في المساجد والمدارس، في الحقول والموانئ.. ثورة التحم فيها الضباط الأحرار مع العلماء.. والمشائخ والأعيان مع بقية فئات الشعب ودفنوا والى الأبد ثالوث الرعب »الجهل والفقر والمرض«.

لم تنتقم الثورة السبتمبرية الخالدة من أحد لأنها حملت أهدافاً ومبادئ إنسانية عظيمة صاغها كل أبناء اليمن بمختلف شرائحهم.. لأنها قامت لتعيد الاعتبار لجميع ابناء هذا الشعب العظيم.

لقد استطاع النظام الجمهوري ان يغير وجه اليمن بالكامل خلال نصف قرن برغم التآمرات الداخلية والخارجية التي سعت جاهدة بكل ظلامية لاسقاط النظام الوليد الذي قاد بنجاح ثورات اقتصادية وسياسية واجتماعية، بعد أن حررت الثورة اليمنية »26 سبتمبر و14 أكتوبر« الإنسان والوطن من أبشع نظام استبدادي وأعتى نظام استعماري عرفه التاريخ.

لم تقتصر هذه الانتصارات عرفه هذا الجانب فقط بل انطلق ثوار 26 سبتمبر لتحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني لتعويضه عن سنوات الجهل والحرمان والفرقة والتمزق التي فرضها النظام الكهنوتي والاستعمار البغيض، فشيدت آلاف المدارس والمستشفيات واستخرجت ثروات الشعب وسخرت لخدمة الإنسان اليمني وشقت الطرق وشيدت المدن والسدود والحواجز المائية وازدهرت التجارة وتحققت نهضة زراعية وصناعية وثقافية وعمرانية وفق أحدث التطورات وتم بناء دولة حديثة من الصفر بعد أن كانت الدولة هي الإمام والإمام هو الدولة.

ولعل أبرز منجزات ثورة 26 سبتمبر هو انطلاقة ثورة 14 أكتوبر عام 1963م من على جبال ردفان الشماء ضد الاستعمار البريطاني وتحقيق الاستقلال الوطني الناجز في30 نوفمبر 1967م وهو الانتصار العظيم الذي مثل مقدمة لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م بقيادة موحد اليمن الزعيم علي عبدالله صالح الذي رفع من مدينة عدن راية الجمهورية اليمنية لتظل خفاقة الى الأبد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com