اراء وتحليلات

العماء

لا نريدها, ولم نكن يوما?ٍ نريدها, لكننا و?ْلدنا فيها, تفتحت عيوننا عليها, ما من جيل?ُ منا إلا وقد تفتحت عيونه عليها, إذ لا تمر بضع سنوات إلا وتتكرر, تعود لزيارتنا, كأنما تشتاقنا, أو كأنما تقتات بنا, كأنها ضرورة بيولوجية, أو قدر, ذكرياتنا أو مذك?راتنا تذخر بمفرداتها, وهي معالم لأحداث حياتنا, وفواصل ترتب ج?ْم?ِل?ِنا, لا مفر??ِ منها, لابد? أنها ضرورة?َ لبقاء شيء?ُ ما على قيد الحياة, إنها الحرب, التي يطل? شبحها علينا, إنها الحرب لا الكلمات الهباء, و?ْلدنا وآباؤنا في أتونها, ورافقتنا, وما إن تنتهي حرب?َ حتى يبدأ?ْ التحس??ْب?ْ للقادمة, تحصد?ْ عيوننا وآفاقنا وتحصد أهلنا وأشقاءنا وبيوتنا, وقد حصدت وطننا وأزهار الياسمين التي ظللت بيوت أجدادنا, واختزلت ألوان حديقة البيت إلى لون?ُ واحد?ُ بلون الغد المبهم, لون يشبه العماء, العماء الذي يرى به المجتمع الدولي حال الفلسطيني, حال وطنه المغتص?ِب ولاجئيه المشردين منذ عشرات السنين وأسراه الذين شارف عدد?ْ من مر??ِ منهم على السجون على مراحل قرابة المليون, العماء الذي يروننا به فلا يأبهون بنا ولا بمعاناتنا, ولا بمنافينا, ولا كيف نحيا ولا كيف نموت, ولا كيف يلتقي أحدنا بأحدنا إن استطاع, كل??ْ هذا دون أن يعبأ بنا, بل ويضع إمكانياته في تجهيز الحرب القادمة علينا, وي?ْشهر الفيتو في وجه أي? قرار?ُ يدين من انتهك هدوء حياتنا ودمر ماضينا ووضع أسلاكا?ٍ شائكة?ٍ أمام مستقبلنا,
ذلك أن? السلام كما قالت وزيرة خارجية فرنسا يجب أن يمر عبر أمن “إسرائيل”, أي أن? السلام يجب أن ي?ْفص??ِل?ِ بحيث يحقق أمن “إسرائيل”, وهذا تعبير?َ دبلوماسي??َ مختصر?َ لمقولة كاملة تعتمدها الدول الاستعمارية وهي تلخص السياسة كاملة?ٍ وتترك هامشا?ٍ كبيرا?ٍ للخداع والتزييف, مقولة تتقنع بالأمن لتفتت منطقتنا كلية?ٍ وتاريخ?ِنا بأثر?ُ رجعي? ونفوس?ِنا وأرواح?ِنا ومقدساتنا وعلاقاتنا ومشاريع?ِ تنميتنا ونمط?ِ اقتصادنا وطرائق?ِ تزاوجنا, بل وستتدخل لاحقا?ٍ في عدد الأبناء المسموح إنجابهم,
وهي مقولة تكاد بل هي فعلا?ٍ حجر الزاوية في الرؤية الغربية للمنطقة, وهي تترد?د على لسان كل المسؤولين الغربيين, وتكمن في قلب رؤيتهم ورؤية قلبهم, حيث يجب أن يكون أمن “إسرائيل” هو الثابت الوحيد في أي?? خطوة أو مشروع أو ترتيب أو دعم?ُ أو اتفاقية أو قرار?ُ أممي??ُ أو غيره, بل لعلها هي الدافع لكثير?ُ من المقترحات والتجمعات الدولية التي تقودها وتقترحها دول?َ أوروبية لمجرد إدماج “إسرائيل” عنوة?ٍ وقسرا?ٍ في قلب الحيوية العربية وإدماجها فيها بمشاركة غربية تخفف وطأة الحال ومأساوية المهانة وتمتص? تنافراتها وتساهم في تجاوز عقباتها شيئا?ٍ فشيئا?ٍ ورويدا?ٍ رويدا حتى لا يبقى منا شيء, فيكون للعناوين المقترحة أسماء تساهم في تزييف المشهد وتجعل من عناوين كتجمع المتوسط راية?ٍ يتسع لاحتمالات الذوبان في ملوحة البحر?ُ الذي سننتمي إليه بعد أن كان ينتمي هو إلى ملامحنا, دون أن ننسى أن? السيدة وزيرة الخارجية قد قالت بالضبط إن شرط السلام هو أن يلبي أمن “إسرائيل” واندماجها, ذلك أن? الاندماج هو أحد ضمانات السلام,
ومعنى ذلك بالضبط هو أن ت?ْفص??ِل?ِ المنطقة بل والعالم بحيث تحقق ل “إسرائيل” الأمن, أي لا بد من إهمال ومحاربة ونفي أي عنصر أو ترتيب أو مقترح مهما كان إن كان لا يلبي أمن “إسرائيل”, ومن هنا يتم التعاطي المتدرج أو التغاضي المتدرج عن مسألة المستوطنات, وعن مسألة حق العودة, ومن هنا ت?ْشن??ْ حروب?َ وت?ْقس??ِم?ْ دول, ومن هنا تنشط المحاكم الدولية, ولهذا أيضا?ٍ يتم ابتزازنا لعدم ملاحقتها لدى المنظمات الحقوقية الدولية, ومن هنا سيكون تحديد تسلحنا وسيكون منع امتلاكنا للتكنولوجيا, ما دامت هذه تهدد أمن “إسرائيل”, وسيكون شرطا?ٍ علينا إعلان?ْ حبنا لها, والإقرار بيهوديتها, لأن? هذا سيكون لازما?ٍ لبث بعض الأمن في أوصالها, ومن هنا لن يكون مسموحا?ٍ لنا أن نسمح لأنفسنا بنمو??ُ اقتصادي??ُ قد يجعلنا أهلا?ٍ لإثارة قلقهم, بل وسيكون علينا أن نمتنع عن أي تفكير?ُ في إمكانية تشييد أي?? إطار تعاون?ُ عربي??ُ حقيقي??ُ لأن??ِ هذا بالتأكيد سيضيف إلى مفردنا قوة المفرد الآخر, وهو الأمر الذي من شأنه أن يعك?ر هاجس الإحساس بالأمن لدى الدولة الطارئة على أمن المنطقة, وسيكون مطلوبا?ٍ أيضا?ٍ أن نحد?د صلواتنا وصيامنا فقد يرى فيه الحاخام عوفاديا مناخا?ٍ يزعج أحلام الهيكل, وسيكون مطلوبا?ٍ منا أن نجتهد كثيرا?ٍ في إثبات حسن نوايانا فنحذف كثيرا?ٍ من آياتنا التي تذكره وكل??ِ ذكرياتنا التي تلعنه, سيكون مطلوبا?ٍ منا أن نشكره ونعشقه على أن?ه سلب هويتنا ووطننا وبياراتنا, وسيطلب منا أن نبرمج علاقاتنا الحيوية ونزواتنا ودقات قلوبنا وموازين عشقنا حتى نحد?د نسلنا, بما أن??ِ العامل الديموغرافي يشك?ل?ْ تهديدا?ٍ خطيرا?ٍ لأمن مستقبله,
هذا تماما?ٍ ما يقصده المتحد?ثون عن أمن “إسرائيل”, حتى ولو لم يصر?حوا بالضبط عن مفهومهم الكامل لهذا الأمن, لكن لسان ال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com