ثقافــة وفنــون

كلمة تترجم “اقتصاد العالم القديم” للمؤلف م. إ. فنلي

أصدر مشروع “كلمة” للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث كتابا?ٍ جديدا?ٍ بعنوان “اقتصاد العالم القديم”? للمؤلف م. إ. فنلي? والذي قام بترجمته الدكتور عبداللطيف الحارس? ويعد هذا الكتاب مدرسة تاريخية تختزن خبرة واسعة واختصاصا?ٍ عريقا?ٍ? إضافة إلى عبقرية فذة في التعامل مع التفاصيل البسيطة المهمة التي قد لا تلفت نظر الكثيرين عند اط?لاعهم عليها? إن?ه كتاب مهم ومثير? يحتل مركزا?ٍ مشرفا?ٍ من بين قل?ة من الأعمال الحقيقية النافذة المتعلقة بالتاريخ القديم.

ويتخلى مؤلف الكتاب عن الكثير من المنطلقات التقليدية التي كانت تبدو بديهية بحد ذاتها قبل أن يثبت أن?ها كانت عديمة الجدوى أو مضللة? أثناء تناوله لتاريخ اقتصاد العالم القديم? كما شن? فنلي هجوما?ٍ شاملا?ٍ على التقاليد الحديثة لمنهجية التاريخ الاقتصادي القديم? إذ رأى أن?ه لا ينبغي تحليل اقتصاد العالم القديم باستخدام مفاهيم العلم الاقتصادي الحديث? لأن? الأعمال الاقتصادية في العصور القديمة كانت تحد?د بشكل أساسي بالاهتمامات الاجتماعية وليس الاقتصادية? فالمركز الاجتماعي والإيديولوجية المدنية حكمت الاقتصاد في العصور القديمة بدلا?ٍ من الدوافع الاقتصادية العقلانية.

ويوضح فنلي الفرق الكبير الذي يفصل بين الاقتصاد القديم وعلم الاقتصاد الحديث? إذ لا يمكن إخضاع الاقتصاد القديم لمناهج الاقتصاد الحديث? ولا بد? من استحداث مناهج وفروض جديدة لفهمه? ذلك أن العصور القديمة لم تعرف السياسات القائمة على السعي وراء الأسواق? أو أيا?ٍ من العناصر التي كانت وراء قيام الرأسمالية الأوروبية الحديثة كالعقلانية الاقتصادية والسعي المدروس وراء الربح.

لقد شك?ل كتاب فنلي حدثا?ٍ مهما?ٍ? ونقطة انعطاف تاريخية حاسمة في فهم اقتصاد العالم القديم ومجتمعه? فهو الباحث الوحيد الذي صاغ نموذجا?ٍ عاما?ٍ متماسكا?ٍ يمكن فهمه لاقتصاد العالم القديم? وفي الحقيقة? فإن? الهدف الأساسي لكتابه هو أن يبي?ن وبوضوح أن? الأفراد والدول في العصور القديمة كانوا يفكرون بشكل أساسي بلغة سياسية? اجتماعية ونفسية? وثانيا?ٍ فقط بلغة اقتصادية? مركزا?ٍ على النماذج التفسيرية? الدراسات الكم?ية? ونتائج التقنيات الحديثة المتخصصة? ولذلك? فقد جاءت توجهاته متماشية مع الكتابات الجديدة في علم الاجتماع وعلم الاقتصاد? ويقدم لنا الكاتب في كل فصول كتابه نماذج مميزة في الكتابة التاريخية. إذ يعرض الوقائع? يفس?رها? يناقش المفاهيم التي تتعارض معها ثم يتوصل لاستنتاجاته بطريقة منطقية علمية مقنعة.

ولد المؤلف السير موسى إ. فنلي في مدينة نيويورك? وتابع دراساته الجامعية في جامعة سيراكوزا وجامعة كولومبيا? انتسب إلى قسم التاريخ في جامعة كولومبيا طالب دراسات عليا? وعمل باحثا?ٍ مساعدا?ٍ في القانون الروماني فيها? حصل على منصب في جامعة روتجرز عام 1948.. انتقل إلى إنجلترا عام 1955? حيث حاضر في الدراسات الكلاسيكية لسنوات عدة في جامعة كمبريدج. أصبح مواطنا?ٍ بريطانيا?ٍ عام 1962? وعضوا?ٍ في الأكاديمية البريطانية عام 1971? وحصل على رتبة فارس عام 1979? كتابنا الحالي هو من أهم أعماله على الإطلاق? إلى جانب العديد من الكتب والدراسات الأخرى المهمة.

أم?ا مترجم الكتاب فهو د. عبد اللطيف الحارس في طرابلس – لبنان عام 1952?وهو أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية منذ عام 1986 ورئيس قسم التاريخ فيها? حائز على شهادة الدكتوراه فئة أولى في التاريخ من جامعة كولومبيا في نيويورك عام 1985? وله العديد من الكتب المنشورة? ومجموعة من الكتب والمقالات المترجمة? منها كتاب شوكت باموك “التاريخ المالي للدولة العثمانية” وكتاب خليل اينالجك “التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للدولة العثمانية” إضافة إلى أبحاث قدمت في مؤتمرات ثقافية عدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com