كتابات

الفساد ظاهرة اجتماعية وفقا?ٍ لرؤية المجتمع

قال تعالى: (ولا تبغ الفساد في الأرض )…وقال تعالى : (و لا تعثوا في الأرض مفسدين )…وقال تعالى 🙁 أو أن يظهر في الأرض الفساد) …وقال تعالى:( و لا تفسدوا في الأرض )…وقال تعالى: (ويسعون في الأرض فسادا) …وقال تعالى :(كالمفسدين في الأرض )…وقال تعالى : (فسادا?ٍ في الأرض )….وقال تعالى 🙁 لفسدت الأرض).
كل هذا الاستعراض الكريم للآيات الله عزوجل التي ذكر فيها الفساد هي بعض من خمسين أية تشير إلى عموم سعة ما يشمله موضوع الفساد ? فهي ليست ظاهرة فردية أو شخصية ? أو محدودة بمجتمع ضيق أو حالة معينة خاصة ? بل هي ظاهرة مجتمعية تعم المجتمع الإنساني بغالبته ? فالمواضيع التي يطلق عليها القرآن الكريم مصطلح الفساد ? تشمل الظواهر الإنسانية العامة و الواسعة .
لذا توجب على المجتمع المتمثل بالبذرة الأولى غرس مبدأ العمل في نفوس أبنائها باعتبار الحد من صور الفساد قيمة أخلاقية? ليبدأ أفرادها بحب العمل الشريف ليكتسب في أنظارهم قدسية جعلت منه نشاطا جديا له قيمته? بعيدا عن صراع المادة ? والاهتمام بالإنتاج الجيد? والتفنن في الابتكار والإبداع? أن سوء الإدارة في أغلب مؤسساتنا الحكومية بما فيها هيئة مكافحة الفساد إنما يرجع إلى ضعف الضمير المؤسسي لدى الكثير من القائمين على هذه المؤسسات? إذ أننا لانجد لدى القاعدة الأفقية في الوظيفة العامة ولاالعامودية من كبارها في كثير من الأحيان إحساسا بالواجب? وشعورا بالمسؤولية أو رغبة حقيقية في خدمة المواطنين والوطن …!!!بل كثيرا ما نلقى لديهم مظاهر عدم الاكتراث والإهمال وعدم المسؤولية? مما يدل على أنهم لايكادون يتمتعون بضمير مؤسسي.
ففساد الإدارة في معظم أجهزة الدولة ينقسم الى قسمين :
• فساد أفقي أي “فساد صغير “Minor Corruption
ويشمل قطاع الموظفين العموميين الصغار بحيث يتطلب إنجاز أية معاملة مهما كانت صغيرة تقديم رشوة للموظف المسؤول
• فساد عمودي “فساد كبير “Corruption Gross يقوم به كبار المسؤولين ويتعلق بقضايا اكبر من مجرد معاملات إدارية يومية? كما يهدف إلى تحقيق مكاسب اكبر من مجرد رشوة صغيرة
وهو راجع بشكل رئيس إلى فشل التربية المجتمعية في تنمية الضمير المؤسسي لدى الفرد? لنجد أن القواعد الأخلاقية بقيت بمنأى عن دائرة العمل أو النشاط المؤسسي? وأن الإنسان بطبعه ميال إلى انتهاج الطريق الأقصر للوصول إلى غايته? ولكننا نعلم أنه حين تصبح الانتهازية هي ا?َقصر الطرق? فإن المجتمع لابد من أن يتحول إلى بؤرة فساد تتسع باستمرار لتطال جميع مناحي الحياة وتشكل ظاهرة مجتمعية ترتبط بالأخلاق .
فانعدام العدالة الاجتماعية في مجتمعنا قد عمل على إقامة ضرب من التعارض بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة? فأصبحت الأخلاق الاجتماعية تمر بأزمة? فتفشي الفردية? والأنانية وروح المصلحة الذاتية الضيقة يمكن ان نرده الى إحساس الفرد بانعدام شتى الروابط بينه وبين مجتمعه.
ولو كان مجتمعنا ينمي لدى الفرد روح التضامن الاجتماعي ويشعره عمليا بأنه يضمن له أسباب الحياة الكريمة في ظل نظام أخلاقي يحقق المساواة للجميع? لما نشأت لدى الأفراد تلك النزعات الفردية المتطرفة التي تشيع الأنانية والذاتية على حساب المصلحة العامة.
ومعنى هذا أنه لاينبغي لنا ان ننتظر من الفرد تغليب المصلحة الجماعية على مصلحته الفردية الخاصة إلا إذا عملنا منذ البداية على تنمية احساس الفرد “أن مجتمعه في خدمته”…? وأن كل الانظمة الاجتماعية لاتخرج عن كونها وسائل لتنمية شخصيته وتحقيق سعادته ….أما عندما تشيع في المجتمع مظاهر التفرقة والمحسوبية وشتى أعراض الظلم الاجتماعي? فلابد من أن تختلط المعايير والقيم على الناس? وبالتالي لابد من أن يحدث ضرب من الصراع بين المصالح الفردية والمصالح الاجتماعية?وتظهر المجتمعات الفوضوية التي لاتكفل لأفرادها العدالة فتسودها فوضى المعايير? وتنخر في عظامها أدوات الفساد المجتمعي? بيد أن الاخلاق مع الأسف لايمكن أن تفرض على الناس بسطوة القانون? كما أنها لا يمكن أن تترتب بطريقة تلقائية على أي تعديل اجتماعي ? فلاسبيل إذن إلى مواجهة أية فوضى أخلاقية بالإقتصار على إصدار بعض التشريعات أو إدخال بعض التحسينات على الأوضاع الاجتماعية ? وإنما الأمر الذي لا بد منه هو أنه لا بد من إرساء الاخلاق الحميدة في المجتمع
لذلك علينا أن نحشد قوانا الإعلامية بداية من الجامع وإنتهاء بكل تقنيات الاتصال لمواجهة كل مظاهر انحلال السلوك الفردي والجماعي من خلال الاسرة ? وسينشأ بالتالي في المجتمع ككل وعي أخلاقي يقف بالمرصاد لشتى ضروب الفوضى والانحلال والتساهل والتواطؤ والإهمال ويأتي على رأس القائمة محاسبةهيئة مكافحة الفساد
ويبقى بأن لانستغرب بأن هناك من يتداول مصطلح الفساد الاجتماعي كذريعة لتنصل من واجبه المنوط به بل الاستغراب الحقيقي هو كيف يستسلم المجتمع لهذه الكارثة ويتحول مع مرور الوقت من ظاهرة عامة الى ثقافة عامه وينظر اليها باعتبارها أمرا عاديا لا يستحق الوقوف أمامه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com