كتابات

من دخل بدون سقف خرج بدون جدران

قبل واثناء انعقاده لم يكن واضحا?ٍ للشعب اليمني طبيعة وابعاد واهداف مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي اختتم جلساته الشهر الماضي سوى طلب حضور من يمثل المكونات السياسية لحوار مفتوح ليس له محددات معروفة وواضحة? فضلا?ٍ عن رفض اي أفكار او بنود او قضايا تحدد اي سقف لمحتوى المؤتمر بدعوى انها شروط مسبقة بما في ذلك قائمة النقاط العشرين التي تقدم بها بعض المكونات السياسية بهدف التهيئة واثبات وجود حسن نوايا لدى كل الأطراف لفتح صفحات جديدة تزيل كل التراكمات السلبية التي طفحت على المشهد اليمني العام.

اتضح ان هذا الرفض لم يكن عشوائيا او اعتباطيا بل كان مبيتا?ٍ وانتقائيا وعن سبق إصرار وترصد بهدف تمرير مخطط م?ْعد وم?ْقر سلفا?ٍ في سياق استراتيجي عام يسير بخط تراكمي مستقيم ت?ْشرف عليه وتديره وتموله وتنفذه (إدارة العالم) التي تمثلها جهات دولية معروفة بحيث ان تقوم بدورها دون الاعلان الواضح عن نفسها او بما تريد فعله? لكي لا تخدش من كبرياء المجتمعات المحلية التي ت?ْعتبر في نظر هذه الإدارة ليس اكثر من حالات مر?ِض?ية لابد من وضعها في مشافي خاصة تتوفر فيها غ?ْرف إنعاش مركزة يشرف عليها أطباء متخصصون دوليون دون ان يعلم المريض بأنه يمر بفترة علاج مكثفة ومركزة? وعلى هذا الاساس لا يمكن للمريض ان ي?ْعالج نفسه بنفسه لاسيما وهو لا يعرف ولا يعترف بانه مريض اصلا?ٍ فضلا?ٍ عن ان مرضه قد اصبح مستعصيا ومعديا?ٍ أيضا?ٍ. وهذا ما يفسر عدم قبول اي سقوف مقدمة من قبل هذا المريض الذي يعتقد بانه بكامل وعيه وقواه العقلية والجسدية وبان في امكانه وضع اي سقوف فوق جدرانه المهدمة.

هذا مع العلم بان المعالج يدرك بأن العلاج لا يمكن ان يتم كله دفعة واحدة وعليه ان يمر بمراحل زمنية متعددة وعبر تناول جرعات دوائية تتناسب مع كل مرحلة زمنية. ولذلك تم الإقرار بنجاح المؤتمر رغم انه لم يتمكن من إستئصال المرض بشكل كامل? ورغم انه قد فشل بحسب المعايير المتعارف عليها دوليا?ٍ بتقييم نجاح او فشل اي مؤتمر? إلا اننا عندما ندرك ان مؤتمر الحوار لم يكن سوى مستشفى ميداني دون جدران او سقوف محددة نعلم عندها بانه قد قطع شوطا?ٍ لا بأس به في مسيرة العلاج الطويلة.

ومن هذا المنطلق و برغم كل التحفظات التي سجلناها ونسجلها ضد مشروعية هذا المسار السياسي الذي بداء باختطاف الثورة والتوقيع على المبادرة الخليجية وكل النتائج التي ترتبت على ذلك? الا انه لابد من الاعتراف بان علينا التعامل مع المعطى الذي افرزه مؤتمر الحوار وإن كان محدودا?ٍ خاصة?ٍ عندما نعلم علم اليقين بان اليمن قد وصل فعلا?ٍ الى الحالة المر?ِضية آنفة الذكر التي ستؤدي حتما?ٍ الى إندثاره اذا لم يستطع المجتمع اليمني الخروج من هذه الحالة الان لاسيما بعد ان مرت عقود طويلة من الفشل المزري والكارثي دون ان يلوح اي بارق امل في الأفق القريب او البعيد مع وجود مراكز النفوذ المحلية التي تستقوي وتستأسد يوما?ٍ عن يوم ماجعل الحواريين يدخلون دون سقف ويخرجون دون جدران.

bassethubaishi@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com