كتابات

لماذا «مانديلا»?

الحمد لله

لا تقتصر الق?ي?ِم التى أحياها «مانديلا» على قيمة نضاله ضد العنصريين? فقد سبقه إلى ذلك فى جنوب أفريقيا الشيخ المناضل «عبدالله هارون» الذى مات تحت سياط التعذيب فى السجن.

لكن القيمة العظيمة التى أحياها «مانديلا» هى أنه عل?م شعبه? بل أعطى درسا?ٍ للعالم المعاصر فى كيفية تعامل المنتصر مع من عذ?بوه واعتدوا عليه بالعفو والسماحة? وكيف يتجاوز القائد بشعبه مضيق التوقف عند الماضى ليبنى معهم المستقبل.

بينما نسينا «نحن» قول سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم يوم انتصاره لك?ْف?ار قريش الذين عذبوه وعذبوا أصحابه: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»? فكان ذلك سببا?ٍ فى دخولهم الإسلام وإسهامهم فى نشر ق?ي?ِمه السامية فى أرجاء العالم 1.

■ مانديلا عاش مفهوم «عالمية الإنسانية» وجد?ده فى عصرنا? فلم يقتصر على التفاعل مع قضية شعبه? بل استشعر آلام المظلومين فى الأرض دون أن ي?ْفر?ق بينهم على أساس ألوانهم أو عناصرهم أو بلدانهم أو أديانهم? فدعم القضية الفلسطينية فى المجتمع الدولى وقارن بين نضال الفلسطينيين ونضال السود فى جنوب أفريقيا? كما استصدر بيانا?ٍ من مجلس حكماء العالم يدين فيه حصار غزة? ووصف هجوم الكيان الصهيونى على سفينة السلام المتوج?هة إلى غز?ة بأنه لا ي?ْغتفر أبدا?ٍ? وعمل على وأد فتنة بوروندى والحرب التى ذهب ضحيتها أعداد هائلة من البشر? فنجح فى إجراء المصالحة بين الأطراف المتصارعة فيها? ووقف ضد احتلال أمريكا للعراق وهاجم بوش الابن بالرغم من أن الأخير كان قد كر?م مانديلا بوسام الحرية الرئاسى فى نفس العام? فات?هم بوش بأنه يريد أن ي?ْغرق العالم فى هولوكوست جديد? وأنه ذاهب إلى العراق من أجل النفط? وذك?ره بانتهاكات أمريكا القديمة لحقوق الإنسان بإلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما ونجازاكى.

ونسينا «نحن» أن سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم وقف لجنازة يهودى? وأجاب على من قال له: «إنه يهودى» بقوله: «أليست نف?سا?ٍ»? ٢.

وأنه صلى الله عليه وآله وسلم أثنى على ح?لف الف?ْضول وهو حلف?َ ع?ْق?د فى الجاهلية لنصرة المظلوم فقال: «لقد شهدت?ْ مع عمومتى ح?لفا?ٍ فى دار عبدالله بن جدعان ما أ?ْحب أن? لى به ح?ْمر الن?ِع?ِم? ولو د?ْعيت به فى الإسلام لأجبت» ٣.

■ مانديلا حارب الع?ْنصرية باعتبارها رذيلة ولم يجعل حربه مقتصرة على ع?ْنصرية البيض بل رفض أن ي?ْقابل السود هذه الرذيلة بمثلها تجاه البيض فقال: «طوال حياتى وهبت نفسى لصراع الأفارقة وحاربت ضد هيمنة ذوى البشرة البيضاء? وضد هيمنة ذوى البشرة السوداء أيضا?ٍ? وقد قد?رت فكرة الديمقراطية وحرية المجتمع حيث تعيش البشرية فى تناغم ومساواة فى الحقوق? وهى مبادئ أتمنى الحياة من أجلها? ولكن لو كانت إرادة الله فأنا مستعد أن أموت من أجلها».

ونسينا «نحن» أن سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم رفض أن نجعل من ظ?ْلم الآخرين لنا م?ْبر?را?ٍ للاعتداء على أبناء عرقهم أو دينهم فلم يجعل من خيانة يهود بنى قينقاع وبنى النضير ويهود خيبر م?ْبر?را?ٍ للاعتداء على كل يهودى فى المدينة فتوفى صلى الله عليه وآله وسلم ودرعه مرهونة عند يهودى مقابل طعام اشتراه منه? فلم ي?ْقاطعه ولم يستحل? ماله بتبرير أن أبناء عرقه ودينه قد اعتدوا وخانوا ٤.

■ مانديلا أدرك أن الكراهية والبغضاء والعنصرية هى التى تسب?بت فى سجنه ٢٧ سنة فقرر أن يتخذها عدوا?ٍ لد?ْودا?ٍ ع?وضا?ٍ عن أن يجعل حربه دائمة مع الذين ابت?ْلوا بها وتسب?بوا فى نشرها? بمعنى أنه قر?ر أن تكون حربه على المرض وليست على المريض? فقال: «عند خروجى من السجن أدركت أن?ى إن لم أترك كراهيتى خلفى فإننى سأظل سجينا?ٍ»? وقال: «كنت على علم بأن الناس يتوقعون من?ى شعورا?ٍ بالح?ِن?ِق تجاه البيض? لكننى لم أكن أحمل ضغينة نحوهم إطلاقا?ٍ. لقد خف? ح?ِن?ِقى تجاه البيض داخل السجن? ولكن ب?ْغضى للنظام العنصرى تضاعف. كنت حريصا?ٍ أن ت?ِع?ل?ِم جنوب أفريقيا أننى أ?ْحب حتى أعدائى مع كراهيتى للنظام الذى خلق تلك العداوة بيننا».

ونسينا «نحن» أن سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم حذ?رنا من البغضاء وسماها «داء الأمم» فقال: «د?ِب? إليكم داء?ْ الأمم قبلكم الحسد والبغضاء? والبغضاء هى الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر» ٥.

كما نسينا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ص?ل? من قطعك وأعط? من حرمك واعف?ْ عمن ظلمك» ٦.

■ مانديلا أدرك أهمية صلاح القلب? وأن? العقل وحده لا يكفى لإدارة شئون الحياة إذا كان القلب فاسدا?ٍ? ففساد القلب ي?ْحو??ل قوة العقل إلى أداة فساد فى الأرض فقال: «العقل الصالح والقلب الصالح توليفة هائلة دائما?ٍ».

ونسينا «نحن» قول سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم: «إن? فى الجسد م?ْضغة إذا صلحت صل?ْح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله? ألا وهى القلب» ٧.

■ مانديلا كان أول بيت يدخله بعد أن أمضى ٢٧ سنة فى السجن هو بيت صديقه «المسلم» وزميله فى النضال ومحا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com