كتابات

أباء نبلاء وشهداء عظماء

بقلم/ طارق مصطفى سلام

(شهداؤنا عظماؤنا .. شهداؤنا تاريخنا .. شهداؤنا كل أمجادنا) .
سألت أبو الشهيد قائلا : لماذا أرسلت كافة ابنائك العشرة للجبهات وهم فلذات الاكباد, وها هو أحدهم يعود اليوم شهيدا ..
قال لي والدمع العزيز يترقرق في عينيه : بل هو أول شهيد من أبنائي ومن أسرة الحليلي, ولتعلموا جميعا بأن اشقائه كافة المقاتلين في الجبهات هم اليوم مشروع شهادة من أجل الذود عن الشعب والوطن, و يا عزيزي إذا لم نشجع نحن الاباء جميع أبنائنا في الذهاب للجبهات فسوف يأتي الاعداء الينا في منازلنا لذبحنا ونحن أمنيين نيام .. ومن الحكمة وحسن التدبير أن يخرج أبنائنا الغيورين من الشباب القادرين لملاقاتهم في الصحاري وقتالهم في الجبال قبل ان يصلوا الينا في ديارنا المسالمة وينالوا من شيوخنا ونسائنا واطفالنا, فهم أعداء الله وأعداء الوطن وأعداء الدين والحياة, وهم القتلة التكفيريين اللذين نعرفهم جيدا ونعرف بأنهم المجرمين ممن لا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم والمجازر وهتك الاعراض ونهب كل شيء يصادفونه في طريقهم, فهل علمت الان يا رفيقي العزيز لماذا أنا أرسلت جميع ابنائي العشرة للقتال في الجبهات ومواجهة الاعداء الحاقدين المجرمين؟ .
لم ينتظر اجابتي قط, بل أبتعد عني بهدوء ملفت متوجها نحو جنازة أبنه الشهيد البطل, فكانت خطواته واثقة كالجبل الراسخ وقامته سامقة كالطود الشامخ ..
وبعد ذلك ونحن في مقبرة الشهداء في شارع الخمسين تغمرنا مشاعر الوفاء والامتنان للشهيد, وتخفق كل خلجات القلب بلحظات الوداع الاخير, ونجاهد في حبس دموعنا أمام جموع المشيعين حتى لا تنتقص من مهابة الموقف العظيم أو أن تنال من صمود وشموخ أسرة الشهيد.. في تلك اللحظات المهيبة تحديدا وجدت نفسي اتأمل طويلا في ملامح والد الشهيد وهو يقف بكبرياء رجل عزيز يجسد صلابة ذلك اليمني الاصيل في حضرة المقام الرفيع وفي موقفه الشامخ أمام المهام الجسام, ثم وجدته ينحني بحمل السنين فوق جثمان الشهيد مودعا أبنه الغالي بصمت مهيب وهو يُحمل على الاعناق إلى مثواه الاخير ..
نعم, استغرقت كثيرا في ملامح والد الشهيد وما رسمه الزمن القاسي من تجاعيد عديدة على جبينه العتيد هي بمثابة غار الانتصار يكلل محياه البهي, حينها لم أرى في تقاطيع وجهه سمات ذلك الشيخ الضعيف الطاعن في السن أو ما ينبى بالأب المكلوم في مصابه الجسيم, بل وجدت يمانيا شامخا متحديا للظلم والعدوان ورجلا قويا صامدا في مواجهة الغزو والاحتلال, كما وجدت فيه عنفوان الشاب الغيور المتحفز لقتال العدو الغاشم ووجدت فيه ايضا ذلك المقاتل الماجد الذي يدافع عن كرامة الشعب ويذود عن عزة الوطن وسيادته. ¬
ختام : أما عن شهيد الوطن الغالي فهو الشاب المجاهد عبدالله يحيى الحليلي وهو من أبناء مديرية الوحدة في العاصمة الصامدة الحبيبة صنعاء .. وأما والد الشهيد البطل فهو ذلك المواطن الحر أبن اليمن البار الذي رفع رؤوس اليمنيين عاليا عندما قدم النموذج الرفيع في التضحية والايثار وحب الوطن, هو الشيخ المجاهد يحيى أحسن الحليلي من قبائل بني مطر ومن اليمن الجديد الواعد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com