كتابات

اللغة تجسيد للثقافة وتعبير?َ عنها..!!

*ينشأ الشعر حيث تنفتح مغالق النفس بالحنين? والشوق? والذكرى والحماسة? والمثال..
•تندفع الخطابة ساعة يدعو موقف خطير إلى التحول أو التثبت أو الاحتدام.
•تنمو الكتابة في مناخ استقرار الأمة? وانتظام أمور الدولة? وازدهار حقل الثقافة.. فتجئ الرغبة في الترسل تلبية لدواعي المدنية? وتسجيل وقائع السلطة? وتأمين الاتصال بمختلف القطاعات وتعبيرا?ٍ عن الخواطر والتأملات الذاتية في المجتمع والكون..
لذا بدا طبيعيا?ٍ أن يتدرج الأدب العربي زمنيا?ٍ بنشأة الشعر? فالخطابة? فالكتابة تبعا?ٍ لتدرج الشعب العربي من الطفولة فالمراهقة? فالشباب..
•الشعر يقتضي تفجر مشاعر? واندياح خيال…
•الخطابة تستدعي إقناعا?ٍ? وتوجيها?ٍ في موقف خطير..
•الكتابة نتيجة نضج عقلي? وتسلسل منطقي? واختمار ثقافي..
•ثمة عوامل حضارية وفكرية واجتماعية لها علاقة بتطور نوعية الكتابة وازدهار أساليبها? وكل هذه العوامل ليست بمعزل عن ظروف الحياة الإنسانية المحيطة بها? بل إن ارتباطها بواقع الحياة الاجتماعية أمر?َ بالغ الوضوح..
* * *
إن المتأمل لتطور الكتابة العربية خلال القرن الأخير يلحظ ذلك التنوع الهائل في الأساليب ومفاهيم البلاغة والتزيين ودرجات التكرار? والمبالغة? ونوعية الصورة والرموز وتقلص الفجوة بين لغة الكتابة والكلام? بل إن هناك ميلا?ٍ واضحا?ٍ نحو الدقة والاقتضاب في الكتابات الجديدة..
• إن لغة جيل النهضة الأول من ناصيف اليازجي وبطرس البستاني والطهطاوي? تختلف عن جيل مطلع القرن من أمثار جبران ونعيمة وغيرهم? وكلاهما يختلف اختلافا?ٍ شاسعا?ٍ عن لغة الجيل الحاضر …

• اللغة كلما تغيرت- نتيجة تفاعل عوامل معينة في أي عصر – تغيرت بالتالي وطبيعيا?ٍ علاقة الإنسان بها? وقد نشأ ميل واضح للابتعاد عن الذرائعية التزيينية من أجل ذاتها? والاقتراب من الذارئعية القائمة على المنهجية والاقتضاب والدقة في أداء المعاني? والتنوع بتنوع الاختصاصات..
وعلى الرغم من أن العرب لا يزالون يميلون إلى التعبيرية شأنهم في ذلك شأن سائر شعوب العالم الثالث? إلا أن الكثير من التعميمات المبسطة التي يطلقها بعض المستشرقين تنم عن جهل بتطور علاقة العرب بلغتهم..
ومن هذه التعميمات على سبيل المثال
-يقول باحث نفسي هواي شوبي (E. Shauby) في مطلع الخمسينات أن “الأفكار التي تعبر عنها اللغة العربية هي أفكار غامضة ويصعب تحديدها…” وأن هناك نزعة في التعبير العربي “تجعل الفكرة تتناسب مع الكلمة… بدلا?ٍ من جعل الكلمة تتناسب مع الفكرة فتصبح الكلمات بدائل للأفكار وليس تمثيلا?ٍ لها..” وأن النزعة التحليلية ضعيفة في الثقافة العربية فيجري التشديد على الأصوات? ويقرأ الإنسان في اللغات الأوروبية كي يفهم? أما في العربية فالإنسان يجب أن يفهم كي يقرأ”.. وتملئ اللغة العربية بصيغ التوكيد والمبالغة.. والتشديد على التفاصيل دون إعطاء صورة منظمة ومفهومة للكل? فإذا قال عربي ما يقصد تماما?ٍ دون المبالغة المعهودة قد يفكر العرب الآخرون أنه يقصد العكس..”
-وتتكرر مثل هذه التعميمات المجحفة التي تقرب من “العنصرية” في كتابة عدد من الصهيونيين الذين دأبوا على تشويه صورة العرب وثقافتهم في الغرب? يقل أحدهم مكررا?ٍ التعميمات نفسها ومحاولا?ٍ التأكيد على أن من سمات العقل العربي أنه يؤخذ بالكلمات أكثر من الأفكار? والأفكار أكثر من الحقائق..? وهناك أيضا?ٍ محاولات للنيل من الثقافات غير الغربية.. فتقول مجلة التايم في مقاله لها حول العقلية الآسيوية – ما مؤداه.. ” أن الآسيويين بشكل عام قادرون على الاعتقاد أن الشيء ذاته في آن معا?ٍ جيد وسيء? صواب وخطأ? أسود وأبيض? قريب وبعيد? وبأسلوب يذهل العقلية الغربية..”
وقبل أن نأخذ هذه التعميمات بالنقاش أود أن أضيف شيئا?ٍ من كلام بعض المتجرئين على الثقافة العربية والعقل العربي عن اللغة العربية والتي يزعمون أنها لغة شائخة منزوفة الطاقة والمائية? لا تنهض بفكر? ولا تجري في مضمار الحضارة إلى غايتها حتى تلهث? ويبطل?ْ فيها نبض الحرف? وهي عند آخرون لغة جاءت والصعوبة على موعد? فالقاعدة فيها عصية لا تلين? والقانون النحوي إدراكي مثقل?َ لا يتفق والاستجابات العفوية? وبعضهم يقول أنها لغة مريضة عقيمة? والكثير الكثير من الانتقادات القاصرة المبنية على قواعد من الجهل والتي لا يتسع المجال لذكرها..
إن هؤلاء المتعجرفون وأمثالهم من كسالى العقول ومتخلفوا الفكر لم يعرفوا ولم يكلفوا أنفسهم مشقة السؤال عن سبب إنزال الله القرآن باللغة العربية?! هذا من جهة ومن جهة أخرى لم يكلفوا أنفسهم مشقة الإطلاع على الكتب العربية في اللغة ككتب ابن جني وابن فارس والأصمعي والأنصاري والسيوطي وكتب الخليل.. وغيرها من الكتب التي تناولت ما ذكروه واتخذوا منه حجة على الثقافة العربية وعلى العقل العربي..
إن الله سبحانه وتعالى عندما أنزل القرآن جعل أول آية تنزل هي “اقرأ” ولم يقل افهم ثم اقرأ? وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميا?ٍ فالخطاب كان عاما?ٍ شأنه في ذلك ش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com