كتابات

من يحكمنا؟!

بقلم / حمير العزكي

من يحكمنا؟! سؤال قديم جديد لا احد يمكنه تصديق او حتى تخيُّل كم يبلغ عمر هذا السؤال؟! ولا احد أيضا يستطيع مواجهة حقيقة ان أمة بأكملها من اولها وحتى آخرها مازالت تعجز مجتمعة ومتفقة ان تجيب على هذا السؤال الذي وُلِد مع وفاة مؤسسها الأول الرسول الاعظم والنبي الخاتم وحلقة الوصل الاخيرة بين السماء والأرض والمُتَلقِّي والمستضيف الاخير للوحي والروح الامين صاحب الرسالة الأتم والدين القويم الصالح للتطبيق في كل حين حتى يوم الدين.

ولكن المستغرب اكثر ان يظل هذا السؤال معضلة عصية على الحل كل هذه القرون وان تفشل كل تجارب الاجابات المفترضة على صورة اجتهادات نظرا لإدعاء عدم وضوح النص في امر الحاكم او الحديث عن سكوت الشارع الحكيم عن تحديده وهو الذي قال (اكملت) و (اتممت)! وايضا فشل تجارب الاجابات لمفروضة في الاغلب بالمكر والخديعة او بالحرب والسيف والتي تسببت في اعاقة دور الأمة وسفك دمائها وانتهاك حرماتها وتحجيم فاعليتها في العالم.

لقد جربت الامة الاسلامية اكثر من طريقة في ادارة الحكم وكلها لم تنجح في تحقيق النموذج الاسلامي الكامل فالشورى نظرية افتراضية لم تطبق ولو في ابسط صورها ومايسمى اهل الحل والعقد ربما عقدوا بلا ارادة حرة ولكنهم لم يحلوا مطلقا وخلافة الاربعة انتهت بمقتل ثلاثة منهم وماتلاها حكم وراثي عضوض جبري ربما نجح في بعض مراحله كملك ولكنه فشل كنظام وكذلك السلطنة والامارة كلها انظمة فرضتها قوة السيف وليس الشرع الحنيف وكلها بنيت على مظالم وهدمت على هزائم وكل ما انتجته في كل تلك الفترات من حضارات كانت شهوة الملك والتوسع روحها لا قيم الدين القويم.

ومؤخرا ومع الحالة الأضعف والوضع الاسوأ للامة على الإطلاق ومع حالة اليأس التي وصلت اليها من اعادة اي من تجارب الحكم السابقة لعدم انسجامها مع روح الاسلام واحتياجات الانسان وتطورات العصر انطلق ابناؤها للبحث عن اجابة للسؤال القديم الجديد : من يحكمنا؟! ولكن للاسف لم تعد الى الفكر الاسلامي ومرجعيته الخالدة الثابتة المنزهة من التحريف والتبديل بل يممت عقولها شطر الفكر الغربي مبهورة بما حققه من نجاح مادي فجاؤا بالاشتراكية التي فشلت وتخلى عنها ابناؤها والعلمانية التي فصلت الدولة عن دين الكنيسة المحرف وكهنوتها فهل الاسلام دين كهنوت وزيف حتى يبحث البعض عن فصله عن الدولة؟! ومع كل تلك الاخفاقات لم تزل الديموقراطية هي الحلم الوردي الاجمل الذي ينام ويصحو عليه الغالب من سواد الأمة ولكن دون جدوى وكل محاولات تطبيقها أخفقت اخفاقا ذريعا.

ان كل انظمة الحكم التي جُربت في هذه الامة مابين ديكتاتوريات أنتجت ظلما و استبدادا وفسادا وبين ديموقراطيات افضت الى الفوضى والخراب والفساد ايضا ومع كل ذلك ورغم مرارة التجارب السابقة وفداحة خسارتها مازال اغلب الامة يرفضون اعادة النطر والمراجعة لمرجعيتهم الثابته (القرآن) بحيادية وتجرد ويفتشون عن ماورد فيه بهذا الشان وسيجدون الاجابة عن سؤال من يحكمنا!؟ ولو حتى من باب التفكير في الامر ك(حل) ممكن تجربته ابتداءا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com