كتابات

الإعلام حين ينحرف برسالته..?

إذا افترضنا أن الفعاليات السياسية والحزبية تعمل وفق المبدأ الشهير ( الغاية تبرر الوسيلة) فما هي الغاية التي تعمل بموجبها بعض الوسائط الإعلامية , إذا اعتبرنا أن رأسمال أي وسيلة إعلامية هو ( مصداقيتها ) في نقل الخبر والحياد في تحليل وتغطية الخبر , وأن كان فقهاء وعلماء ( الإعلام) يعرفون مهمة الوسائل الإعلامية بكونها هي صانعة (قناعة الرأي العام ) وطنيا وقوميا _ على اعتبار أن للإعلام الوطني والقومي رسالة حضارية وأهداف استراتيجية_ الأمر الذي يحتم على هذه الوسائط الإعلامية أن تقوم بمهمة حشد الرأي العام العربي نحو أهدافه الوطنية والقومية والحضارية وبما يحقق لهذه الأمة أهدافها الحضارية ويمكنها من التغلب علي التحديات التي تواجهها وأبرزها التحدي (الصهيوني) بما يمثل هذا الوجود من عائق أمام تطلعات الأمة الاستراتيجية والاقتصادية والتنموية والحضارية .. لكن ما يؤسف أننا أمام وسائل إعلامية فقدت هويتها المهنية ورسالتها الحضارية والأخلاقية وتجردت من مقومات العمل الإعلامي المهني والحيادي , إذ نجد أنفسنا أمام وسائط إعلامية تعمل على تدمير النسيج المجتمعي العربي وطنيا وقوميا , كما تعمل على إثارة النعرات والنزاعات في الوسط المجتمعي العربي بكل امتداداته الوطنية والقومية , وتمزيق أواصر وروابط هذه المجتمعات ودفعها إلى حالة من الشتات والتمزق والانهيار وعلى مختلف الجوانب الحياتية والحضارية , بحيث لم تترك هذه الوسائط للإعلام (المعادي) للوجود الوطني والقومي للأمة ما يمكن القيام به , إذ تكفلت بعض الوسائط الإعلامية _ الناطقة بالعربية_ بكل ما يفترض أن يقوم به الإعلام المعادي للأمة والمؤسف أن هذا يتم تحت غطاءات براقة ومفاهيم ومعطيات فضفاضة مثل تجذير قيم ومفاهيم (الحقوق والحريات) تنمية القدرات والمهارات الفكرية والثقافية لدى الشباب العربي , تكريس قيم الحريات الديمقراطية والتعبير عن الذات .. كل هذه المفاهيم البراقة التي تتخذها بعض الوسائط الإعلامية العربية للأسف , والتي تعمل بطريقة ممنهجة ومدروسة وخاضعة لتوجيهات إيحائية وخبراء في علم (النفس) يسعون ومن خلال هذه الوسائط إلى خلق جيل عربي (عائم ) في متاهات المخرجات الحضارية الغربية معزولا عن قضايا الأمة ومنهمكا في قضايا ذاتية وفردية تجسيدا لفلسفة رأسمالية حدد ملامحها المفكر الليبرالي ( آدم سميث) ونسفها الفكر الاشتراكي من خلال ( كارل ماركس) وأبرز خطورة هذه الوسائل والأدوات التي تعتمدها الرأسمالية المفكر الإسلامي _ محمد باقر الصدر _ في كتابه الشهير ( اقتصادنا) ..

بيد الوسائل الإعلامية العربية الراهنة والتي تثير جدلا في الوسط الاجتماعي العربي وطنيا وقوميا تلعب اليوم دورا خطيرا في طريق تدمير بقايا (مناعة) مكتسبة لدى الشباب العربي , الذين يجدون أنفسهم في مسار الإيحاءات الإعلامية لبعض الوسائط الإعلامية العربية خاصة تلك التي بلغت مرحلة متقدمة من الشهرة والحضور بحيث غداء لديها تأثيرا على الوعي الجمعي العربي وهنا تكمن خطورتها حيث نرى توجه هذه الوسائط إلى قتل كل بقايا مناعة فكرية أو ثقافية عربية , لتزرع بديلا عنها ثقافة هلامية تحصر قضايا الاهتمام لدى المتلقي العربي في النطاقات الذاتية اي ربط المتلقي العربي بهمومه _اليومية والخاصة _ بمعزل عن قضايا الأمة الجوهرية والتحديات المتصلة بوجودها وحقوقها التاريخية والسيادية وبكل ما يتصل بحقائقها الجغرافية وما يتصل بنسيج الأمة الجغرافي والثقافي والتاريخي والديني والحضاري , وبكثير من الوضوح فأن الدور والرسالة اللذين تؤديهما _مثلا_ قناة مثل ( قناة الجزيرة) يكفي للتأكيد على خطورة هذه القناة التي داست على كل القيم المهنية وعلى كل أخلاقيات المهنة , بل أن قناة ( الجزيرة) أسقطت كل التعريفات العلمية والأخلاقية لمهنة الصحافة والإعلام وبرزت برؤى وفلسفة إعلامية فريدة وغير معهودة , تجاوزت به هذه القناة رؤية وفهم ( جوبلز) وزير إعلام ودعاية ( هتلر) خلال الحرب الكونية الثانية , بما تميزت به القناة من قدرة سخرتها لمخاطبة الغرائز الباطنية لدى (المتلقي العربي) الذي وبعد أن أقنعه الإعلام الليبرالي بضرورة وأهمية التخلي عن قضايا الأمة والوطن والتنكر لكل ما هو ( جمعي) في سبيل الاهتمام والانتصار لكل ما هو (ذاتي) راح هذا المتلقي في الخطوة الثانية يرى لقناة مثل ( الجزيرة) باعتبارها الوسيط (الملهم) وبالتالي برزت نوازع (ذاتية) لدى البعض ممن خرجوا ليرابطوا في بعض الشوارع العربية ليطالبوا برحيل أنظمة وأسقاط أخرى وتمزيق نسيج اجتماعي بدعوى البحث عن الحرية وفرص العيش الافضل وهي شعارات لم يثبت نجاحها في أي بلد بما في ذلك قلعة (الرأسمالية ) ووكر الليبرالية وهي ( أمريكا ) ومعها كل أوروبا حيث الأزمة الاقتصادية الطاحنة والاقتصاد المفلس والبطالة المتنامية والفقر المتصاعد ويكفي أن ( 60 مليون ) أمريكي ينامون على الأرصفة يوميا وأن ( 14 مليون طفل لقيط ) في أمريكا .. وأن 43% من مصارف أكبر دولة في العالم وأكبر اقتصاد است

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com