كتابات

تحييد المؤسسة الأمنية.. حماية للجميع

أن يدعو وزير الداخلية? اللواء الرويشان? كافة أجهزته الأمنية مؤخرا?ٍ إلى الالتزام بواجبها الدستوري والوطني والاخلاقي والمهني في خدمة المواطنين? ويوجه وزارته في هذه الظروف العصيبة بضرورة الابتعاد والنأي بنفسها عن أي صراع أو مواجهات مع- أو ضد أي طرف? فتلك ليست دعوة عابرة? بل صرخة مدوية يجب أن تصل إلى كل الأسماع وتعيها أذن?َ واعية? وعلى الجميع أن يصغوا إليها جيدا?ٍ ويتوقفوا طويلا?ٍ أمام أسباب هذه التوجيهات والظروف التي يتحدث فيها الرجل? حتى يستشعر كل يمني مسئوليته? ويتفهم خطورة المرحلة وجسامة التحديات الملقاة على عاتق هذه الوزارة الصامدة التي ماتزال متماسكة في وجه العواصف منذ2011? وأجهزتها الحساسة- المعنية بأمن المواطن وسلامته!
وحسنا?ٍ فعلت الداخلية في هذه المرحلة العاصفة حين حيدت نفسها عن كل مايجري? فوقفت على مسافة واحدة من الجميع? وقررت الامتناع عن المشاركة او تقديم الدعم أو المساندة المادية او المعنوية لأي طرف او مكون سياسي على اسس حزبية أو مذهبية أو طائفية او مناطقية? محذرة منتسبيها من مغبة القيام بمثل هذه الاعمال او اي اعمال تستند لهذه الأسس حتى لا يعرضوا انفسهم للإجراءات القانونية الرادعة? حفاظا?ٍ على آخر وظيفة للدولة? او ما تبقى منها.
لم يعد أمامنا من واجهة دولة ومهام حكومة تجاه شعبها سوى الوظيفة الأمنية لهذه الوزارة السيادية? باعتبارها الأقرب للناس والأكثر احتكاكا?ٍ بحياتهم اليومية? وهم بالمقابل أحوج مايكونون إليها اليوم? لحمايتهم والحفاظ على ما تبقى من تعايش وسلم اجتماعي وأمن مجتمع!
لقد عم الرعب والهلع كل مكان? وفقد الناس الأمان? فقدوا الأمل? فقدوا الحياة الكريمة? فقدوا الخدمات الحكومية والتموينية والرعائية للدولة? وانهارت أحوالهم المعيشية? ولأول مرة ينتابهم الشعور باليتم والوحشة والغربة والإحباط وفقدان العائل? ويقلقهم الخوف من مصير مجهول في مرحلة عصيبة كهذه.
بات المواطن اليوم أشبه بغريق? يبحث عن قشة يتشبث بها من الغرق في تيار جارف كهذا? يشعر أن الأوضاع مهيأة جدا لانفجار الفوضى الكبيرة وحلول شرعة الغاب واستشراء الجريمة والقرصنة والبلطجة بلا حدود.. ولم يعد أمام الناس من خيط أمل يتعلقون به ويلجأون إليه بعد الله سوى الأجهزة الأمنية للاحتماء بها من مخاوف كهذه ? لنجدتهم وفض نزاعاتهم وحماية أرواحهم وعلاقاتهم الإنسانية ببعضهم والحفاظ على الدماء والأعراض والممتلكات? قبل أن تنفلت الأعصاب وينفرط العقد? ويتكالب الناس على بعضهم? وقبل أن يستغل الشر فراغ البلد من مظاهر الدولة لينقض? على الآمنين بلا رادع!
لكل هذا يظل الناس بأمس الحاجة لصمود وزارة الداخلية ومؤسساتها? يحتاجون لدور قوات الامن الخاصة? وشرطة الدوريات? وامن الطرق والمنشآت? وحماية الشخصيات? وشرطة المرور? وأقسام الشرطة? والدفاع المدني وخدمات الإطفاء والإنقاذ والإسعاف? ومصلحة السجون? والشرطة النسائية? ورؤية النقاط الأمنية وأطقم النجدة منتشرة هنا وهناك? وغيرها من القطاعات الأمنية المعنية بحماية المجتمع وضبط إيقاع الحياة وردع التهور ومنع الأعصاب من التفلت والفوضى العارمة? ليشعر المواطن بالأمان ويجد من يساعده في كل الظروف!
لهذا من المهم القول أن المجتمع بكافة نخبه وشرائحه معني بالدرجة الأولى بالحفاظ على كيان الداخلية لأنها وزارته ومعنية بحياته وأمنه وسلامته? وفي حيادها حماية للناس جميعا?ٍ.. وبالمقابل تدرك هذه الأجهزة أنها تعمل في أسوأ مرحلة وأن ثمة وضعا شائكا وملتبسا?ٍ يجعلها أمام مسئولية جسيمة للغاية? تتطلب منها جهدا?ٍ مضاعفا?ٍ? فالتحريات واليقظة الأمنية مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت لمنع الجريمة قبل وقوعها? وضبط مرتكبيها? وتفعيل مسئولية النيابة والقضاء في كافة المهام الأمنية? وتنشيط التفتيش العام لضمان سلامة الأداء الأمني وكسب ثقة المواطنين بعد أن فقدوا الثقة بكل شيء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com