كتابات

البعض ووهم ” الشرعية الثورية “…?!!

من الغباء الحديث عن ” الشرعية الثورية ” والأكثر غباء أن يصدق البعض شرعية هذا المصطلح ومن ثم يعملوا على تكريسه في مفردات خطابهم السياسي العام ..كثيرة هي العوامل التي تجعلنا _ نقول هذا_ أبرزها لفت عناية أصحاب هذا الخطاب الثوري بأن خطابهم يندرج في سياق الخطابات _ الخشبية – التي لم يعد لمفرداتها مكانا في الذاكرة الجمعية الوطنية , أضف إلى ذلك أن هذا الخطاب الثوري لم يجدى نفعا في بلاد مثل اليمن وهي الحاضنة لموروث ثقافي وحضاري متنوع ناهيكم عن أعراف وتقاليد اجتماعية ضاربة الجذور في الوعي المجتمعي بحيث يصعب التعامل مع خطاب كهذا في إدارة شئون الدولة والمجتمع وإلا لكانت الثورة اليمنية الأم قد نجحت فيما يحاول البعض اليوم فرضه عنوة وتحت قوة السلاح والعصبية القبلية والمذهبية والطائفية والمناطقية , وهي قيم مكتسبة ومتجذرة في وجدان وقناعات دعاة “الشرعية الثورية ” التي تم توظيفها _ جهلا_ في الوقت الخطاء والمكان الخطاء ومن أجل تحقيق أهداف وغايات خاطئة ..!!
” الشرعية الثورية ” فشلت في اليمن في زمان كانت فيه هذه “الشرعية ” سائدة في كل أرجاء العالم , وكان لها قبول اجتماعي والتفاف وحاضنة شعبية ونزوع نخبوي نحو هذا الخطاب ونحو تكريسه في السلوك الجمعي العام , ومع كل ذلك فشل هذا الخطاب واضطرت الثورة اليمنية أن تهادن وتساوم خصومها المفترضين من رموز الثورة المضادة المتمثلة بقوة “الملكية والسلاطين والاستعمار وحلفائهم ” .. ووجدت الثورة اليمنية وبدءا من العام 1967 م تحديدا نفسها مجبرة على التسليم بمبدأ التوافق والاتفاق والتعايش وفق هذه القاعدة وتحت هوامش من القيم الدستورية والقانونية التي توافق عليها شركاء المشهد السياسي الوطني واتفقوا بأن تكون نواة لتأسيس مجتمعي يمني حديث محكوم بعقد اجتماعي يحقق المصلحة الوطنية والسير في طريق بناء الدولة اليمنية من خلال تجسيد مبدأ الشراكة الوطنية التوافقية القائمة على فلسفة التوازنات الاجتماعية والأخذ بمصالح كل الأطراف الوطنية بصورة جزئية وبما يقودنا السكينة الوطنية _ النسبية_ التي لا تحقق تطلعات الجميع لكنها لا تهمش الكل ..!!
بيد أن الحديث عن ” شرعية ثورية ” في خطاب اللحظة من قبل البعض هو شكل من أشكال الاستغفال والاستلاب للعقل الجمعي المتلقي لخطاب كهذا مجبول بكل مفردات السفسطائية السياسية القائمة على تكريس نزوع خاص يحرك أوهام أصحاب هذا الخطاب النرجسي العصي على التحقيق واقعيا كما ترفضه الذاكرة الجمعية الوطنية باعتباره خطاب شوفوني مدمر لكل أواصر الترابط المجتمعي والقاتل لكل مسارات التعايش الوطني ..ناهيك أن الذاكرة الوطنية غدت رافضة كليا لمثل هذا الخطاب من حيث المبدأ والاهداف والغايات والعاجز عن الانتصار لذاته أو لتطلعات من يسوقه ..!!
في هذا السياق نرى أن ما يتحدث به السيد / عبد الملك الحوثي عن هذه ” الشرعية الثورية ” هو حديث مجازي للاستهلاك السياسي وحسب , فالسيد يدرك أن لا ” شرعية ثورية ” له كما هي لم تكون لمن كانوا قبله وهم أقرب لهذا المفهوم من حيث الزمان والمرحلة وقيمها , ومع ذلك لم يتمكن من سبقه أن يترجم هذا الخطاب لقيم وثقافة وطنية ولوا كان هذا حدث مع الثورة اليمنية لما كان السيد عبد الملك اليوم يتحدث عن هذه “الشرعية الثورية ” التي كانت ستكون من حق اولئك الذين صنعوا ثورة فعلية ضد نظامي الإمامة والاستعمار وهي الثورة التي أفرغت من قيمها واهدافها بفعل الكثير من العوامل أبرزها استحالة تطبيق مبدأ أو فكرة ” الشرعية الثورية” التي لا يمكن الحديث عنها في واقع كواقعنا اليمني وفي مجتمع كمجتمعنا الحامل لموروثات قبلية ومذهبية وثقافية يصعب تطبيق فكرة “الشرعية الثورية ” عليه حتى لوا أخذنا بمبدأ تطبيق ” الفكر الثوري الماركسي ” بكل فلسفة الصراع الطبقي وقد حدث بعض هذا فيما كان يسمى بالشطر الجنوبي من اليمن ولمدة عقدين ونيف ليثبت هذا الخيار فشله في الاخير , وبالتالي اتمنى أن لا أسمع خطابات عن ” الشرعية الثورية ” الذي لا يمكن التسليم به إلا في سياق النزق السياسي والمكايدة والابتزاز ناهيكم أن لهذا المفهوم _ الشرعية الثورية _ نواميس وظروف ومفاهيم ومقومات ذاتية وموضوعية _ وكل هذه المواصفات والشروط لا تتوفر فيما هو جارى في البلاد حيث الصراع لم يكون ايدلوجيا وليس له دوافع ثورية أو وحتى دوافع وطنية , بل أن ما يجري وما شهدته وتشهده اليمن منذ العام 2011م هو ” صراع مصالح ونفوذ ” وهو صراع بعيد كل البعد عن مصالح وتطلعات الشعب اليمني مهما قيل في خطابات أطراف الصراع من توظيفات سياسية تعكس حرصهم المزعوم على الوطن الشعب والسيادة والكرامة فكل هذه المصطلحات فضفاضة وسفسطائية ولا تلامس حقائق الواقع وتداعياته هذا من ناحية من الاخرى فأن من يملك الوعي بمفهوم “الشرعية الثورية ” سيكون يمتلك رؤية ومشروع وهدف منذ لحظة خروجه للشارع يطالب بإسقاط , أقول سيكون من تلك اللحظة وقبل إسقاط النظام يمتلك البديل للنظام والجاهزية في إدارة الدولة والمجتمع والسلطة وليس كما

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com