اراء وتحليلات

طفيليات الصحافة والإعلام!

في الأنظمة الشمولية ذات التوجه الإيديولوجي تكون الصحافة والإعلام وسيلة من وسائل ادلجة المجتمع وغسل أدمغة الأهالي ومن ثم تعبأنها كما يريد النظام أو الحزب القائد? وفي كل هذه الصيغ يكون الصحفي أو الإعلامي إذاعيا أو تلفزيونيا أداة وظيفية تتقاضى أجرا محددا لأي نشاط ينفذه حسب فكر ورأي الموجه السياسي أو الإيديولوجي في تلك المؤسسة? مع غياب كلي للرأي أو التعبير عنه بأي شكل من الأشكال منافيا أو معارضا لرأي الدولة صاحبة وسيلة الإعلام.

وضمن تلك الثقافة هناك دوما مجموعة من الضوابط والقوانين التي تحدد مساحات الحرية وتعريفاتها? وواجبات الصحفي والإعلامي بعيدا عن فكرة السلطة الرابعة والنقد إلا في الحدود الموجهة والمسيطر عليها? وبذلك تخضع النصوص والمقالات والحوارات لمجموعة كوابح تقنن مساحات الرؤيا والتفكير إلا بما هو متاح من قبل النظام? وهكذا لا يتعدى واجب الصحفي أو الإعلامي أو الكاتب كما ذكرنا? واجب أي موظف يتقاضى نهاية الأسبوع أو الشهر مرتبه? ولا علاقة له بأي شيء غير ما يملى عليه ويقوم هو بتنفيذه.

وإزاء ذلك كان حلما على كثير من أولئك المهتمين بالشأن السياسي أو الثقافي مما لا يتفقون وأطروحات النظام السياسي الشمولية? الظهور على شاشة التلفاز أو الحديث عبر الراديو أو الكتابة في الصحافة للتعبير عن وجهة نظرهم في تلك الشؤون? وما أن انزاحت تلك الغمامة حتى ظهرت العشرات من القنوات والإذاعات والصحف والمجلات التي تتمتع بمساحات خيالية من حرية الرأي والتعبير? التي رأى فيها أولئك المحرومون متنفسا لهم وساحة حرة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم? حتى فعل الإرهاب فعلته في محاولته إعادة الدكتاتورية مرة أخرى بتصفيته الكثير من الكتاب والصحفيين والإعلاميين الذين لا يتوافقون وأفكار ذلك الدكتاتور المخفي أو المختفي في كثير ممن يحكمون البلاد اليوم?

ولعل ظاهرة الفساد والمفسدين قد توغلت هي الأخرى لتلك الوسائل الإعلامية من خلال كوادر غير كفوءة جاءت بها الحقبة الدكتاتورية والسلوك الأحادي والانتهازي? ومن ثم ظاهرة الانفلات غير المسيطر عليه وما ترتب من قرارات بعد سقوط النظام وبدأ ( الفوضى الإعلامية الخلاقة! ) دون سقف أو حدود أو ضوابط? مما سهل عملية اندساس كبيرة جدا في جسد الصحافة والإعلام? الى درجة تجاوز عدد الصحفيين والإعلاميين العشرة آلاف عضو في العراق? وربما ما يقابلهم في إقليم كوردستان يتجاوز الستة آلاف صحفي أيضا? وإلا كيف لنا أن ندرك أو نقتنع بأن نصيب كل محافظة عراقية كمعدل أو متوسط يتجاوز الألف صحفي (!?) إذ لم يك في القضية سر يجعل كل هؤلاء بقدرة قادر أعضاء في هذه المهنة كما صرح الأكاديمي الإعلامي هاشم حسن قبل فترة? وأحالت هذه المجاميع من ( سواق التاكسي والكسبة وعمال البانزينخانات – محطات الوقود – وبقية أصحاب الحرف والمجاملات الشخصية )* الذين اندسوا الى عالم الصحافة والإعلام وكثير من قنواته الى سوق مريدي للإعلانات والمزايدات والـ بلف ولف الحبال? حيث أصبح حقل الإعلام ساحة لغسل الأموال القذرة ونشر الأفكار الهدامة والسلوكيات المنحرفة من خلال إنشاء العديد من وسائله المرئية والمقروءة او المسموعة!?

ثم كيف نفسر وجود هذا العدد الهائل من الصحفيين والإعلاميين مع دعم مالي كبير سواء من الدولة في هيئة إرسالها أو من الأحزاب ومكاتب إعلامها? ومن بقية المؤسسات التي تدعي استقلالها? وغالبيتها تعاني من ضآلة إنتاجها وانكماش نوعيتها? بل وتقهقر مستمر في أدائها المهني?? رغم ان هذه الكثرة يفترض لها أن تكون ظاهرة ايجابية يمكن توظيفها واستثمارها من اجل إنشاء قاعدة صحفية وإعلامية متميزة للمستقبل?

ولعل أكثر ما امتازت به بعض هذه الوسائل هو تردي أوضاعها وتقهقر أدائها? وانتشار الاستجداء والتدليس مع الذين يتعاملون معهم كوسائل إعلام لإظهار نشاطاتهم أو مداخلاتهم أو مؤتمراتهم بصرف النظر عن أي شيء غير العمولة أو الهدية التي يتقاضوها منهم? يقابل ذلك اختلاس كبير لمكافآت الكتاب والصحفيين الذين يساهمون فيها كوسائل إعلام مكتوب أو مسموع أو مرئي? علما بأنها جزء من ميزانية أي صحيفة أو تلفزيون أو إذاعة? سواء كانت أهلية أو حزبية أو تعتمد التمويل من إعلاناتها? فالمكافآت جزء حيوي من ميزانية تلك المؤسسات? ويقوم الكثير من المسؤولين عليها باختلاسها بأساليب اقل ما توصف به باللصوصية والاستجداء والتحايل? وإزاء ذلك يسأل الكثير عن حقيقة هذه الكثافة العالية بمهنة الصحافة والإعلام مقارنة مع نتاجاتها وما تقدمه وتأثيرها على تطور البلاد? وهل إن هذه الأرقام تمثل كل حقائق الأمور:

6300 عضو في نقابة صحفيي كوردستان?
10000 عضو وأكثر في نقابة الصحفيين العراقيين عدا كوردستان?
أي ما يزيد عن 16000 ألف صحفي في العراق? بمعدل ما يقرب أو يزيد عن 1000 ألف صحفي في كل محافظة?

kmkinfo@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com