كتابات

أسرار العظمة وعظمة الفضيلة ..!!

• يعتقد الكثير من الناس أن ما بلغه عظماء التاريخ الإنساني كان ناجما?ٍ عن مواهب خارقة تفردوا بها عن سواهم خولتهم أسباب المجد والعظمة بيد أن الأمر أبسط وأبعد من ذلك بكثير وليس من سر وراء ذلك سوى أنهم كانوا صغارا?ٍ في عيون أنفسهم وكبارا?ٍ في عيون أنفسهم ? بسطاء متواضعين لم يزدهم ما تعلموه وفعلوه وأبدعوه إلا تواضعا?ٍ كما كانوا في ترفع دائم عن سفاسف الأمور وصغائرها لم يتعصبوا لملة أو لمذهب أو لطائفة أو لقوم ولم يتوانوا لوهلة عما آمنوا به واستقر في قرارة أنفسهم ? ولعل أول سر من تلك الأسرار للعظمة التي بلغوها إن جاز لنا اعتبارها أسرارا?ٍ هو معرفة الذات فهاهو سقراط يخلص إلى الزبدة ويعلن أعظم الدروس وخلاصة التجربة ” اعرف نفسك ” ويقل عليه الصلاة والسلام ” رحم الله امرء?ُ عرف قدر نفسه ” ? رغم ذلك فك?ْسالى العقول ومتخلفوا الفكر يصرون على أن المثابرة والاجتهاد وترويض النفس الجامحة والإنسانية السمحة ” صدفة ” فيما كان ديدن أولئك العظماء لو أنهم فهموا ” نحن من نصنع أقدارنا ” و ” كما في أعماقك هكذا تكون ” ..
• سر?َ آخر من أسرار العظمة هو ما عبر عنه بشار ابن برد عندما س?ْئل ذات مرة : كيف فقت أهل زمانك ? فقال : والله ما ملك قيادي الإعجاب بشيء مما أقول ? ولم أقبل ما جادت علي? به قريحتي عفوا ولم أقبل إلا ما كان منقحا?ٍ معمول النظر فيه ….” أي كأنما كانوا يعانون عقدة نقص?ُ فيما كانوا يقولونه ويفعلونه لأن مغبة الإعجاب بالنفس والغرور وخيمة وليس بعد القمة إلا الهاوية ..
• وسر?َ آخر من تلك الأسرار هو المثابرة والاجتهاد والدؤوب وعدم اليأس أليس ابن حجر من فشل في تعليمه واستيعابه الدرس فعاد خائبا?ٍ إلى دياره وفي طريق عودته صادف أ?ْناسا?ٍ يجرون بحبل غليظ من بئر ومع السحب كان الحبل يحز على حجر فكاد ينقطع فقال : الحبل على غلظه? وشدته بكثرة الحز كاد ينقطع ففهم الدرس وقال : والله لأطلبن أي ليطلب العلم وعاد إلى العلم وصبر واجتهد وثابر وبلغ المجد وصار من كبار العلماء وخلد التاريخ اسمه يقول الشاعر :
أطلب ولا تضجر من مطلب?ُ / فآفة الطالب? أن يضجرا
أما ترى الماء بتكراره / في الصخرة الصماء قد أثرا
* سر?َ آخر من أسرارهم هو التواضع وعدم التعصب فالعظماء يتسمون باللين بل هم صفحة الشاطئ ليونة?ٍ ونعومة?ٍ وشخصياتهم تتسم بالمرونة في التعامل والتواضع أليس عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قال : أخطأ عمر وأصابت امرأة ..!? وأليس سقراط من وجد دارس علم الخطاطة في خطه? أن له نزعة?ٍ نحو السرقة وعندما أ?ْعلن الخبر هاج تلاميذ سقراط وثارت ثائرتهم على ما قيل في معلمهم ولكن سقراط هدأهم وأكد لهم على أن ما قاله دارس علم الخطاطة صواب وأنه حقا?ٍ لديه نزعة?َ نحو السرقة ولكنه استطاع بالعلم والمعرفة أن يهذب من نفسه !?
فأي إنسانية وأي سر وأي عظمة أكثر من ذلك ..!? .
تلك من الأشياء التي يعتبرها الكثير من الناس
أسرارا?ٍ وقوى خارقة ومما لا يدركونه ويستوعبونه أن أولئك العظماء لم يبتغوا المجد وأسبابه ولم تكن العظمة من هواجسهم البتة بقدر ما نشدوا الفضيلة والاستقامة والانشغال بعيوب أنفسهم وإصلاحها ومحاكمة أنفسهم على كل هفوة وزلة وإذا كان المجد طموح شائع ومشروط من حق الناس جميعا?ٍ إلا أن ثمة ما هو أجمل منه ألا وهي الفضيلة وحسب المرء إن فشل في أن يكون عظيما?ٍ فيكفيه من العظمة أن يكون شريف النفس فاضلا?ٍ لا من المفسدين ..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com