أخبار اليمنأخبار وتقاريرأهم الأخبارمحافظاتملفــات سـاخنـــة

حضرموت تتحول إلى مركز الصراع.. تحشيدات مستمرة ومعركة مفتوحة على النفط والسلطة

شهارة نت – حضرموت

تشهد المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي-الإماراتي حالة متصاعدة من الصراع على النفوذ، حيث يعتمد التحالف على أدوات محلية وزعامات قبلية وفصائل مسلّحة تتواجه في سلسلة من المعارك والمنافسات المستمرة في مختلف محافظات الجنوب. هذا المشهد المعقد يعكس حجم التنازع الداخلي المتغذّي على التدخلات الخارجية، ويعيد إنتاج الهيمنة الأجنبية بأساليب جديدة.

وفي هذه الفترة، برزت محافظة حضرموت باعتبارها مركز التوتر الأبرز، بعد أن تحولت إلى ساحة رئيسية للصراع على الثروة والسلطة. فالمحافظة الأكبر جغرافياً والأغنى بالنفط تشهد تصعيداً لافتاً عقب إعلان حلف قبائل حضرموت الموالي للسعودية السيطرة على حقول المسيلة، الأمر الذي فجّر أزمة سياسية وعسكرية وأعاد ملف الثروات النفطية إلى واجهة المشهد.

تعيين المحافظ الجديد سالم الخنبشي جاء كمحاولة لامتصاص التوتر، إلا أنه لم ينجح في وقف حالة الاستقطاب بين القوى المتصارعة. وفي المقابل، شددت الاجتماعات القبلية والعسكرية في حضرموت على رفض أي حشود مسلّحة قادمة من خارج المحافظة، في إشارة إلى قوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتياً.

ولا ينفصل وضع حضرموت عن بقية محافظات الجنوب، إذ تتواصل في أبين الاشتباكات المتقطعة بين قوات الانتقالي والقوات الموالية للحكومة المدعومة من السعودية، خصوصاً في شقرة ولودر التي تحولت طرقها ومنافذها إلى خطوط تماس مرشّحة لاشتعال جديد بفعل التوترات القبلية.

أما شبوة، فتبقى ساحة مفتوحة لصراع النفوذ على موارد النفط والغاز، حيث تتقاطع مصالح القوات الحكومية مع القوات المدعومة من الإمارات على المنشآت الحيوية، ما يجعل المحافظة مرشحة لمزيد من المواجهات طويلة الأمد.

وفي عدن، تتجلى هشاشة الوضع الجنوبي بأكمله، وسط انفلات أمني وأزمات خدماتية متكررة، ورغم المساعي الأممية لفتح مسارات سياسية للحوار، تبقى المدينة تحت وطأة الفصائل المسلحة وتضارب مراكز القرار.

ويتزامن هذا التصعيد مع احتفال اليمن بالذكرى الـ58 لجلاء المحتل البريطاني في 30 نوفمبر، في مفارقة تعكس التناقض بين رمزية التحرر الوطني واستمرار الصراعات الحالية. وفي السياق ذاته، أكدت مصادر إعلامية في حضرموت أن التحشيدات المسلحة تتواصل من قبل القوى الموالية للتحالف بهدف إحكام السيطرة على حقول النفط والثروات المعدنية في المحافظة.

وكانت المحافظة شهدت خلال الفترة الماضية تحركات أمريكية وبريطانية غير مسبوقة، ما يثير تساؤلات حول طبيعة ما يحصل اليوم وبين التحركات الأمريكية السابقة.

حيث شهدت المحافظة انتشار أمريكية جديدة، تركز بشكلٍ خاص في مطار الريان ومنشآت النفط في وادي حضرموت، حيث تتواجد قوات أمريكية مزودة بمعدات مراقبة ورادارات وأجهزة استخباراتية متقدمة، وسط ترتيبات إعادة تفعيل المطار كقاعدة عسكرية مغلقة، حيث يؤكد شهود عيان أن طائرات شحن عسكرية تهبط باستمرار في مواقع حساسة بالقرب من حقول المسيلة، فيما تم نشر فرق أمنية أمريكية داخل خطوط الإنتاج والتخزين.

ويتجاوز هذا الوجود العسكري الأمريكي ذريعة “مكافحة الإرهاب” التي ترفعها واشنطن منذ عقود، ليكشف عن هدف مباشر يتمثل في وضع اليد على الثروة النفطية والغازية لليمن، والسيطرة على موانئ بحر العرب، خصوصًا ميناء الضبة الذي يشكل نقطة تصدير رئيسية وعصبًا اقتصاديًا لحقول حضرموت، إضافة الى منح واشنطن سيطرة نارية متواصلة، كون حضرموت تطل مباشرة على بحر العرب، ومطار الريان يتحول إلى برج مراقبة لحركة الملاحة العالمية، حيث تسعى واشنطن إلى إنشاء شبكة قواعد عسكرية صغيرة داخل حضرموت تعمل وفق “البصمة الخفية”، إذ يتم نشر قوات محدودة مع تقنيات مراقبة واستطلاع عالية الدقة دون إعلان رسمي، بهدف التحكم في الممرات البحرية الممتدة من بحر العرب إلى باب المندب.

ومن ضمن التحركات والزيارات السابقة للمسؤولين الأمريكيين كانت زيارة السفير السابق ستيفن فاجن، الذي عين مؤخرا مسؤولا لمجلس التنسيق المدني بغزة، فكانت زياراته للمحافظة تأكيدا على حجم الاهتمام الأمريكي بالمحافظة الواقعة تحت سيطرة تحالف العدوان السعودي الإماراتي وأدواتهما من الخونة والعملاء اليمنيين.

وخلال زياراته، كان فاجن يركز بوضوح على إعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة، لاسيما مع كثافة الاجتماعات مع مشايخ حضرموت وقيادات من الخونة والعملاء، وهو ما اعتبره سياسيون جزءًا من ترتيبات أمريكية سعودية لإعادة تشكيل السلطة المحلية ضمن مخطط فصل حضرموت عن اليمن، لا سيما في ظل مخطط محاولات الرياض إعادة إحياء مشروع “الإقليم الشرقي” أو “دولة حضرموت” لكن بصيغة جديدة ترتكز على دعم أمريكي مباشر.

وتشير المعلومات إلى أن الرياض تجري مفاوضات غير معلنة مع مكونات حضرمية موالية لها، برعاية أمريكية، في محاولة لإعادة ترتيب الملف السياسي بما يتيح لواشنطن نفوذًا واسعًا في المحافظة، ويحقق للمملكة حلمها القديم في ضم محافظة ثمود النفطية إليها.

ويخدم هذا الانتشار المشروع الأمريكي الصهيوني المشترك الرامي إلى إعادة رسم خارطة النفوذ في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، خصوصًا مع ازدياد التعاون العسكري بين أمريكا وكيان العدو في هذه المناطق الحساسة.

وهنا لا تتحرك واشنطن منفردة في حضرموت؛ فبريطانيا بدورها دخلت بقوة على خط السباق الدولي للسيطرة على المحافظة، فقد عقدت السفيرة البريطانية عبدة الشريف مؤخرا لقاءات رفيعة في الرياض مع قيادات خونة موالية لتحالف العدوان السعودي الإماراتي تحت يافطة “مناقشة الأوضاع في حضرموت”، وهو عنوان دبلوماسي يخفي اهتمامًا بريطانيًا قديمًا ومتجددًا بالنفط الحضرمي، وبثروات الغاز، والموقع البحري الذي يُعد امتدادًا طبيعيًا لمصالح بريطانيا في البحر العربي.

وتسعى لندن لإعادة موطئ قدم لها في الشرق اليمني، خصوصًا بعد أن أصبحت الإمارات والسعودية بوابة النفوذ الأجنبي في المحافظات المحتلة، حيث تكشف الأحداث أن الأطماع الدولية في حضرموت ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى الستينيات حين تعاون الاحتلال البريطاني مع شركة “بان أمريكان” للكشف عن الاحتياطيات النفطية الهائلة في صحراء ثمود، ومنذ ذلك الوقت، ظلت حضرموت هدفًا دائمًا للنفوذ الأمريكي البريطاني، فيما حاولت السعودية مرارًا ضم أجزاء من المحافظة إلى أراضيها.

وفي الوقت الذي تواصل فيه واشنطن تعزيز وجودها العسكري، يقدم تحالف العدوان والاحتلال تسهيلات كبيرة للقوات الأمريكية طمعًا في النفوذ أو الأموال، وهو ما يشكل خطرًا جسيمًا على مستقبل المحافظة وسيادتها، وتؤكد صنعاء مراراً وتكراراً أن حضرموت تواجه اليوم احتلالًا أمريكيًا مكتمل الأركان، وأن الشعب اليمني لن يقبل بأي وجود أجنبي على أراضيه، وأن مواجهة هذا الاحتلال واجب وطني لا يقل أهمية عن مواجهة العدوان في بقية المحافظات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com