كتابات

و?ِع?د?ْ الله … فهل من مت??ِعظ ?

ذات يوم خاطب العقيد القذافي نظراءه العرب في اجتماع دوري لجامعة الدول العربية قائلا?ٍ : لقد سقط صدام حسين وسيأتي الدور عليكم واحدا?ٍ واحدا?ٍ .

رحمه الله – ولا أدري لماذا تستفز الرحمة بعض النفوس ??? !!! – لم يكن يعلم بأن ترتيبه في السقوط سيكون الثالث فهو لم يقل : وسيأتي الدور علينا ولكن قال : عليكم , يعلم الله من هو صاحب الرقم أربعة ممن خاطبهم العقيد الراحل فلربما لن يكون أحد?َ بمنأى عن السقوط المدوي ” فإن? لم ي?ْص?ب?ه?ِا و?ِاب?ل?َ ف?ِط?ِل?َ ” .

من محن الدنيا أنك حين تكون صاحب مركز وسيادة وقول وفعل الكل يأتيك , يخطب ود??ِك ويبتغي رضاك والفائز من يحصل منك على ابتسامة أو يعتبر نفسه محظوظا?ٍ بمقابلتك : البهرجة والقبول والضجيج والم?ْن?ص?ت?ين والأضواء والإعلام والمعجبين , الصادقين والمتملقين المتمصلحين , كلامك بالنسبة لهم ح?ك?ِم درر , وطلتك عليهم سعادة , وتوجيهاتك أوامر , وخدمتك واجب مقدس .

لكنك حين تسقط أو تفتقر تصبح بالنسبة لكل أولئك كرتا?ٍ محروقا?ٍ أو بلا رصيد فلا قيمة لك سترى الكثير يتخلون عنك ويلعنونك ويتهمونك ويشمتون فيك , حتى الزوجة والأولاد والأقارب والأحباب الذين جنوا الخير الوفير عبرك ربما كانوا جزءا?ٍ ممن سبق !!!

لو تأملنا قليلا?ٍ في حال الجماهير التي كانت تتغنى بزعمائها الذين سقطوا صارت تلعنهم , والإعلام العربي والدولي الذي طالما كتب وبرمج وتحدث ومج??ِد صار اليوم يسرد المساوئ والمخازي , فهل كان إعلام يجرؤ على الحديث عن حسني مبارك أو زين العابدين أو القذافي ?! كيف يتعامل اليوم معهم ?!

إن المناصب ليس فيها راحة إلا ثلاثا?ٍ يتبعها العاقل?ْ

حكم?َ بحق?ُ أو إزاحة باطل أو نفع محتاج سواها باطل?ْ

فاصنع جميلا?ٍ ما استطعت فإنه لا شك من و?ِل?ي?ِ الولاية ي?ْعزل?ْ

إن الولاية لا تدوم لواحد إن لم تصدقني فأين الأول?ْ?

روي أن نابليون بعد انتصار الثورة الفرنسية خرجت الجماهير في ساحة الحرية تهتف باسمه , كان نابليون يتابع المشهد وأثناء ذلك قال له أحد قو??ِاده : أنظر يا سيدي كيف تهتف الجماهير لك ? لم ي?ْل?ق? نابليون لكلامه بالا?ٍ ولم تظهر عليه حتى ابتسامة الزهو والنشوة وإنما قال لمحدثه : هذه الجماهير ستهتف ضدي وتلعنني لو تغيرت الأحوال وجاء من ينقلب علي??ِ أو يقود ثورة معاكسة !!! كان نابليون حكيما?ٍ مستوعبا?ٍ لحال الجماهير .

ما أعظم المصيبة حين تفقد الرصيد الشعبي والوطني لتجد العالم الذي كان ي?ْوفر لك الغطاء فجأة يتخلى عنك في أبشع صور العقوق والجحود والنكران , وليس ذلك بغريب فذلك دوما?ٍ ما يستحقه الذين ارتهنوا للشيطان فلسان الحال قول الحق جل وعلا : ” وقال الشيطان لما ق?ْضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ” .

لا إله إلا الله الحال هو الحال في الدنيا ويوم الفصل فالشيطان سيقول ذلك يوم القيامة وشياطين الدنيا يتقمصون الشخصية ويقومون بنفس الدور , فالويل كل الويل لمن سار خلف الركاب .

لم ت?ْر?ِاع? دول الغرب قاطبة يوما?ٍ منذ بروز الزعامات العربية إب??ِان الثورات التحررية الخدمات التي قد??ِمها هذا الزعيم أو ذاك ولا مقدار الإرتهان والعمالة وبيع الثروات واستنزاف المقدرات , ولم تلتفت يوما?ٍ للتضعضع والتفريط والتخلي عن السيادة والقضايا المصيرية بقدر اهتمامهم بحجم المكاسب والمصالح غير عابئين بخضوع ولا خنوع , كما لم تهتم يوما?ٍ بحرمان الشعوب وإذلالها وقمعها ما دامت الأصنام تشكل الضمانة لاستمرار تدفق المصالح والمكاسب والثروات .

لقد تخلى الزعماء العرب عن قضاياهم وفر??ِطوا في سيادة بلدانهم وتخلوا عن قضاياهم مقابل بقائهم ووصول الخير لحواشيهم وبطائنهم .

إنهم اليوم يدفعون الثمن واحدا?ٍ تلو الآخر في أعظم وأروع مواقف العظات والع?بر الحية , إنها حكمة الله بل وعد الله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com