كتابات

حقهم حق وحق البقية مرق

استحضرني هذا المثل في تفاعل الإخوة في أحزاب اللقاء المشترك مع محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح الأستاذ محمد اليدومي ? وهو عمل غادر وجبان لا يقره دين أو عرف أو تقاليد ? ولكن الذي استوقفني هو التفاعل الإعلامي الكبير من قبل وسائل الإعلام التابعة لأحزاب اللقاء المشترك والمناصرين لها? وهذا حقهم بحسب الانتماء الحزبي ولا يمكن أن ينكره احد عليهم? ولكن الغريب في الأمر أن أيا?ٍ من تلك الوسائل التي بدأت تصرخ وتستغيث وتستجدي وتستعطف بالعالم الحر والمتحضر لم يكن لها حضور مماثل في محاولة اغتيال الأخ الرئيس وكبار قادة الدولة في مسجد النهدين وهم يؤدون صلاة الجمعة في أول يوم من شهر رجب الحرام .
بل على النقيض من ذلك حيث لم تكتفي تلك الوسائل عند حد التزام الصمت ( المريب) بل راح بعضها يشكك في محاولة الاغتيال? في حين راح البعض الآخر ينسج حكايات هي اقرب للأفلام منها للعمل السياسي? هذا على مستوى الصحف أما على مستوى الشارع فحدث ولا حرج فقد استبشر بعضهم بضرب بيت الله وكبروا وهللوا ونحروا الذبائح? وأما اليوم وقد نالهم النذر اليسير مما أصاب الأخ الرئيس ورفاقه – عافاهم الله – نراهم يستعرون كالشرر من محاولة اغتيال اليدومي ? وهي بلا ريب دنيئة المقصد والهدف.
الشاهد أن بعض الإعلام المحسوب على أحزاب اللقاء المشترك أصبح يزايد على القضايا? فتارة يضخم ما هو لاعضاءه وان كانت شوكة تصيب إصبع احدهم? في حين أن دم ولي الأمر وقادة الدولة وبيوت الله مستباح عند بعضهم ? فيما البعض الآخر لا ي?ْعيروه أي اهتمام ? فأي معيار هذا الذي يميزون به بين الأحداث الجارية على ارض الوطن .
أنا شخصيا لا ا?ْشكك في محاولة اغتيال اليدومي بل وأ?ْدينها بشدة لأنها أولا ضد رجل يشهد أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله ودم المسلم حرام? وثانيا لأننا ارتضينا العمل السياسي وبالتالي فلغة الرصاص مقيتة ولا وجو لها في هذا الميدان? ولكن الوضع الأمني في اليمن اليوم والذي لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه من تردي إلا بسبب الفوضى واختلاق الأزمات ? والخروج الدولة وولي امرها وعامة الناس بالسلاح? فإذا كان ولي الأمر ذاته لم يسلم من استهداف البعض له في مسجد دار الحكم ? فكيف سيأمن بقية الناس على حياتهم وهم يسيرون في الشوارع? فالحقيقة التي أصبحت واقعا م?ْرا هي أن دماء وأعراض وأموال الناس أضحت مستباحة لا لشيء إلا لأننا ارتضينا الاحتكام للشارع وتركنا الاحتكام للشرع .
لا استبعد إطلاقا أن يتجه البعض لتصفية حساباتهم مع البعض الآخر جسديا طالما وقد ابتعدنا عن القانون واستبدلناه بقانون الغاب الذي يفتك فيه القوي بالضعيف? ولكن ما يجب أن يفهم انه ليست كل محاولات القتل سياسية? ففي الوضع الحالي الذي تمر به بلادنا كل?َ يصفى حساباته مع خصومه ويرمون به فوق شماعة( السياسية)? وليس أفدح من أن ي?ْصفي قلة حساباتهم مع وطن بأكمله? يقطعون عن ساكنيه الماء والكهرباء والمشتقات النفطية? والحمد لله أن الهواء لا ي?ْخزن وإلا لكانوا منعوه عن الناس.
إذا كان البعض يريد أن يصور بان محاولة اغتيال قيادي في أحزاب المعارضة هو ردة فعل لمحاولة اغتيال الأخ الرئيس فهذا وهم وسراب? بل وافتعال أزمة جديدة لغض الطرف عن الج?ْرم الأول? وكم كان ردة فعل الحزب الحاكم رصينة حينما أدان محاولة اغتيال اليدومي? لان المؤتمر تماما كرئيسة فخامة الأخ الرئيس لا يريد تصفية حساباته في الشارع بل عبر صناديق الاقتراع فقط.
إنما نريده هو أن يتجه الجميع نحو صناديق الاقتراع بدل أن يتجهوا نحو صناديق م?ْلئت ذخائر وقنابل ومتفجرات وألغام ? فحمام الدم إذا لم يتم إغلاقه والمتمثل في استهداف رجال القوات المسلحة والأمن والنساء والأطفال والشيوخ الآمنين في بيوتهم والمعتصمين – ورغم أنهم كانوا سببا رئيسيا فيما يحدث – إلا أن دمائهم كدماء البقية معصومة ومحرمة? فالجميع أخوة في وطن واحد.

باحث دكتوراه بالجزائر
mnadhary@yahoo.com

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com