ملفــات سـاخنـــة

تحليل: ملك الأردن عبدالله الثاني في مأزق

قبل نحو 18 شهرا من الآن? عبر وزير أردني سابق لـCNN عن امتنان الشعب في بلاده لـ”نعمة الأمن?” قائلا: “الأردنيون ينظرون حولهم في المنطقة ويقولون لأنفسهم: نحن محظوظون.. فالشوارع آمنة وهناك استقرار.”

وجاءت كلمات الوزير الأردني آنذاك في وقت كانت فيه كل من مصر واليمن في حالة اضطراب? بينما شهدت تونس فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي? وخرج المحتجون الشيعة إلى الشوارع في البحرين.

ولكن حتى في ذلك الحين? كان هناك الكثير من التذمر في الأردن? بشأن أسعار الوقود? والبطالة? والفساد المتفشي? وقد عبر شيوخ العشائر عن خيبة أملهم من الملك عبد الله? الذي خلف والده على العرش في عام 1999.

ففي مدن مثل المفرق? بالقرب من الحدود السورية? والتي تعد عشائرها إحدى دعائم النظام الملكي في البلاد? كان هناك تيار من الاستياء? وخاصة تجاه الملكة رانيا لأسلوب حياتها الذي يوصف بأنه مترف.

وقد أثارت تلك المظالم نفسها? الاحتجاجات الحالية الناجمة عن زيادة مفاجئة وحادة في أسعار المحروقات? بعدما تم سحب الدعم الحكومي. والآن يواجه الملك عبد الله ما يقول محللون في عمان إنه أكبر أزمة حكم في 13 عاما له.

ويقول الكاتب أسامة الشريف? إن الأزمة الاقتصادية تندمج مع المطالب الحادة للتغيير السياسي? التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين.

ولكن الاحتجاجات العنيفة أحيانا التي شهدتها العاصمة عمان وأماكن أخرى هذا الأسبوع? شملت أيضا الشبان في المناطق الفقيرة? وللمرة الأولى هتف المتظاهرون بأن “الشعب يريد إسقاط النظام.”

ويقول الشريف إن الاحتجاجات في الشوارع مثل هذه التي وقعت الأسبوع الماضي? تشير إلى الفجوة المتنامية بين زعماء القبائل وكبارها? وجيل الشباب الذين هم “على موجة مختلفة تماما.”

والشريف وغيره لا يؤمنون بأن النظام الملكي تحت التهديد? فالقوات المسلحة الأردنية? والمؤسسة الأمنية والاستخباراتية تتسم بالكفاءة والولاء بشكل كبير? لكن خطر الاضطرابات يثير المخاوف? ويهدد القليل من الاستثمار الأجنبي الذي يجتذبه الأردن.

ويطالب حزب جبهة العمل الإسلامي? الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين? بإلغاء رفع الأسعار على الفور? ويريد تغييرات في قانون الانتخابات? وإصلاح دستوري يفضي إلى انتخاب رئيس الوزراء مباشرة? دون تعيينه من الملك.

وقد بنت جماعة الإخوان المسلمين التي تعتزم مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة في يناير/كانون الثاني? تحالفات مع جماعات المعارضة الأخرى.

ويبدو أن الحكومة? بوجود خزينة شبه فارغة? وإقرار التعويض للأسر الفقيرة? مصرة على رفع الدعم عن أسعار المحروقات? وهو شرط وضعه صندوق النقد الدولي من أجل إقراض المملكة ملياري دولار أخرى.

وببساطة? لا يستطيع الأردن تدبر الوضع دون مساعدة أجنبية? فالدولة لها دور كبير في الاقتصاد? وهي تشغ?ل أكثر من ثلث القوة العاملة في البلاد? وتدعم أسعار السلع الأساسية التي تستهلك ما يقرب من ربع الإنفاق الحكومي.

وعندما لا تستطيع الحكومة تحمل كلفة الدعم? أو يفرض عليها صندوق النقد الدولي تخفيضه مقابل الحصول على القروض? فإن الأزمة الحقيقية تبدأ.

فكما هو الحال في مصر ودول عربية أخرى? الشارع الأردني شديد الحساسية لسعر الخبز وزيت الطهي? ومعظم الأردنيين يكافحون للعيش? فمتوسط دخل الفرد هو 6500 دولار في السنة.

وقد أثار رفع الأسعار صدمات واحتجاجات في الشوارع الأردنية في عامي 1989 و1996? تماما كما حدث في مصر في عامي 1979 و2007.

وتذكر المشاكل الحالية في المملكة بأحداث عام 1989? ففي ذلك الوقت? تراجعت المساعدات? وتفاقم الإنفاق? وارتفعت البطالة? وكجزء من اتفاق مع صندوق النقد? رفعت الحكومة الدعم عن السلع الأساسية? فاندلعت أعمال شغب في جنوب الأردن? وتحولت بسرعة إلى احتجاجات عامة ضد الحكومة.

وتفاقم الأزمة يبدو مشابها هذا العام? من خلال انخفاض إمدادات الغاز من مصر إلى كمية أقل من خمس المتفق عليه? وقد حاولت الحكومة بالفعل (في أغسطس/آب) معالجة موضوع رفع الدعم? لكنها تراجعت عنه في مواجهة الاحتجاجات.

ورغم افتقاره إلى النفوذ الاقتصادي? إلا أن الأردن مهم للغرب? فالمملكة كانت دائما مؤيدة للغرب? وهي واحدة من اثنتين فقط من الدول العربية وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل? وتقع في قلب منطقة متقلبة? وفي الماضي سمحت بهدوء للجيوش الأمريكية والبريطانية باستخدام أراضيها ومرافقها كنقطة انطلاق.

وما يقرب من نصف سكان الأردن هم من أصول فلسطينية? والنظام الملكي عمل بجد لضمان الهدوء بينهم وبين القبائل المختلفة التي تعيش في البلاد.

وقد أجبرت جغرافيا الأردن? الواقع بين إسرائيل وسوريا والسعودية والعراق? النظام على اتخاذ خيارات صعبة? وأحيانا مستحيلة.

فالوضع الحالي في الأردن? لا يحتمل وجود نحو 200 ألف لاجئ سوري على الأراضي الأردنية? وموقف الملك عبد الله كان حذرا تجاه الأحداث في سوريا? فبلاده تساعد بهدوء المعارضة السورية? لكنها أبقت على سفيرها في دمش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com