كتابات

وداعا استاذ الصحافة اليمنية هشام باشراحيل ..

التقيت بالأستاذ الفاضل هشام باشراحيل رحمة الله عليه لأول مرة في العام 2005 م تقريبا للعمل كمراسلة لصحيفة الايام بصنعاء حينها .

كنت متهيبة من لقاء عملاق كباشراحيل صاحب اكبر مدرسة صحفية في اليمن منذ خمسينيات القرن الماضي وأنا مازلت احبو بصعوبة في بلاط صاحبة الجلالة ( صحيفة الايام ) .

التقيته في مكتب الايام بصنعاء كان يرتدي قميصا عاديا ومقطبا وتعلو على وجهه المجهد ابتسامة اب حنون طلب مني الجلوس فورا كنت مرتبكة وخجولة حينها .

شجعني بكلمات لم انساها ماحييت قال لي : تملكين قلما رائعا وحسا مرهفا في الكتابة ولك مستقبل كبير في الصحافة ..

سألته عن نوعية الاخبار التي يريد مني تغطيتها او المواضيع التي يريدني الكتابة فيها , وأخبرته ان اغلب الصحف لديها توجهات معينة للكتابة .

فضحك من حديثي ونظر الي قائلا بوثوق : ( صحيفة الايام تختلف عن كل الصحف كل ما يحدث امامك وترين انه يصلح خبرا اكتبيه و ارسليه .. يا بنتي لو اثنين في الشارع تضاربوا على قضية ما نقلتي الحدث , ولو صادفك قاتل ابي ولديه قضية او مظلمة اكتبيها على الفور … نحن لسنا ضد احد ولا نكتب لأحد نحن ننقل صوت المواطن نحن صوت من لا صوت له … لاتهمنا احزاب ولا سياسات ولا تعنينا اخبار المسئولين والوجاهات .. الكل في بلاط الايام سواسية … ونحن مع الحقيقة اينما كانت .

عملت بعدها مع صحيفة الايام بحرية لم اعهدها مطلقا لا في السابق ولا في اللاحق من اعمالي كصحفية ومراسلة لعدد من الصحف والمواقع .

كانت كل اخباري تنشر بغض النظر عن محتواها ولم يكن يحذف منها حرفا او يضاف اليها .

وكانت تصلني خطابات او تعليقات تلفونية من استاذ هشام تشجعني او تنبهني الى خطأ او معلومة او صياغة معينة ولم يقل لي يوما لماذا كتبت عن تلك الجهة او ذاك الشخص لا نريد اخباره او نحن لسنا مع ما يطرحه س من الناس , وكان نقده كله حول المادة وطريقة كتاباتها وشاركه في ذلك النقد البناء سكرتير التحرير عيدروس باحشوان , ومع الايام ومع ال باشراحيل صنعت اسمي واصبح لقلمي مكان محترم بين الصحفيين , وحظيت كتاباتي بمصداقية عالية .. لانني كما يصفني البعض خريجة مدرسة الايام وباشراحيل .

كم كان لوقع كلمة ( يا بنتي ) بصوته الحنون الدفيء على مسمعي من اثر لم اسمعها في حياتي قط بتلك الابوة والعاطفة حتى من والدي حفظه الله .. فشخصية والدي القاسية .. جعلتني اشعر بمدى حنان الابوة المفعم بالاحترام والعطف والتشجيع لهذا الاب الرائع والمعلم القدير …

لم التقيه مرة اخرى طوال عملي في الايام حتى اغلاقها الا مرة ثانية حينما جاء الى صنعاء لاكمال عملية بيع منزله والمكتب لصالح بنك التضامن .

يومها كانت لدي مواضيع مكتوبة بخط اليد ( لم اكن حينها استخدم الكمبيوتر والانترنت بعد ) وكنت ذاهبة لتسليمها الى المكتب لارسالها الى عدن , وانا امام البوابة شاهدت العديد من الرجال المسلحين وقد نزلوا من سيارتين وقفتا امام المكتب واعتقدت بانهم مرسلين من البنك لحماية المبنى ممن يدعي انه ملكه , توقفت بسيارتي ونزلت لاضرب جرس المبنى ولكني فوجئت باحدهم يضع فوهة مسدس او بندقية لم استطع معرفة نوعها على مؤخرة راسي وسألني هل انت من بيت باشراحيل فنفيت ذلك سألني هل اعمل لديهم خفت واخبرته اني اتيت لشراء البخور فقط انزل سلاحه وقال : ( قولي لباشراحيل امامه 12 ساعة يغادر فيها البيت مع جهاله والا احنا عنجي ونخرجه من البيت هو وياهم بالقوة ) وانصرفوا جميعا , وكان ذلك على مرأى من ناس كثر كانوا يقفون متفرجين فقط على بعد مترين او ثلاثة فقط .

ضربت حينها الجرس بشكل هستيري وانا ارتعد خوفا وبالكاد فتح الباب لي لان صوت ( وايت ) الماء كان عاليا , اخبرتهم بما حدث لي وانا ابكي وكان في المكتب حينها الموظفين واتى الاستاذ هشام وسمعني وغضب كثيرا حينها لقيامهم بعمل مشين كهذا .. وقال حينها بأستياء ( وصلت بهم الجرأة أنهم يعتدوا على النسوان باب بيتي ) اتصل حينها لقسم الشرطة واخبره ان يأتي بنفسه ليبلغ عنهم ولم يحرك القسم حينها ساكنا تجاه هذا البلاغ , ثم اتصل باشراحيل بشخصيات في بنك التضامن ليحموا المبني الذي اشتروه ووعدوه بالتصرف سريعا ولكن احدا منهم لم ياتي ايضا وكان يقف في باحة المبنى الحارس احمد عمر العبادي .. الذي كان دوما هادئا متفائلا مبتسما يتمتع باخلاق رفيعة وثقة عالية .. حالما سمع ماحدث لي وضع بندقيته ودخل الحمام توضا وصلى ركعتين امامي وطلب مني بعدها اخذ صورة له نطق بالشهادتين وقال اليوم ساؤدي واجبي في حماية هذا البيت وعرض اهله لن اسمح لاحد بان يلمس اسرة با شراحيل بسوء مهما حدث ..

طلب مني الاستاذ هشام حينها مغادرة المنزل قبل ان يعود المعتدين …جلت بنظري للمكان وكأني اودعه يقف امامي باشراحيل بصحته المعلولة ومرضه المزمن وابنه هاني البسيط المتواضع والمسالم بمعنى الكلمة وبقية الموظفين ونظرات الحيرة والارتباك في اعينهم لم يكن يملك احد حينها جنبية حتى ليدافع بها عن نفسه ,

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com