كتابات

مدلولاتُ “مَـنْ أَحَبَّ الحياةَ عَاشَ ذليلاً”

بقلم/ خلود الشرفي

“مَـنْ أَحَبَّ الحياةَ عَاشَ ذليلاً”.. كلمات في الصميم، لها وَقْعٌ في القلب، وحنين في الفؤاد.. ذكريات الشهادة والاستشهاد في أنصع صورها وأبهى حُللها..

“مَـنْ أَحَبَّ الحياةَ عَاشَ ذليلاً” كلمات رنانة، لها صدى في القلوب، وَبريق في الحياة..

جملة قصيرة يؤكّـدها الواقع، وتبرهنها الظروف..

“مَـنْ أَحَبَّ الحياةَ عَاشَ ذليلاً” كلمات انطلقت من قلب مكلوم، ومقهور على أُمَّـة هي آخر الأمم، ومن يفترض بها أن تكون قائدة الأمم، ومربية الأجيال، فإذا بها بعد سنوات من القوة والعزة في رحاب سيد الأنبياء والمرسلين-رسول الله سيدنا محمد صلوات الله عليه وآله الطيبين الطاهرين- فإذا بهذه الأُمَّــة بعد العز والتمكين قد صارت أُمَّـة ذليلة مقهورة خانعة، تتكالب عليها الأمم الكافرة من كُـلّ جانب.. وتستهدفها من كُـلّ صوب.

فلا ضير عندئذ أن نرى مثل الإمام زيد -عليه السلام- يصرخ بكل قوة في وجه الحكام الظالمين، الذين اتخذوا مال الله دولاً، وعباد الله خولاً، ودجنوا الناس لسلاطين الجور، وشذاذ الآفاق.. فيقول عليه السلام جملته الخالدة التي سجلها التاريخ:

“مَـنْ أَحَبَّ الحياةَ عَاشَ ذليلاً”..

كلمات بسيطة تلخص الماضي والحاضر والمستقبل في أدق وصف وأوضح بيان..

أَوَليس هو القائل عليه السلام: والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت..؟!

فأية نفس هذه، وأي قلب يحمل بين جنبيه هذه النفس العزيزة الأبية التي ترفض حياة في ظل حكام الجور، وسلاطين الظلام؟!

بل وأية نفس تحمل مثل هذا القلب الصبور الأبي، والشامخ شموخ الجبال الرواسي؟!

إن الإمام زيد عليه السلام منهاج وثورة ونور يستضيء به المؤمنون في غمرات الموت، ورحى الخطوب..

إن حياة الإمام زيد عليه السلام لهي مدرسة متكاملة، يتخرج منها أساطين العلم، وَبدور الزمان، ولا غرو أن نرى بعد ذلك سادة أهل البيت عليهم السلام يعظمون زيداً، ويشيدون به، وينطلقون تحت رايته رغم أنه أصغر منهم جميعاً..

وها نحن في ظل هذا العدوان الغاشم الذي نعيشه اليوم، فَـإنَّنا هنا معنيون بتجسيد حياة زيد عليه السلام، والسير على الدرب الذي رسمه لنا..

ولنتأمل كلماتِ الإمام زيد عليه السلام والتي ما تزال غُضَّةً طريةً إلى اليوم، وما زال صداها يرِنُّ في الآفاق ليجدد العزم، ويشحذ الهمم في مقارعة الظالمين ونصرة الحق والمستضعفين، ولنردّد سوياً تلك الكلمات الخالدة للإمام يحيى بن زيد عليهما السلام، والتي كانت بمثابة الدافع الذي دفعه للجهاد وعلى خُطَى أبيه حتى نال كرامة الشهادة.. وعلى درب الإمام زيد عليه السلام:

يا ابنَ زيد أليس قد قال زيدٌ

مَـنْ أَحَبَّ الحياةَ عَاشَ ذليلاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com