كتابات

ظهور الشاطر .. ماذا يعني ؟!

بقلم / عابد المهذري :

بالنسبة لي .. ظهور “الشاطر” عندي أهم من ظهور “الزعيم” هذا النهار .. ولو لم يكن هناك من نقطة إيجابية في موضوع إجراء الرئيس الأسبق “علي عبدالله صالح” لعملية جراحية ناجحة ؛ غير إعادة الصحفي الاستاذ “علي حسن الشاطر” للواجهة والشاشة وساحة الصحافة ؛ لكان ذلك يكفي للاهتمام بالحدث الطبي من الشق السياسي الذي يتحدث عنه العالم فيما نحن هنا مشغولون بالاحاديث والحوادث حول شق الصف الابور الخامس ؛ والحبس .

آخر مرة سمع فيها صوت الكاتب الكبير علي حسن في اطلالة ثنائية خاصة ؛ كانت تقريبا قبل نحو 15 عاما ومع علي عبدالله ايضا وبطريقة متطابقة جدا مع هذه الطريقة المتلفزة التي تغير فيها فقط ؛ مايك قناة اليمن الرسمية بمايك قناة اليمن توداي المؤتمرية .. أما زجاجة نظارة ضبط “الشبكية” وكرافتة وخيمة “الشهيد” الحي ؛ فهي هي كما هي ؛ ذهبية وغليظة وماركة فرنسية .

الشاطر قامة صحفية وشخصية سياسية ذات حضور وتأثير ورصيد مهم من العمل ومعايشة الاحداث والمشاركة في صناعة جزء من تاريخ اليمن ؛ كمسئول رفيع ومقرب من هرم السلطة وشاهدا على عصر المتغيرات اليمنية طيلة وقت يناهز نصف قرن بالضبط ؛ منذ بداية عمله مع الرئيس الشهيد “ابراهيم الحمدي” ثم خلفه “احمد الغشمي” ثم “صالح” بعده ثم “هادي” لاحقا ؛ الى آخر أيامه ؛ مديرا لدائرة التوجيه المعنوي ورئيسا لتحرير صحيفة 26 سبتمبر الاسبوعية العسكرية و”ست الكل” كما سماها شيخ الصحفيين اليمنيين “ديك الجن” الراحل “صالح الدحان” بأناقة قلمه الرشيق حينما كان في بلادنا صحف أنيقة وكتاب أنيقون ينثرون مقالاتهم وكتاباتهم على القراطيس ؛ أعمدة وزوايا وابداعات ؛ تحيل رائحة حبر المطابع عطرا يجذب اليه القارئ اليمني كل صباح ومساء ويصنع الازدحام عند اكشاك بيع الجرائد في كل محافظات ومدن الوطن .

غادر العميد الركن “علي الشاطر” بلاط السلطة الرابعة واسوار التوجيه المعنوي في 2012 ذاهبا الى الانزواء بعيدا عن الاضواء .. شاغلا وقته وذهنه وما تبقى من عمره ؛ بالعمل الحزبي والسياسي في “المؤتمر الشعبي العام” .. متمسكا بمجال عمله الصحافي ومهنته الاعلامية وبجوار صاحبه ورفيق دربه الرئيس الصالح الذي قضى لصيقا به كظله عشرات السنين ؛ هو ورفيقه الآخر الاستاذ القدير “عبده بورجي” الغائب عن الانظار والمنقطع الاخبار .. معتكفا في قاهرة المعز وقلبه معلق ما بين تهامة وصنعاء .. نورسا يعشق الغروب ونبض مداد يعانق الاشواق بقلب شاعر متيم بالنيل والنخيل والقات وتراب زبيد .

اختيار الشاطر هذه المرة لأداء مهمة تقديم “الزعيم” للرأي العام برسالة تطمين ذكية تدغدغ عواطف الناس وتوصل الرسائل السياسية المطلوبة لكل الاطراف في الداخل والخارج بلغة “طبية” تنضح بالعاطفة والانسانية .. تخاطب الجميع بأن “العملية” كانت موفقة .. وان الاختيار و”الاختبار” كذلك موفقا .. وان “التوفيق” ايضا مازال يمنح “صالح” المساندة والدعم صحيا ولوجستيا لمواجهة المحن العاصفة بجدارة ومهارة ؛ ويساعده دائما على الخروج الآمن من أصعب التحديات كما ولدت أمه . “ناصية” ثابتة تحتضن بيرق شموخ خفاق .. يرفرف في السماء مطاولا عنان نقم وعطان .

شخصيا .. كنت مطمئنا على سلامة صحة “علي عبدالله صالح” وغير قلق ابدا ولا متوجس مطلقا ؛ مما فزع الآخرين منه خشية على حياة الرجل من أي مكروه .. ومع اطمئناني ذاك .. يمكنني الاطمئنان الآن ؛ على ان صحة “اعلام” الشعبي العام بحالة جيدة وستكون بخير قادما .. مادام الاستاذ “الشاطر” قد استعاد هو الآخر عافيته وصار ينظر الى الأمور الصحفية والاعلامية ويقرأها دون حاجة لاستخدام “العدسة” أو الاعتماد على تقارير ورؤى وتنظيرات الغير من إياهم الذين يعرفهم الفندم علي معرفة “ميكروسكوبية” منذ العدد الصادر ذات خميس ؛ حافلا بوداعية “واد غير ذي زرع” على مساحة “لبنتين” بحجم “صفحتين” وبمانشيت في الغلاف بالبنط العريض ورواج احتفائي بالصفقة المضروبة ؛ فكرة وقضية ؛ يعاكس مضامينها وطقوس صاحبها “علي الشاطر” اليوم ؛ بوفاء نادر وشهامة لافتة ؛ تثبت ان الاوفياء لم يندثروا بعد ولن ينقرضوا مهما جرى وطرأ من ابتلاء وعدوى وفيروسات وباء .. وحتى وان كانت او بقيت “صاحبة الجلالة” لا زالت مريضة وتعاني الوجع وحيدة وأبناؤها ما بين عاق وعاص للأم الرؤوم العليلة !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com