اراء وتحليلات

هذه أنتِ يا بلادي

يخطها / محمد لطف الكبسي

كتبتكِ قصة
على أوراق ذاكرتي
كتبتكِ منذ أعوام
وإلى الآن لم أنتهي
بدأت أكتبكِ في طفولتي
كنتِ هادئة سعيدة
و كأنكِ لا تُعانين من أية مشكلة
كتبتكِ منزلاً لي
بل أصغر من ذلك
كنتِ صغيرة بحجم غرفتي، ألعابي، كُراستي وألواني
كعُصفورٍ كان يغرد
فوق غصنٍ أمام نافذتي
كنتِ
وهكذا كُنتُ أكتبكِ
*****

كبرتُ وكَبُرتِ معي
لكنكِ لم تعودي أنتِ
التي كنت أكتبها
أصبحتِ كقصة قصيرة أنهيتُها
وبدأت أكتبكِ قصة أُخرى
أرض وسماء
ترابٌ وماء
مُدنٌ وقرى…
كبيرة أنتِ
هكذا أصبحتِ
حتى أوراقي
لم تعد تحتويكِ
من أين أبدأ؟!
لم أعد أدري
ثلاثون مليون أنتِ
تحوينهم وتحتويني
هكذا أنتِ.. وهكذا احترت فيك
………………..
أنا فرد له معك رواية
وكل فردٍ له رواية
روايات ملونة، وأخرى مظلمة
روايات شامخة…. وأخرى خاضعة
روايات مختلفة باختلاف أصحابها
لكنك قضيتها ومضمونها
إحدى تلك الروايات
لرجلٍ يمشي بعكازات
اسمه من حرفين، ربما من عدة كلمات
عمره غير معروف من السنوات
رواية من ثلاث صفحات
الأولى حروفها من أمنيات
والثانية من حزن ومعاناة
والثالثة كانت سوداء
لكنها أبلغ من العبارات
مثلها الكثير من الروايات
هكذا يظنونك وهكذا يقال عنك
…………………………….
و رواية أغضبتني
لمرأة تقول إنها أنتِ
من شكلها عرفتها
ورحل عني شكي
كانت جميلة المنظر
زاهية كالشفق الأحمر
لا توحي بالخطر
لكن عندما سمعتها
عرفت بأنها كل الخطر
قسمت روايتها عنك إلى أجزاء
جزء يحكي بأنك امرأة عمياء
ومن يقودك في الطريق هم الأعداء
وجزء ينسب إلى طريقك
الجهل والفقر والعناء
أ أنتِ هكذا؟
لا.. لستِ هكذا
يريدونك هكذا
………………….
جزء كان ككتاب للفيزياء
مبرهنات نسبتها لعلماء
لتفسير معادلة وجودك
قالو حلها …
في قانون يخفي حدودك
وفي اثناء حلها …
تظهر مجاهيل تحجبكِ
يقولون يجب إيجادها
فيبحثون عن
قوانين مُسّلمٌ بها
فيجدون قانوناً
ضرب طرفين في وسطين
وصلوا إلى أن
مجهولاً قيمته اثنين
ولطول الحل
قرروا وضعه في جزئين
جزء يحلك
وجزء يحل فكرك
واُتبعا بملحقٌ
ينفي حقيقة وجودكِ
وهنا الخطر…
فأين أنتِ
وفي الجزء الأخير من روايتها
صورت نفسها فيه على أنها الحقيقة
أنها الحضارة وأنك الوضيعة
أنها الأمان وأنك المخيفة
أنها السعادة وأنك التعيسة
أنها الحرية وأنك العبدة
أنها أنتِ وأنكِ لستِ انتِ
…………
بعد كل هذا
عرفت الحقيقه
عرفت بأنك
قضية عريقة
عرفت كيف
أكتبك رواية فريدة
لا تُكتب
بالأقلام والاحبار
لا تكتب
على الأوراق والأحجار
رواية تكتب
بالبندقيه والنار
حروفها الدماء والرصاص
في نارها الخلاص..
بدمائي ودماء الثائرين
سأكتبكِ أسطورة
تذهل كل العالمين
فهذه أنتِ يا بلادي
وهكذا سوف تبقين
هكذا أنت
وهكذا سوف أكتبك
إلى أبد الآبدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com