اراء وتحليلات

الطبقة العاملة الفلسطينية والأول من أيار ..

بمرور مائة وخمسة عشر عاما?ٍ على ثورة عمال شيكاغو ضد طغم السلب والنهب والاستغلال للقوى الرأسمالية والإمبريالية?فإنه من الهام جدا?ٍ قوله بأن الطبقة العاملة العالمية بتعبيراتها الحزبية والنقابية قد استطاعت أن تحقق العديد من الانجازات والانتصارات?ولكن بالمقابل كان هناك الكثير من الإخفاقات?ونحن نسجل الانتصار الأهم للطبقة العاملة?هو انتصار أحزابها وسلطتها في أكثر من بلد ودولة?كما حصل في انتصار الثورة البلشفية في روسيا القيصرية (ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917 )?والتي بعدها توالت الانتصارات الاشتراكية في أكثر من بلد ودولة?ولكن تلك الحقبة لم تدم طويلا?ٍ?حيث بيروقراطية الأحزاب الشيوعية وجمودها العقائدي ونهجها الشمولي وتغيبها للديمقراطية والحريات من العوامل الهامة التي دمرت تلك التجارب المشرقة والمضيئة في تاريخ البشرية?وليس هذا فحسب فالتغول الرأسمالي ووحوشه الضارية كانت تعمل بلا كلل من أجل أن تطيح بسلطة الطبقة العاملة في البلدان التي تنتصر فيها?وهي لن تتورع عن استخدام كل أشكال القمع والإرهاب والتنكيل حفاظا?ٍ ودفاعا?ٍ عن مصالحها?ومع السقوط المدوي للأحزاب الشيوعية “المتبقرطة” والمتكلسة شهدنا زيادة وارتفاعا?ٍ في حدة الصراعات والتناقضات الطبقية وهجمات شرسة وشاملة على حقوق الطبقة العاملة ومكتسباتها ومنجزاتها?ووجدنا أن الرأسمال وطغمه الاحتكارية لجأ إلى خصخصة القطاعات العامة?وسنت قوانين وتشريعات تسحب وتنقض على الحقوق والمنجزات والمكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة عبر مسيرة طويلة من النضال والكفاح عمدت بالتضحيات والدماء?كما عملت على توحيد ودمج احتكاراتها والتي انتقلت من الإطار المحلي والقطري والقومي إلى احتكارات عابرة للقارات .

والرأسمال لا يقيم وزنا?ٍ لا لمشاعر ولا لعواطف ولا لحياة ولا لصحة البشر?بل في سبيل مصالحه لا يدوس فقط على حقوق العمال وكرامتهم?بل ويدوس على العمال أنفسهم?ويتعامل معهم على أساس أنهم شكل من أشكال البضائع التجارية المعروضة.

ولعل ما يميز الذكرى السنوية هذه لعيد العمال العالمي هو هبوب رياح التغير والانتفاضات الشعبية على عالمنا العربي?تلك الانتفاضات التي حركتها الكرامة والجوع والفقر وغياب الحريات?حركتها ما أوصلتها إليه أنظمة النهب والاستغلال والفساد الى حالة تساوت فيها الحياة مع الموت?حالة دفعت بالمناضل التونسي بمحمد بوعزيزي الى حرق نفسه?ليشكل ذلك إيذانا?ٍ بمرحلة تغير وثورة قلبت كل الموازين والتوقعات?ولتنجح تلك الثورات في الإطاحة بأكثر من نظام عربي وما زالت مفاعيلها ورياحها وتأثيراتها وتداعياتها متواصلة عربيا?ٍ.

هذه الثورات إذا ما وجدت لها حوامل حزبية وتنظيمية وقيادة خلاقة ومبدعة?فهي حتما?ٍ ستبلغ أهدافها وستعيد ليس للطبقة العاملة العربية فقط حقوقها وكرامتها وعنفوانها ومجدها?بل ستعيد الكرامة والعزة لأمة بأكملها?ولكن أيضا?ٍ قوى الثورة المضادة المحلية والمتربصين بهذه الثورات من القوى المعادية وبالذات أمريكا وإسرائيل?سيواصلون العمل وبلا كلل من أجل إجهاض هذه الثورات والانقضاض عليها?وهذا يتطلب التنبه والتيقظ الدائم من قبل قوى الثورة?والتي عليها أن تدك وتفكك كل القواعد والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية لتلك القوى.

أما فلسطينيا?ٍ فلعل من ثمار التغير والثورات العربية?هي بوادر توقيع اتفاق المصالحة بين فتح وحماس برعاية الحكومة المصرية الجديدة?تلك المصالحة التي تأتي استجابة لرغبة ومطلب الشعب الفلسطيني?هذا الشعب الذي عانى وما زال يعاني من انقسام مدمر كان وما زال بمثابة السرطان ينخر في الجسد الفلسطيني.

ونأمل أن تتثبت وتستكمل المصالحة وتنتقل الى ترجمات عملية على الأرض?تجد لها تجليات?ليس في الوحدة السياسية والجغرافية للشعب والأرض الفلسطينية?بل وفي توحيد التعبيرات النقابية للطبقة العاملة الفلسطينية?تلك الطبقة الأوسع والأعراض في المجتمع الفلسطيني?والأكثر تضحوية وعطاءا?ٍ?والأكثر اضطهادا?ٍ واستغلالا?ٍ?حيث تعاني من اضطهاد واستغلال مزدوج ومركب قومي وطبقي?فهذه الطبقة التي شوه الاحتلال بنيتها وتركيبتها?ما زالت حواملها الحزبية والتنظيمية والنقابية ضعيفة?حيث يغيب التنظيم النقابي الحقيقي والديمقراطي?فحتى اللحظة الراهنة كل الاتحادات العمالية هي اتحادات فوقية جاءت واستلمت مواقعها عبر اتفاقيات كتلوية بعيدة عن إرادة العمال ورغبتهم?وهي تتربع على عروشها منذ عشرات السنين?ولا اجافي الحقيقة اذا ما قلت بان العديد منها ليست بالقيادات النقابية الأصيلة?بل والمغتربة عن الطبقة العاملة.

أما حول الاضطهاد الذي تعانيه طبقتنا العاملة الفلسطينية فحدث ولا حرج?فهناك الكثير من الجرائم التي ترتكب بحق الطبقة العاملة الفلسطينية?وتأخذ أكثر من شكل للاستغلال والاضطهاد وامتهان الكرامة?بل وأبعد من ذلك لقمة العيش للكثير من عمالنا مجبولة بالذل والدم?فكأن عمالنا لا يكفيهم المخاطرة بأرواحهم من أجل تجاوز الحواجز وجدران الفصل العنص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com