كتابات

خطورة اليمن اليوم تكمن في ثقافة البديل

المجتمع اليمني عاطفي بطبعه وطبيعته? رغم أن الحالة اليمنية الأخيرة كشفت عن نتوءات أخلاقية دخيلة على قيمه وعاداته وتقاليده? ومع ذلك فإن حالة التعاطف التي لقيها صالح لا تغير في صلب الموضوع شيء? فالقضية قضية تغيير يبحث عنه وطن ظل دهرا?ٍ من الزمن موسوما?ٍ بالتخلف والرجعية والأمية والجهل? وتم الإتجار بأحلامه وأرضه وسماه دون أن يستلم مقابلا?ٍ يرضي كرامته أو يتقدم به خطوة للأمام.
لم ينس اليمانيون الجرح الذي تعرضون له عند التوقيع على اتفاقيات الحدود التي باغتهم بها صالح مع الجارة السعودية دون أن يلمسوا تقدما?ٍ واحدا?ٍ ملموسا?ٍ في مستوى العلاقات اليمنية الخليجية والسعودية تحديدا?ٍ? فعلى مر السنوات الأخيرة وصالح يستخدم سياسة الاستجداء حتى في طلب عضوية الانضمام لمجلس التعاون الخليجي? ذلك المجلس الذي عاف اليمنيون مجرد ذكره لما رأوا من تعالي واضح بين أعضائه على جارتهم التي في أحسن صفاتهم لها (الجارة المريضة) أو (الرجل المريض) دون أن يقدموا ما يعين ذلك المريض على شفائه. من حق العديد من أبناء اليمن أن يتساءلوا عن سر احتواء المجتمع الدولي لصالح وعدم اتخاذ أي خطوات إجرائية بحقه? ببساطة متناهية السبب في ذلك وبرغم كل مساوئ صالح المذكورة والتي تعتبر قطرة في نهر إلا أن البديل للأسف أسوأ مما هو موجود? فالبديل هو مؤسسة دينية تختار من أحاديث النبوة ما يتناسب مع منهجها وترد ما يتعارض? وتفس??ر الآيات على هواها وتقدم ما ي?ْناقض? وهي مؤسسة ظلت طوال عقود من الزمن الماضي تراوح مع نظام صالح مدا?ٍ وجزرا?ٍ في كل منعطفات الحياة السياسية? بل إن لم تكن في كثير من تلك المنعطفات كانت تعد تلك المؤسسة ممثلة بحزب الإصلاح هي العصا التي يهش بها النظام على خصومه كما حصل في حرب 1994 حين فتح معسكراته لعلمائهم ومشائخهم وفي مقدمتهم عبدالمجيد الزنداني ليحث الجنود على مواجهة علي سالم البيض وقادة الجنوب المنادون بالانفصال بدعوى الجهاد ضد الاشتراكية وهاهو اليوم يتم استخدام الزنداني لنفس سيناريو 94 ولكن هذه المرة من قبل حزبه السياسي (الإصلاح) والذي بدأ يلوح بالانقلاب عليه وعلى مخططاته وذلك من خلال معارضته للمجلس الانتقالي ودعوته لإقامة الخلافة الإسلامية مباشرة.
الساسة الموجودون في الساحة اليمنية اليوم أثبتوا فشلهم الذريع في مواجهة صالح للأسف? وخيبوا آمال الوطن الذي كان يراهن عليهم? وفوتوا على الشباب فرصا?ٍ ماكانت ستسنح لهم مرة أخرى? فلا هم الذين تركوهم وشأنهم يخطوا مصيرهم بأنفسهم ويبتعدوا عن ملعب الأحداث? ولا هم الذين كانوا جديرين بأن يأخذوا الكتاب بقوة ليقولوا قولتهم ويعدوا عدتهم.
صالح بوضعه اليوم سواء?ٍ أكان قادرا?ٍ على الحكم أم غير قادر ليس هو المهم? رغم قناعتي الخاصة بعد تكرار مشاهدة مقطع كلمته بأنه قد فقد بصره? وربما بترت ذراعه اليسرى? ومع ذلك فليس هذا هو المهم? وليس الخطورة في عودة صالح أم غيرها? إن الخطورة في ثقافة الحقد الدفين التي يمارسها خصومه تجاه قواعدهم الشبابية وأتباعهم? ذلك الحقد الذي سيأكل به الشعب اليمني بعضه بعض إن لم يترفعوا عليه? فما بعد مرحلة صالح سيكون هناك من ألف فصيل وفصيل يعيشون في اليمن? فإن لم يستوعب الجميع بعضهم فسيتآكلون تباعا?ٍ وسيظل الوطن يعيش في دوامات الانتقام جيلا?ٍ بعد جيل لا كما قال الزنداني بأنها ثورة استعادة وعودة الخلافة الإسلامية? فالخلافة الإسلامية لا تقوم على جيل نانسي عجرم وهيفاء وهبي? ولا يقوم بها شباب يتراقصون في الميادين على الطبل والمزمار ولكنها سنة الحياة تقتضي التغيير وليس شرطا?ٍ أن نقرن التغيير دائما?ٍ بنهاية العالم وبأشراط الساعة وبعلاقات القيامة الكبرى ولنكن أكثر واقعية وهدوء.

* رئيس تحرير شبكة أواصر اليمن والخليج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com