كتابات

قراءة عابرة في مواقف وأدوار تركيا ..?!

إذا تقاطعت المصالح سقطت القيم وغابت الحكمة وغدا النزوع للانتصار الذاتي غاية وهدف بغض النظر عن الوسائل التي قد تتبع للوصول لهذا الانتصار ..?

تركيا بما تقوم به من دور تعيش هذه الحالة , وهي حالة الرغبة الجامحة للانتصار للذات والوصول للغاية المرجوة ويزيد من هذه الرغبة هو الشعور التركي القوي بأن ثمة انتصار غير مكلف يمكن الوصول إليه وتحقيقه كخيار استراتيجي كان حتى وقت قريب يصعب مجرد التفكير به نظرا لما كان يترتب عليه من مخاطر , وندرك جيدا كم هي المرات التي اعتذرت فيها ( أنقرة) ل( القاهرة) أبان العدوان الصهيوني على ( غزة) حين كان الخطاب التركي المتطرف يطغى على حسابات وخطابات ومواقف العواصم العربية وفي المقدمة منها خطاب (القاهرة والرياض) والذي كانت أنقرة تحسب لهما الكثير من الحسابات إضافة لمواقف ودور ورؤية (دمشق) وكان هذا الثلاثي العربي رغم هشاشة الفعل المحوري العربي , يشكل رادعا لكل الطموحات الإقليمية التواقة لملء الفراغ الاستراتيجي في الفضاءات العربية وهو لافراغ الذي أعطي أنقره الكثير من الآمال بعد سقوط النظام في مصر رغم هشاشة ذاك النظام وتحفظ الرياض عن تبعات وتداعيات الأحداث وتقاطع الكثير من المصالح الإقليمية والدولية وتوافقها على إسقاط النظام القومي في سوريا خدمة لأهداف وحسابات ومخططات أبعد ما تكون عن الشعارات المعلنة وهي شعارات لا تخلوا من الجدل وفيها تداخلت كل الحسابات المذهبية والطائفية والسياسية والأمنية والكثير من المزاعم وجميعها لا تبرر هذا التهافت على إسقاط (دمشق) وهو تهافت يذكرنا بأولئك الذين يتخذون من الأحزمة الناسفة جسورا تصلهم بالجنة مع أن للجهاد طرق كثيرة هي أجدى وأنفع من تفجير النفس أو كحالة ذاك الغلبان (التونسي) الذي قيل ان في إحراقه لنفسه أوقد شعلة ما يسمى ب( الربيع العربي) ?? الأمر الذي يضعنا للتساؤل عن جدوى هذا (الربيع) أن كان قام على أشلاء جسد محروق ليس له مفهوم بديننا وقيمنا وتراثنا وكل معتقداتنا غير أن الرجل (قاتل نفسه) وقاتل نفسه للنار هكذا قال الدين وقالت قيمه وأخلاقياته ..?!!

وبعيدا عن هذا السياق وإذا عدنا لقراءة الدور التركي الذي بداء قبل ما تتفجر ما يسمى _ مجازا_ ب( الربيع العربي ) وتحديدا إلى زمن العدوان الصهيوني على (غزة) وكيف قفزت تركيا ( أردوجان) إلى واجهة الأحداث وظهرت وكأـنها حامي حمى العرب والغيورة على مصالحهم ومثلها طبعا كانت ( قطر) مع أن الدولتين ترتبطان بعلاقة وثيقة بالكيان الصهيوني غير أن موقف كل من تركيا وقطر شكلت ما يشبه الطعم للذاكرة الجمعية العربية في لحظة كان الخارطة العربية تعيش حالة (فراغ قيادي استراتيجي ) محوري فالقاهرة بدت شبه عاجزة فيما ( دمشق ) كانت تدرك أبعاد خطورة اللعبة التي تنسج خيوطها حولها منذ الغزو الأمريكي للعراق ودمشق هي من وجدت نفسها في لحظة من التاريخ مجبرة على الدخول في تحالف ( حفر الباطن) أبان الغزو العراقي للكويت حينها وفي لحظتها كانت دمشق أكثر من يستوعب قوانين اللعبة ومدركة جيدا تبعاتها والآتي بعدها من تداعيات درامية فكانت رسالة الرئيس الراحل حافظ الأسد للرئيس الشهيد صدام حسين حافلة بالمعاني المستترة لبعض جوانب اللعبة الجديدة للمحاور الاستعمارية وحلفائها من العرب وطبعا الكيان الصهيوني لم يكون بعيدا عن هذه التحالفات يوما .. وقد مضت الأمور والتطورات الدرامية فيما قدرا لها , لكن برزا دورا إقليميا على هامش الخمول التفاعلي لأوضاع المنطقة العربية وكانت ( إيران) بمشروعها الوجه الثالث في معادلة الصراع على زعامة المنطقة , إذ نرى أن طموحات ( طهران) لا تختلف عن طموحات ( أنقرة) المنافس التقليدي ل( طهران) منذ قرون موغلة وهو التنافس الذ يبرز حين يغيب الدور التفاعلي العربي وتتوارى (القاهرة) عن دورها وحين تجد (دمشق) نفسها مطوق بنوازع محورية تمثله كل من ( طهران) و( أنقرة) وثالثهم ( تل آبيب) وأن كان الصراع البارد ( الإيراني _ الصهيوني) محكوم بقوانين المصالح الاستراتيجية وخاضع لحسابات كل الطرفين فأن دخول ( أنقرة) يمثل تحديا ل( طهران) فيما هو فعل محبذ ل( تل آبيب) التي ترتبط بعلاقة نموذجية مع ( أنقرة) بل أن تحالف المحورين يعود لمرحلة تشكل الدولة التركية على انقاذ الدولة العثمانية التي تفككت بيد محاور النفوذ وحصل ( أتاتورك) على جزءا من غنائم الدولة العثمانية والمتمثل في (لوا الاسكندرون ) العربي كما نالت ( طهران) حصتها في ( الأحواز) فيما تمثل النصيب الاستعماري المحوري ب(فلسطين) التي أصبحت ( وطن قومي لليهود) ..??!

هذه الفنتازيا يمكن لأي محلل التوقف أمامها إذا ما قرر قراءة التداعيات الراهنة والتوقف أمام هذا الصراع المحتدم بين كل من ( تركيا وطهران والكيان الصهيوني) وله روافع إقليمية ودولية وكل بحسب علاقته في وقت نجد فيه أصحاب المصلحة يقفون متفرجين على تداعيات اللعبة بوعي أو بدونه , غير قادرين على خلق معادلة تفاعلية تجبر الأطراف المعنية بالبقاء بعيدا عن ملعب ليس لهم فيه حضورا وأن ك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com