اراء وتحليلات

رأي في حقيقة زيارة الوفود العراقية الى “إسرائيل”

مقالات

لسنا هنا في وارد سرد المواقع والشخصيات وحتى الجهات “الاسرائيلية” التي روجت لهذه الرواية، فهذه المرة يبدو ان هناك تنسيقا بين كل هذه الجهات، ومن بينها وزارة الخارجية “الاسرائيلية” للخروج برواية واحدة متفق عليها، بهدف زيادة زخم “مصداقيتها”، والحيلولة دون تسلل الشك الى قلب المتلقي.

من الواضح ان “التنسيق بين الجهات الاسرائيلية” حول الموقف من هذه “الزيارات” المزعومة، هو ملفت الى درجة كبيرة، الامر الذي يثير علامات استفهام كبيرة، حول حقيقة هذه الزيارات، التي عادة ما تمتنع “اسرائيل” عن الاعلان عنها، لا من اجل الحفاظ على سمعة من يزورها، بل من اجل تحفيز وتشجيع اصحاب النفوس الضعيفة والمهزومة في البلدان العربية لزيارتها، بهدف خلق حالة يزول فيها قبح هذا العمل الشنيع.

رغم اننا لا نميل للانكار المطلق لاحتمال قيام شواذ من العراقيين بزيارة “اسرائيل”، الا اننا نشكك كثيرا بعملية تضخيم المناصب والدور السياسي لهؤلاء الشواذ في النظام السياسي العراقي، من قبل “اسرائيل”، فمن غير المنطقي والمقبول ان تجازف شخصيات عراقية سياسية معروفة كالتي ذكرتها “اسرائيل” بالقيام بزيارتها، وهي تعرف انها حكمت بذلك بالموت على مستقبلها السياسي، كما انها ستخون قاعدتها الشعبية التي انتخبتها، في حال النواب، نظرا للرفض التقليدي للمجتمع العراقي لاي فعل يصدر من اي شخصية عراقية يُشم منها رائحة التطبيع مع العدو الصهيوني.

النظام السياسي العراقي، ليس كبعض الانظمة السياسية العربية التي تتسابق فيما بينها للتطبيع مع “اسرائيل” ، فهذه الانظمة اشبه ما تكون بكيانات اقيمت على رمال متحركة، لا تحكمها اي ثوابت، وليس لديها اي جذور شعبية، لذلك ترى في التطبيع مع “اسرائيل” ضمانة لبقائها ودرعا يقيها غضب شعوبها، فالعراق اليوم هو ضمن محور يناهض كليا المشروع الامريكي في المنطقة، وهو مشروع قائم على أمن “اسرائيل” ، فالتطبيع مع “اسرائيل” في العراق يعتبر خطا احمر وشيئا محرما، لن يجرؤ على تجاوزه الا من اصيب بالجنون او العته.

السبب الرئيسي والاهم الذي يجعل العراق بلدا محصنا امام اي محاولات للتطبيع مع “اسرائيل” ، هو وجود صرح المرجعية الدينية ، التي ترى في “اسرائيل” كيانا غاصبا للارض والعرض والمقدسات الاسلامية، وفي مقدمتها اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وترى في العمل على تحرير فلسطين والقدس الشريف من الاحتلال الصهيوني واجبا دينيا يقع على عاتق العرب والمسلمين قاطبة.

كل ما ذكرناه لا يعفو النظام السياسي في العراق من اتخاذ موقف جاد وحازم من الرواية ”الاسرائيلية” ، والتحقيق في كل جوانبها، رغم كل تهافتها، واتخاذ كل الاجراءات القانونية بحق من تثبت ادانته، نظرا لوجود دور سلبي لبعض الانظمة العربية التي تحاول شراء ذمم بعض ضعاف النفوس داخل العراق، وهم قلة قليلة، ودفعهم للقيام بسلوكيات تتناقض ومصلحة العراق العليا، كزيارة “اسرائيل”، لجر العراقيين الى فتن ومحن، ولرفع الحرج عن تلك الانظمة التي تلهث وراء “اسرائيل” للتطبيع معها، واظهار الجميع على شاكلتها.

الضجة التي اثارها خبر الزيارة المزعومة لوفود عراقية الى “اسرائيل”، في الشارع السياسي العراقي وفي الشارع العراقي بشكل عام، هي حالة صحية، اثبتت ان الجسد العراقي مازال سليما معافى رغم كل الجراح التي اصيب بها، بسبب الطعنات التي تلقاها من اشقائه قبل اعدائه، فهذا الجسد لم يفقد ابدا القدرة على التفريق بين الاعداء والاصدقاء، وستبقى بوصلته، تشير الى “اسرائيل”، كعدو للعراق وللامتين العربية والاسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com