كتابات

الحوار الجاد والصادق مخرجا للأزمة

أخي القارئ الكريم أخي المحاور الذي ينش نجاح الحوار الهادف والبناء من
أجل إقامة وطن ناجح أخي المحاور كيف تقيم حوارا?ٍ مع الآخر والآخر هنا قد
يكون صديقا?ٍ أو أخا?ٍ أو زميلا?ٍ أو مسئولا?ٍ أو منافسا?ٍ لك في العمل والفكر
المهم أن الحوار في حد ذاته له أصوله وقواعده وأسسه ينبغي لك إذا كنت
تريد أن يكون لك شأن في هذا الكون أن تتعرف على معالم الحوار وثقافته حتى
تدرك بعد ذلك أهميته وقدرته الهائلة في إيصال المعلومة أو الفكرة أو
الرأي لدى الآخرين وكذلك يعطي انطباعا للآخر بأنك إنسان متحضر تدرك أبعاد
الحوار واحترام الآخر لذلك فعلى من يريد أن يكون إنسانا?ٍ متطلعا?ٍ ويزيد
من ثقافته وقدرته الاقناعية سواء أكان ذلك صحفيا?ٍ?ِ أو أديبا أو كاتبا?ٍ أو
رجل أعمال أو مسئولا أو مديرا?ٍ ناجحا عليه أن يدرك أهمية الحوار أولا?ٍ ثم
أصوله وأسسه وقواعده .
ثانيا?ٍ وأخيرا?ٍ احترام الطرف المعاكس أو الآخر وفي السطور القادمة معالم
الحوار وأهميته ينبغي التعرف عليها والتعود عليها وأخيرا?ٍ الالتزام بها
عندما يكون هناك حوار أو نقاش .
فما هي إذا?ٍ ثقافة الحوار ?!!!
ففي الأساس لا يكون الحوار إلا مع الآخرة وتحديدا?ٍ مع الآخر المختلف إن
هدف الحوار هو شرح وجهة النظر وتبيان المعطيات التي تقوم عليها وفي الوقت
نفسه الانفتاح على الآخر لفهم وجهة نظره ثم التفاهم معه ذلك بأن التفاهم
لا يكون من دون فهم متبادل . والحوار هو الطريق إلى استيعاب المعطيات
والوقائع المكونة لمواقف الطرفين المتحاورين , ثم إلى تفاهمهما .
ففي ثقافتنا الإسلامية أن من اجتهد وأصاب الحق فقد أ?ْجر أجرين أجر
الاجتهاد وأجر الإصابة للحق , ومن أجتهد وأخطأ فقد أجر أجرا?ٍ واحدا?ٍ
لاجتهاده لو لم يؤثم على ( الخطأ) نفهم من ذلك أن الاجتهاد , كأي عمل
فكري إنساني , مفتوح على الخطأ والصواب فهو ليس مقدسا?ٍ ولا مطلقا?ٍ ولا
ثابتا , بل هو إنساني محدود ومتغير درايي صحيح يحتمل الخطأ ورأي خطأ
يحتمل الصواب نفهم من ذلك أيضا?ٍ أنه ليس لأحد أن يدعي الحقيقة المطلقة
كما تدعيه أضراب اللقاء المشترك كما لمسناه من بياناتهم ولقاءاتهم
مؤتمراتهم وندواتهم التي أكثروا علينا من ضجيجها وزعيقها فأقول لهم على
رسلكم فإن الوطن محتاجكم كلكم ومحتاج لهدوئكم وعقلياتكم وليس له أن يخطئ
الآخرين لمجرد اقتناعهم برأي مخالف . فالحقيقة نسبية والبحث عن الحقيقة
حتى من وجهة نظر الآخر المختلفة , طريق مباشر من طرق المعرفة وهو في
الوقت نفسه أسمى أنواع الحوار .
إن الحوار أيها العقلاء يا من تريدون مصالحة الوطن والمواطن وتدأبون ليل
نهار من أجل إعزازه وإخراجه من المحنة التي حلت بسمائه يتطلب منكم جميعا?ٍ
أولا?ٍ وقبل كل شيء الاعتراف بوجود الآخر المختلف , واحترام حقه وليس في
تبني رأي أو موقف أو اجتهاد مختلف فحسب , بل احترام حقه في الدفاع عن هذا
الرأي أو الموقف أو الاجتهاد , ثم واجبه في تحمله المسؤولية ما هو مقتنع
به , وهو تعريف لا يمكن أن يتم في معزل عن الأنا , إن فهم الآخر ثم فهم
التفاهم معه , لا يحققان من دون أن نوفر مكانا?ٍ رحب للآخر إن الحقيقة
ليست في الأنا إنها تتكامل مع الآخر حتى في نسبيتها وهي لا تكتمل في
أخلاقيتها إلا بالله . والحوار مع الآخر المشتاق للأنا وإضاءة ساطعة على
الثغرات والنواقض التي لا تخلو منها شخصية إنسانية . ولذلك يقول الفيلسوف
الفرنسي دجان بول سارتر : ( دول الآخر هو وسيط بيني وبين نفسي , وهو
مفتاح لفهم ذاتي والإحساس بوجودي ).
فإذا أمتلك أطراف الحوار الحرية الكاملة فأول ما يناقش فيه هو المنهج
الفكري ـ قبل المناقشة في طبيعة الفكر وتفاصيله في محاولة لتعريفهم
بالحقيقة التي غفلوا عنها , وهي أن القضايا الفكرية لا ترتبط بالقضايا
الشخصية فلكل مجاله ولكل أصوله التي ينطلق منها ويمتد إليها : ( وإذا قيل
لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان
آباؤهم لا يعقلون شيئا?ٍ ولا يهتدون ) [البقرة/170] كما لا بد لكي ينجح
الحوار من أن يتم في الأجواء الهادئة ليبتعد التفكير فيها عن الأجواء
الانفعالية التي تبتعد بالإنسان عن الوقوف مع نفسه وقفة تأمل وتفكير ,
فإنه قد يخضع للجو الاجتماعي ويستسلم لا شعوريا?ٍ مما يفقده استقلاله
الفكري : ( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا
ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي? عذاب شديد ) [سبأ/46] ,
فاعتبر القرآن الكريم اتهام النبي بالجنون خاضعا?ٍ للجو الانفعالي العدائي
لخصومة , لذلك دعاهم إلى الانفصال عن هذا الجو والتفكير بانفراد وهدوء .
والمنهج القرآني الحوار يرشد إلى إنهائه بمهمة وأداء رسالة يبقى أثرها في
الضمير , إن لم يظهر أثرها في الفكر أنه أسلوب لا يسيء إلى الخصم يؤكد
حريته واستقلاليته ويقوده إلى موقع المسؤولية ليتحرك الجميع في إطارها
وينطلقوا منها ومعها في أكثر من مجال .
إن في ثقافة الحوار في الإسلام آدابا?ٍ وقيما?ٍ ومنهج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com