كتابات

رمضان… في قفص الإتهام

الصوم عبادة روحية ? ومدرسة ربانية جعل الله مراتبها عالية , وأسرارها عظيمة , حتى كان الهدف الأسمى منه هو التقوى , كما في قول العلي الأعلى : ” كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ” ? ومن الآية يتبين الهدف الرباني العظيم , ومن الحديث القدسي : ” كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ” , فما أعظم الصوم , وما أرفع مكانته وقدره عند الخالق جل وعلا .

في هذا الشهر الكريم? وخلال هذه الدورة الروحية العبادية تكثر المشاكل والفتن وتزداد العداوات وتضطرم الحروب والمنازعات لأتفه الأسباب وأحقرها والسبب في ذلك كله – في نظر الصائمين واللائمة على الصوم :

ü كم من الدماء تسفك وكم من الأرواح تزهق وكم من الأعراض والحرمات تستباح وكل ذلك بسبب الصيام ?

ü كم من الأسلحة ت?ْش?ه?ِر?ْ وكم من الهراوات تظهر وكم من الوسائل المحرمة ت?ْستخدم . فلماذا ?

ü ألم ي?ْط?ِه??ر? الله القلوب بالإيمان وينزع الغل والحسد والشقاء بآداب القرآن والسنة ?

ü ألم يبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرمة سفك الدماء وهتك الأعراض واستباحتها بقوله :

” دماؤكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ” ?.

ü ألم ي?ْج?ِر??م النبي (ص وآله) هذه الأفعال الشنيعة بقوله : ” سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر ” ?.

ü ألم ينه عن ذلك ?

ü ألم يقبض النبي (ص وآله) يوما?ٍ بتلابيب الكعبة وأستارها ويصرخ : ” والذي نفسي بيده لهدمك حجرا?ٍ حجرا?ٍ أهون على الله من هتك عرض مسلم بغير وجه حق ” ?

ü فما الذي بقي وما الذي سيردع ?

هذه أقوال وتعاليم وشريعة سيد الكائنات وليست نظريات سقراط أو أفلاطون أو م?ْن?ِظ??ر بشري يصيب ويخطئ وإنما هو البشير النذير ” إن هو إلا وحي يوحى ” .

إنها أقوال من لا ينطق عن الهوى .

نظرتنا لرمضان : –

أيها المؤمنون الصائمون : دماء المسلمين وأعراضهم عند الله م?ْك?ِر??ِمة محترمة , ولا يحل سفكها وانتهاكها إلا بأحكام شرعية , وذلك والله هو الفارق الكبير والبون الشاسع بين الماضي والحاضر ? لأن الماضي بالحاضر لا ي?ْقاس من خلال التطور التكنولوجي والفضائي والتقدم المعلوماتي طالما أن الدمآء مهدورة والأعراض مباحة فالمقياس والمنظار الذي نرى من خلاله هو السلوك وذلك الذي كان في الماضي يناطح عنان السماء واليوم يكاد يندر أو لا وجود له .

هل ترى اليوم جماعة إلا وهم يتباغضون ويتنازعون بصدور موغورة وأنفس مغرورة وألسنة أل?ف?ِت السباب والشتائم , وكل ذلك في نظر من يد??ِعون الصوم بسببه , وصدق المعلم العظيم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله حين قال : ” رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ? ورب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ” وأنواع السب في رمضان كثيرة وأساليب الشتم عديدة والفاسق ماهر بجرح العواطف وتدنيس أعراض الأبرياء وصدق الله العظيم : ” بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ” .

نسي الناس بجهلهم وصية نبيهم الصادق المصدوق الأمين (ص وآله) : ” ألا لا ترجعوا بعدي كفارا?ٍ يضرب بعضكم رقاب بعض ” ألا يعلم من ي?ْش?هر سلاحه في وجه أخيه وهو يد??ِعي الصوم أن رسول الله (ص وآله ) قال : ” لا ي?ْش?ر? أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار ” .

وقد رأيت في رمضان قتيلا ?ٍ يسبح في بركة من دمائه بأحد الأسواق بسبب خمسة ريالات يمني فقط ? وقتيلا ?ٍ آخر قبل أذان المغرب بسبب ثلاثين ريالا?ٍ فقط ? فما هذا الذي يفجع ويصيب الإنسان بالذهول والخوف ? هل صار الصوم م?ْت??ِه?ِم?ِا?ٍ إلى هذه الدرجة في نظر الصائمين وهم من الصوم بعيدون والصوم منهم براء ?.

سلوكيات شائنة : –

في شهر الله الكريم ? وأثناء الدورة الربانية ي?ْفترض بالناس أن تتطهر نفوسهم وتتسع صدورهم وتفتح قلوبهم ويزداد ورعهم وتقواهم والصوم بوابة مفتوحة لولوج الأخلاق ومحاسنها ولكن الحاصل هو العكس , تضيق الصدور وتصغر النفوس وتموت القلوب وتزداد قساوة الصائم وغلظته ويظهر جفاه وشدته وكأن المثل القائل : لا ت?ْك?ِل??م صائما?ٍ بعد العصر يعطيك كلاما ?ٍ ماله أصل . حقيقة تكاد أن تكون واقعا?ٍ ملموسا?ٍ في رمضان .

في شهر الله الأغر وفي أيامه المباركة ما أكثر إشهار الأسلحة في وجوه المسلمين لأتفه الأسباب : كلمة قالها فلان النمام أو ص?ْر?ف?ِت من شخص بحسن نية ? أو بسبب مشاكل الأطفال إلا وترى الجنابي وقد خرجت من أغمادها والأسلحة ص?ْو??بت نحو الصدور والهراوات تحركت من مخابئها والكلام الفاحش البذيء قنابل من أفواه أصحابها واستعراض القوة والعضلات ? والحقيقة والواقع شبيه بقول الشاعر : أسد علي??ِ وفي الحروب نعامة .

ومهما يكن فرسول الله (ص وآله ) يقول : ” من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي , وإن كان أخاه لأبيه وأمه ” وقوله : « من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه فيها بغير حق أخافه الله يوم القيامة ” .

وصلوات الله وسلامه على النبي العظيم الذي أ?ْت?ي?ِ بر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com