كتابات

الداعشية الأكاديمية : عن السوفسطائي عادل الشجاع

بقلم / عرفات الرميمة

تزيف الحقائق بغرض تخدير الوعي والتلاعب به لعبة قديمة قدم الإنسان ، فقد لاحظ أرسطو أن الأخطاء التي يقع فيها معظم الناس – وهي اخطاء تتعلق بطريقة التفكير وكيفية استخدام اللغة – وخصوصا السوفسطائين وهم طبقة من كبار المثقفين في عصرهم كانوا يستخدمون الخداع من خلال اجادتهم للتلاعب بالألفاظ وتسخير اللغة للوصول إلى أغراضهم الدنيئة بالحق أو بالباطل – فقد كانوا وكلاء شريعة كما نقول هذه الأيام – ولم يكن يعنيهم في نقاشهم الوصول إلى الحقيقية وإنما التغلب على الخصوم بالحق أحيانا وبالباطل في معظم الأحيان للحصول على المال. فكر أرسطو في اكتشاف الطريقة التي تمنع الناس من التلاعب بالألفاظ لتزييف الوقائع وتشويه الحقائق التي تعمل على تغيب وعي الناس للسيطرة على أفكارهم ، فكان أن أكتشف علم المنطق ووضع من خلاله القوانين التي تكشف صحيح الفكر من فاسده . فعلم المنطق ليس غاية بحد ذاته بل هو أداة أو وسيلة أو ميزان يستخدم لقياس الفكر الإيجابي الصحيح وتميزه عن الفكر السلبي الفاسد أو الخاطئ ، من خلال إستخدام القوانين التي ينبغي على العقل أن يهتدي بها لتمييز صحيح الفكر من فاسده ، ومن خلال تلك القوانين يستطيع الإنسان العاقل أن يكتشف الخطأ في التفكير وأنواعه وأسبابه ويحاول تجنبه أو إصلاحه في كل زمان ومكان .
ومن المغالطات التي كان يستخدمها السوفسطائيون هي القياس من خلال استنتاج قضية صحيحة من مقدمات خاطئة مثال ذلك : كل جندي يستخدم السلاح للقتل ، وكل مجرم يستخدم السلام للقتل ، والنتيجة : أن كل جندي مجرم . هل رأيتم كيف يتم تشويه الحقيقية من خلال استخدام الألفاظ بطريقة سوفسطائية؟
وهذا الأسلوب في القياس السوفسطائي استخدمه الأكاديمي عادل الشجاع للمقارنة بين أنصار الله وبين الدواعش مستخدما العاطفة التي تهيج الجماهير وضاربا بالعقل والمنطق عرض حائط الواقائع. ومتعمدا إهمال قوانين المنطق الثلاثة – قانون الهوية وقانون عدم التناقض وقانون الثالث المرفوع – فقانون الهوية يعني أن الشيء هو ذاته ولا يمكن أن يكون شيئا غير ذاته ، فالداعشي لا يمكن أن يكون حوثيا والحوثي لا يمكن أن يكون داعشيا. ويؤكد ذلك قانون عدم التناقض والذي يعني أن الشيء لا يمكن أن يكون هو ذاته ونقيضه معا – كما فعل الأكاديمي وجمع بين النقيضين – أما قانون الثالث المرفوع فيعني أن الشيء لا بد أن يتصف بصفة ما أو نقضيها ولا وسط بينهما ، فإما أن تكون مع الوطن ضد العدوان السعودي الامريكي وضد من يقف معه ومع من يقف ضده أو لا تكون . لكن الأكاديمي قد جمع في أقواله وأفعاله وسلوكه بين كل المتناقضات فهو ضد العدوان كما يدعي لكنه يقف مع من يقفون مع العدوان وضد من يدافعون عن الوطن ضد العدوان ، وهنا يزول استغرابنا عند نعلم أن الأكاديمي متناقض فكرا وقولا وسلوكا ويحق له – كما يقول فكره المتناقض ونفسه الأمارة بالسوء –
أن يقارن بين الدواعش وأنصار الله بشكل لا عقلي ولامنطقي ودون أستخدم التعريفات والحدود المنطقية التي تركز على الجواهر التي تفرق بين المتشابهات لمعرفة كنه الإختلاف الحقيقي وإنما يركز على الأعراض التي تشترك فيها الكثير من الأجناس والجماعات، فمثلا يقال : أن الإنسان حيوان ، وهذا صحيح لأنه يشترك مع الحيوانات في مبدأ الحياة وكلها أعراض – أكل وشرب وجنس ونمو – لكنه ينفصل ويختلف عنها بالعقل وهو الجوهر الذي يميزه عن باقي الأجناس التي يشترك معها في الكثير من الأعراض ويكون تعريفه الحقيقي : الإنسان حيوان عاقل – أو ناطق – وبدون ان نميز بين الجواهر والأعراض سوف نجمع الأجناس المختلفة في صنف واحد . وهذا ما فعله الأكاديمي – بقصد أو بدونه – فهل يرضى أن نقول على طريقته التي استخدمها في مقاله : عادل يأكل ويشرب والحيوان يأكل ويشرب إذا عادل حيوان ! هذه المغالطات مثال لما توصل إليه الأكاديمي من نتائج بناء على مقدماته الخاطئة التي جيرت النتائج بالشكل الذي أراده الأكاديمي وليس بالشكل الذي تقتضيه طبيعة البحث العلمي والتفكير المنطقي ، فمن أسس البحث العلمي البسيط التفريق بين الجواهر والأعراض وما لم نفعل ذلك فإننا سوف نقول : الدواعش يأكلون ويشربون والأكاديميون يأكون ويشربون والنتيجة أن الدواعش أكاديميون والأكاديميون دواعش ، بالله عليك أيها الأكاديمي : هل هذا تفكير صحيح ؟ فإن قلت نعم فأنت متناسق مع مقالك وأنت داعشي بناء على منطقك الأعوج والمتناقض الذي استخدمته في مقالك ، وإن قلت لا فأنت هنا صادق وتعترف أنك كاذب في مقالك عندما استخدمت الأعراض للمقارنة بين الأنصار والدواعش، وبالله عليك : كن عادلا وشجاعا لمرة واحدة ودع عنك الحقد والحسد في تقييم الآخرين الذين وصلوا إلى ما لم تصل إليه مع أنهم لا يملكون شهائد مثلك – كما يزين لك هواك الحزبي والمناطقي – و إذا أردت أن تنتقد المشروع القرآني – وهذا من حقك – عليك أن تقرأه من ملازم السيد بعد ذلك أنتقد الأفكار ولا تركز على سلوك بعض الأفراد لأن سلوك المسلمين ليس حجة على الإسلام وسلوك الأكاديمي ليس حجة على العلم هذا ما يقوله العقل والمنطق ويؤكده النقل ايضا . الملاحظات السابقة تتعلق بمنهج مقال الأكاديمي وشكله الخارجي الذي جمع بين المتناقضات بشكل مخالف لقوانين المنطق أما مضمونه فيحتاج إلى صفحات لا يتسع لها الواتس أب .
وأخيرا نقول كما أراد أرسطو أن نقول : إن الذي لا يعرف علم المنطق فإنه لا ولن يكون منصفا في تفكيره وفي سلوكه وفي حديثه وتعامله مع نفسه ومع الآخرين أيضا ولن يكون عادلا وشجاعا حتى يلج الجمل في سم الخياط .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com