اراء وتحليلات

اللواء المصرى ‮ ‬وقارون الحصبة

اليمن أكبر من أن نختصرها في‮ ‬مدينة أو قرية أو حي‮ ‬والشعب اليمني‮ ‬أعرق وأقدم من أن نبحث له عن هوية أو كيان سياسي‮ ‬جديد وأكبر من أن‮ ‬يقاس بحدود قبيلة وأقوى من أن‮ ‬يخضع لنفوذ أسرة أو تحتويه قبيلة أو‮ ‬يخضع لسلطة شيخ أو زعيم قبلي‮..‬
هذه هي‮ ‬الحقيقة التي‮ ‬جسدها وترجمها الرجال الأوفياء الذين استمدوا من الشعب قوتهم وأمنوا بأن إرادة الشعوب سلاحهم الأشد فتكا?ٍ‮ ‬وسيفهم الأقوى الذي‮ ‬تتهاوى أمامه عروش الباطل ويمزق بسطوته كل سيناريوهات ومشاريع الخيانة والفوضى‮..‬
كثيرون هم الرجال وكثيرون هم الأقوياء والوطنيين والمخلصين والأدعياء الذين كنا نعتقدهم كذلك ولكن سرعان ما تلاشت اصواتهم واهتزت مواقفهم وتساقطوا حين بدأت معركة الوطن واشتعلت نيران اختبار المواقف والرجال‮..‬
تساقط الادعياء والخونة كأوراق الخريف لكن شيئا?ٍ‮ ‬بعدهم لم‮ ‬يسقط لأن ربيع الوفاء‮ ‬يظل مزهزا?ٍ‮ ‬بالأوفياء الذين أثبتو أن مواقف الرجال لا تتغير وأن الوطن سيظل بأوفيائه أكثر ثباتا?ٍ‮ ‬وأكثر صمودا?ٍ‮ ‬أمام العواصف والمتغيرات التي‮ ‬لا تدوم‮..‬
مطهر رشاد المصري‮ ‬رجل قبيلة قبل أن‮ ‬يكون رجل دولة لكن القبيلة في‮ ‬مفهوم الشيخ الوزير لا‮ ‬يمكن لها أن تتجاوز دورها كلبنة في‮ ‬مكون صرح الدولة وكيانها الاجتماعي‮ ‬والسياسي‮ ‬بل ويعتبر أن انقلاب القبيلة وتطاولها على كيانها السياسي‮ ‬ومحتواها الجغرافي‮ ‬والتاريخي‮ ‬انقلابا?ٍ‮ ‬على كل القيم والمفاهيم والمبادئ التي‮ ‬انتصرت للإنسان واخرجته من عصر الفوضى والتناحر والصراع البدائي‮ ‬إلى عصر الدولة والمدنية والاستقرار والسلم الاجتماعي‮..‬
في‮ ‬حي‮ ‬الحصبة الشهير ببرجه الزجاجي‮ ‬ولد قارون الأحمر لكن ورغم مجيئه في‮ ‬عصر المدنية والعلم وثورة المعلومات وانسان الفضاء إلا أنه أبى إلا أن‮ ‬يظل امتدادا?ٍ‮ ‬لكل من سبقوه من رموز الظلم والاستبداد والاستعباد لدرجة أن قصره الأكثر فخامة وإزدحاما?ٍ‮ ‬بأحدث ما انتجته الحضارة ما‮ ‬يزال رمزا?ٍ‮ ‬لعصور ما قبل الدولة والمدنية وبوابة لإعادة اليمنيين إلى الماضي‮ ‬الموبوء بالتناقضات‮..‬
ولأن قارون الحصبة‮ ‬يؤمن بأن بقاء واستمرار سلطته وسلطانه‮ ‬يتطلب إغلاق بوابة الحاضر أمام أبناء قبيلته فقد نجح في‮ ‬حرمانهم من أقل القليل بل ومنع وصول المدنية بكل اشكالها إلى مناطق سلطته التي‮ ‬ما تزال اكثر جهلا?ٍ‮ ‬واحتياجا?ٍ‮ ‬لأبسط الخدمات‮..‬
ولأن الأمر كذلك فلا عجب أن بفاجأ سكان العاصمة صنعاء برجال لا‮ ‬ينتمون لهذا الزمن‮ ‬يملأون محيط قصر الشيخ ويتفانون في‮ ‬الدفاع عن رمز عبوديتهم وحرمانهم وجهلهم ويحرصون على توجيه رصاص بنادقهم إلى صدر وقلب الوطن ويستهدفون كل ما‮ ‬ينتمي‮ ‬لزمن الحرية والمدنية ومثلوا بتصرفاتهم وسلوكياتهم الهمجية خطرا?ٍ‮ ‬حقيقيا?ٍ‮ ‬على الوطن أرضا?ٍ‮ ‬وانسانا?ٍ‮ ‬وثقافة?‮ ‬بل ويستهدف القضاء على كل ما بناه وانجزه وحققه الشعب اليمني‮ ‬خلال نصف قرن من الحرية ويمزق كل مبادئ وقيم العدالة والأمن والسلم الاجتماعي‮ ‬وإعادة البلاد إلى أزمنة الفوضى والحروب الأهلية‮..‬
‮ ‬وباعتبار أن الأمن من هدف الأنسان ورمز المدنية فإن المواقف الشجاعة التي‮ ‬جسدها المصري‮ ‬ومعه كل منتسبي‮ ‬وزارة الداخلية ضباطا?ٍ‮ ‬وجنودا?ٍ‮ ‬أكد لكل اليمنيين أن عصر الفوضى ولى وأن القانون سيف الشعب المنتصر لإرادته وللوطن أرضا?ٍ‮ ‬وانسانا?ٍ‮ ‬واخلاقا?ٍ‮ ‬وثقافة وأن للوطن رجال أوفياء‮ ‬يستمدون قوتهم من إرادة الشعب القادرة على أن تسحق قارون الحصبة وتخسف به وبداره الأرض‮..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com