كتابات

قطر تدفع الثمن على مذبح السعودية قُربان لترمب .. هل للعنة الإخوان علاقة؟

بقلم / عبدالكريم المدي

اللغة الإعلامية والممارسات السعودية العملية المثقلة بالتعنُّت والعدائية تجاه قطر تعكسُ حجم الأزمة التي تعيشها المملكة وحلفاؤها وحساسيتها المفرطة المضادّة للواقع والمنطق وما قامت وتقوم به في اليمن طوال السنوات الماضية خير دليل .

تخيلوا معنا أن أمرأة قطرية كانت تُقيم في الرياض ومتزوجة من رجل سعودي متوفّى ،وتُعتبرُالعائل الوحيد لأطفالها الذين أحدهم معاق ،تفرض عليها الإجراءات البطولية الأخيرة رمي أطفالها في شوارع الرياض ومغادرة المملكة فورا. وتخيلوا أن أمرأة قطرية أخرى متزوجة من إماراتي متوفى ،أيضا، وتُعتبر العائل الوحيد لأطفالها الذين بينهم معاق، مشمولة بإجراءات الكبرياء وإنعدام الإنسانية التي تُلزمها برمي صغارها بجانب أقرب برميل قمامة يقع في الحي الذي تسكنه ومغادرة أراضي الإمارات أو الإقدام على الإنتحار الجماعي مع فلذات كبدها إن أتيحت لها الفرصة.. وكل هذا وغيره طبعا يجري، بحق مواطني دولة قطر العضو في مجلس التعاون الخليجي، والتي تنتمي معظم قبائلها لتغلب وتميم وآل مُرّة وعُنيزة وهُذيل وبنو هلال،وتربطها بجيرانها الثلاثة روابط الدم و الدين والمذهب واللغة والعادات والتقاليد وصلات الرحم والمصير الواحد والتاريخ المشترك . قد يعتبر البعض ما يجري بأنه شغل سياسة ذكي مُتفق عليه، لكنه حقيقة ساطعة كقرص الشمس في رابعة السماء ،ونحن في اليمن جرّبنا وتجرّعنا كؤسا كثيرة من مرارة التعامل والفجور في الخصومة من قِبل هوءلاء الأشقاء،لكن ربما أن هناك قطاعا واسعا من الشعب القطري لم يستوعب بعد الصدمة ، ولم يمسّهم الضرُّ بهذا الشكل من قبل ، بغض النظر عن الأطماع المستمرة في إبتلاع دولتهم وقضم جغرافيتهم، وقد يُمثّل لهم ما يحدث اليوم – وهم مقتدرون على مواجهته سياسيا وإعلاميا وماليا- ، درسا وجرحا لن يندمل لعقود كثيرة. المهم من خلال ما يحدث ، يبدو أن الإخوة في المملكة وحلفاءهم مستعدون للذهاب أبعد من هذا، ومستعدون أن يفرضوا على شعوب الجزيرة والخليج وما استطاعوا من خارجها، أسوأ أنواع التسلط والقهر والتفكيك في نسيجها الاجتماعي . وعلينا أن نُقرّ هنا بأن هذه الثقافة والمنحنيات المتصاعدة في التعامل تُعتبرُ خطر على روح الأمة لا يجب السكوت عليه،لأنه لا يحمل مشروعا تكامليا،بقدرما يُشبه عمل العصابات ويُذكّرنا بما كان يقوم به ( لورانس العرب) في الجزيرة، حيثُ أعتبر أول من شكّل العصابات المسلحة خارج القانون وقام بتدريبها لبثّ الرعب لصالح مشاريع كُلنا يعرفها. لقد ثبُت بشكل قاطع أن هذه السياسة عشوائية وفاشلة،ويعود سبب ذلك في كونها تقع أصلا خارج سياقاتها الطبيعية وشروطها الواقعية المتعينة، ومن يتابعها يحسّ أن هناك توهان وضبابية تُشبه حال من يمشي وعيناه معصوبتان، أو من يتواجد في قلب المشاكل ولا يستطيع مشاهدة الأفق أمامه،بدليل أنهم اعلنوا حصار ومقاطعة قطر ويريدون نفس الإجراء من العالم كله،وفي حال قام الجار الإيراني مثلا، بإمداد الدوحة ببعض المواد الغذائية، فتلك جريمة وخيانة أرتكبتها قطر بحق العروبة،يعني نحن نحصاركم وعليكم أن تستسلموا وتموتوا جوعا. لا نُريد في الواقع العودة للواراء ، لكن مثل هكذا ممارسات تجعلنا أحيانا مجبرين لمعاودة المرور على دروب الذكريات المستعادة،وإليكم مثالا واحدا على هذا الاستخفاف بحياة الناس،ففي العام (1923) أقدم جنود سعوديون على قتل (3000) حاجا يمنيا أعزلا بمحرقة واحدة في( وادي تنومة) وبدون أي سبب، وبعيدا عما يجري اليوم في اليمن على يد السعودية والإمارات الذي لن نخوض فيه ،كي لا يُحسب موقفنا هذا على أنه إنتقامي وجاهز، نعتقد أن محاولة خنق وتجويع الشعب القطري لا يختلف عن مبدأ القتل الجماعي وتصفية أي جماعة أو حتى شعب لا يستطيعون هضمه والتعاييش معه مهما كان مسالما أو حتى مذعنا لهم إتقاء شرّهم . بقي لنا في الختام هذه التساؤلات : بالله عليكم – يا أشقاءنا في المملكة – كيف تُريدون من الجيران أن يثقوا بكم ويبحروا معكم في هذه البحيرة الآسنة ، المليئة بالمخاوف والتآمرات والتماسيح ؟ وكيف تُريدون منهم تصديقكم بأن الإنزلاق إلى دومات العنف والكراهية والاستقطابات الحادة ومحاولات كسر أذرعة القريب قبل البعيد والشقيق قبل العدو،فضيلة ومصلحة قومية من أجل الحفاظ على الأمن العربي ومحاربة الإرهاب وفق مفهومكم المبتسر له ؟

سؤال أخير هل تعصُّب ترمب مع الرياض وأبوظبي ، مرده المجاملة لكون المملكة دفعت نصف ترليون دولار قيمة صفقات وهمية،أم أن قطر رفضت دفع شيء للأميركان وأعتبرت مثل تلك الصفقات مضيعة للمال على حساب رفاهية الشعوب؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com