اراء وتحليلات

أزمة اليمن: صراع أم ثورة

ناشد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الثاني بمدينة الرياض الحكومة والمعارضة اليمنية لحل الأزمة السياسية الحالية بطريقة سلمية? وأوصى الوزراء بانتقال صلاحيات الرئيس إلى نائبه? وتشكيل حكومة وحدة وطنية كاملة الصلاحيات برئاسة قوى المعارضة? يكون من مهامها التحضير لجولة الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة. وبدورنا إذ نتمنى أن يملك اليمنيون الحكمة المعهودة لمعالجة أطر الأزمة الحالية والوصول إلى بر الأمان? لحري بنا التفكير ملي?ٍا في طبيعة وكينونة الأزمة السياسية المعاشة حالي?ٍا? فيما إذا كانت ناتجة عن صراع على السلطة بين حزب الإصلاح الإسلامي تحديد?ٍا المدعوم من قبل أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر حالي?ٍا? في مقابل حزب المؤتمر الحاكم وسلطة الرئيس وأهله المقربين? أم هي ثورة شعبية حقيقية على غرار ما حدث في تونس مصر? وبالتالي فهل المرجعية فيها تكون للشرعية الثورية أم للشرعية الدستورية?.
في مصر كما في تونس كانت غالبية قوى الشعب متحدة في رؤيتها وقرارها? وبحكم أن الدستور يستمد قوته من سلطة الشعب? ونتيجة لرفض الشعب الكلي لسلطة النظام السياسي القائم? فقد وضح صواب رأي فقهاء القانون القائلين بانتصار الشرعية الثورية على الشرعية الدستورية? وكان من جراء ذلك قبول الرئيسين في كلا البلدين بالتنحية استجابة لمطالب الشعب? صاحب السلطة ومرجعها الدستوري. أما في اليمن فالوضع بحسب ما يبدو لي مختلف تمام?ٍا عن تطور أبعاد المشهد المصري على وجه الخصوص? حيث بات واضح?ٍا للمراقب العارف مدى انقسام الشارع اليمني على المستوى القبلي والمناطقي بين مؤيد لسلطة الرئيس وحكم حزب المؤتمر الشعبي العام? ومعارض كلي لاستمرار سلطة الرئيس وبقية المقربين منه? ناهيك عن وجود نسبة صامتة? تحسب بقليل من التفكير المنطقي في نهاية المطاف? لصالح السلطة الحالية لا عليها? كما والحال مماثل في الجانب العسكري? حيث لم يؤد انشقاق اللواء علي محسن إلى حدوث انكسار كبير في صفوف السلطة الحالية? بل كانت له نتائجه السلبية على وحدة صفوف المعارضين في ميدان التغيير? حيث عبر الكثير من قوى الشباب الحر غير المتحزب أو المتأدلج عن بالغ صدمتهم بترحيب حزب الإصلاح لانضمام اللواء إلى مجاميع الثورة? وهو في نظرهم أحد أركان النظام المتهم بأعمال عنف متعددة سواء في المحافظات الشمالية أو الجنوبية خلال عقود حكم الرئيس علي عبدالله صالح? الأمر الذي جعل عديد منهم يتشكك في مرامي ثورة التغيير التي بذلوا في سبيلها الغالي والرخيص من وقتهم ودمائهم. ومن جانب آخر ونتيجة لتوتر العلاقة في السنوات الأخيرة بين الرئيس وصاحبه اللواء علي محسن? حتى بلغ الحال بينهما إلى تفكير الرئيس -وفق?ٍا لما كشفته وثائق ويكيليكس- بالتخلص منه بأساليب متنوعة? فقد عمل الرئيس على تطوير قدرات فصائل الجيش الموالية له? ناهيك عن قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وقوات الأمن المركزي? التي يترأس قيادتها عدد من أبنائه وأهله المقربين? وهو ما خفف من أهمية انضمام اللواء بقيادته إلى قوى المعارضة? وأفقدها قوة الحسم المنشودة لإحداث التغيير المطلوب. كل ذلك قد أكد على أن علامات سيطرة شرعية الثورة على الشرعية الدستورية غير متوفرة حتى هذه اللحظة في اليمن? وهو ما يفرض على مختلف الفرقاء إعادة التفكير ملي?ٍا للوصول إلى حلول سلمية عملية تعمل على إخراج اليمن من أزمته المعاشة بسلام? آخذين في حساباتهم حساسية الوضع العسكري الذي يذكر في كثير من تفاصيله بأحداث عدن الدامية عام 1986م? ناهيك عن أحداث الصراع الأهلي في الصومال حالي?ٍا? وفي لبنان خلال العقود الماضية من القرن المنصرم. وفي تصوري فإن أحد الحلول للأزمة يتمثل في البدء بتشكيل لجنة وطنية متفق عليها لإعادة صياغة الدستور? بهدف تحويل شرعية النظام الجمهوري من نظام رئاسي إلى نظام برلماني? والقبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة قوى المعارضة? تشرف على إنهاء الانتخابات البرلمانية الجديدة تحت مراقبة صارمة وضمانات إقليمية ودولية? بهدف تسليم السلطة الدستورية للحكومة الجديدة? التي يكون من أول مهامها الإشراف على انتخابات الرئاسة اليمنية وفق صورتها الجديدة. فهل ستتغلب علامات الحكمة اليمانية في نهاية المطاف?!

zash113@gmail.com

نقلا?ٍ عن المدينة السعودية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com