تـحقيقات واستطلاعات

كيف يقضي أهالي كفريا والفوعة يومهم

شهارة نت – سوريا :

لكل أزمة تلم بالناس جوانب متعددة تستمر باستمرار عواملها؛ وفي كفريا والفوعة أزمة إنسانية مغيبة عن الإعلام الداخلي تقصيراً أو إهمالاً، وعن الخارجي عمداً، حصار المدينتين من قبل الجماعات المسلحة في المحيط يكمل عامه الثاني بعد عدة أسابيع.

لا ماء، لا وقود، لاكهرباء، فقط بعض طعام وبعض الآبار هي مابقيت لدى الأهالي في القريتين، حيث لم تسمح الجماعات المسلحة بدخول الأغذية الأساسية في قوافل الهلال الأحمر، لذا لم يدخل سوى الأرز و”البرغل”، هذه المواد لم تدخل إلا بعد مفاوضات طويلة تضمنت سلة متكاملة من كفريا والفوعة إلى مضايا والزبداني.

وفي الوضع الداخلي، روى الأهالي الخارجون في الاتفاق الأخير تفاصيلاً عن الحياة اليومية؛ في أيام الهدوء النسبي يخرج من تمكن من الأطفال إلى المدرسة رغم كل ظروف الحرب الخطرة. تسعى الأمهات صباحاً لجمع ما تيسر من الأعواد والخشب وبقايا الأكياس البلاستيكية، لتوقد نار طبخ يومها.

بعد اشتداد الحصار عمدت بعض العائلات إلى حطام المباني ومايمكن إشعاله منه وكما جُمعت الثياب البالية لحرقها واستخدامها في الطبخ. لم يكن لدى الأطفال أي أمل باللعب خصوصاً مع تساقط شبه يومي للقذائف والصواريخ، لذا أصبحت الشوارع معبراً يومياً للهرب من البيوت إلى المستودعات والملاجئ القريبة.

أما عن الأطفار صغار السن فقد روت إحدى السيدات أم محمد مدرسة في قرية كفريا: “عندي طفل صغير ولد في آذار 2015 في بداية الحصار، وماعنا أكل غير الرز نسلقه وناكله” وأضافت “المسلحين ماخلّو الحليب يدخل مع القوافل، كان يدخل كل تلات شهور 400 غرام تمر، ماكنا ناكل منها ونخليها للصغير لأنو صار معو سوء تغذية شديد”.

أم محمد وصفت الحالة المعيشية بالكلمات التالية: “كيلو الحليب بـ 12 ألف ليرة سورية، إذا توفر، عدا أنو الناس ماعندها مورد دخل”، وعن تجار الحصار: “في ناس استغلت جوعنا، وماهمها إلا تعبي جيوبها، كيلو اللحمة 36 ألف وأنا راتبي كلو 28 ألف”. “في أيام كنت ابكي وابكي ماعندي شي لولادي ياكلوه على العشا، بس رغم هيك صامدين”.

الوضع النفسي: “طفلي الصغير صار معو حالة نفسية كل مايسمع صوت قذائف يبكي ويحتمي فيني حتى لو كانت بعيدة، طلعنا من كفريا وماراحت آثار الحرب من نفسه”، هذا بعض من حال الناس في داخل الحصار، حالات عدة هزت وعي الأطفال وجعتلهم يكبرون باكراً، قصص عدة لكن أشهرها لطفلة رأت أختها تموت أمام عينها في حديقة المنزل نتيجة شظايا صاروخ أطلق من قرية مجاورة.

المتغيرات عدة ولكن.. تشتد ظروف الأهالي ويعتبون، يعتبون أيما عتب على كل إنسان حر في سوريا وخارجها، كلمة الحق أقصى مايطلبون. رغم كل الحرب ورغم كل الحصار بدا أن كفريا والفوعة كغيرها من متغيرات الأزمة جعلت الأزمات الإنسانية مجرد خبر، تغيُّير كبير في الوعي ومنظومة القيم. كثير من الناس يقول ليس له حول ولا قوة، لكن الصحيح أن أقل الواجب تجاه عزتهم وصمودهم هو بعض العون ليقيهم برد الشتاء وجوع البطون، كل اسبوع تقلع الطائرة من اللاذقية وترمي ببعض المساعدات، لن يضل طريقه من أراد عوناً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com