اراء وتحليلات

ثمار ” الثورات ” العربية

عندما تقوم بزراعة نبتة ما فانك أثناء الزراعة تفكر جيدا بالثمار التي سوف تنتجها تلك الزرعة وكم سوف تأكل أنت منها والفائض من تلك الثمار سوف تقوم بتوزيعه على الأقارب والأحباب والمحتاجين من الجيران , ولأننا نحن الفلسطينيين أكثر الشعوب العربية حاجة إلى ثمار تلك الثورات فإننا بدأنا بأكل ثمارها قبل أن تنضج ويأكل منها أصحابها .

فأولى هذه الثمار التي أكلناها هي تراجع القاضي جولدستون الذي كلف من قبل الأمم المتحدة بإجراء تحقيق دولي بحجم الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني في الحرب “الإسرائيلية” التي عرفت باسم ” الرصاص المصبوب ” في ( ديسمبر 2008- يناير 2009 ) وما إذا كانت تلك الجرائم ترقى لتسمى جرائم حرب أم لا , وبالرغم من أن التقرير كان جائرا من أساسه على المقاومة الفلسطينية حين حاول اليهودي الأصل ” جولدستون ” أن يساوي ما بين الضحية والجلاد وذكر أن المقاومة استهدفت مدنيين إسرائيليين , وبالرغم من عدم مراعاة واضع التقرير لحق الشعوب التي تحت الاحتلال من حقها بمقاومة محتلها بكافة الأشكال .

إلا انه وكثمرة من ثمار “الثورات” العربية الموجهة غربيا عاد وتراجع عن ما ذكره في التقرير الدولي الذي أصبح له صدى كبير بين المستضعفين من الشعوب التي استبشرت خيرا أن قاتلها لن يكون في مأمن من العقاب الدولي , تراجع قاضي دولي بهذا الحجم لم يأتي من فراغ ولكني اعتقد أنها أتت لسببين أولهما انه تعرض لضغوط هائلة من قبل اللوبي الصهيوني في الكونجرس الأمريكي , والسبب الثاني انه رأى بنفسه ومن موقع المسئول ألأممي مدى استهانة العرب بدمائهم وانشغال كثيرا منهم بوضعه الداخلي بعيدا عن القضية الأهم في الصراع العربي الإسرائيلي كما انه تأكد من استجابة الشعوب للتعليمات الخارجية وعدم قدرتها على حل مشكلاتها داخلية دون الحاجة للتدخلات الأجنبية بأنواعها .

أما الثمرة الثانية والتي كانت من نصيبنا أيضا هي التصعيد الإسرائيلي الذي يستهدف الكل الفلسطيني فعلى صعيد القتل والقصف مئات القذائف والصواريخ سقطت على غزة موقعة أكثر من ثلاثون شهيدا ومئات الجرحى منذ الثورة المصرية وحتى اليوم , أما على مستوى الاستيطان فحدث ولا حرج حيث أن الحكومة الإسرائيلية تقدم العطائات للبناء الاستيطاني بوتيرة أسرع من العادة وعندما تقدمت السلطة الوطنية الفلسطينية بمشروع قرار لإدانة الاستيطان وعدم انصياعها للضغوط الأمريكية وأصرت على تقديم مشروع القرار قامت أمريكا وبكل عنجهية باستخدام الفيتو للحيلولة دون تمرير القرار الذي صوت لصالحه “14” دولة ” كل دولة تمثل مجموعتها ” .

ثمرة أخرى أكلها الفلسطيني وهي استشهاد خمسة فلسطينيين في ليبيا بنيران مختلفة المصادر واختفاء عدد آخر وهروب الكثير من الفلسطينيين المقيمين في ليبيا تاركين أموالهم وبيوتهم لا يعلمون عن مصيرها شيئا .

أما على المستوى العربي كثيرة هي الثمرات فنرى أن كثيرا من الدول العربية أصبحت مستباحة أمام الأجنبي دون حسيب ولا رقيب , ليبيا أصبحت مرتعا للقوات الغربية بكافة مسمياتها , السودان يحلق الطيران ” الإسرائيلي ” في أجوائها وينفذ عملية اغتيال جبانة في اعتداء صارخ على السيادة العربية , الأردن منطوي على نفسه ويكتفي بترتيب أوضاعه الداخلية , دول الخليج تضع كل ثقلها في احتواء الثورات في مناطقها , قطر تسعى جاهدة للعب دور الوسيط بين ( الأنظمة ورعاة الثورات ) والتغيير السلبي الواضح في العلاقة القطرية السورية يدعو إلى القلق على مستقبل العلاقات العربية العربية .

أما الأمين العام لجامعة الدول العربية فان طموحه في الوصول إلى سدة الحكم في جمهورية مصر العربية يجعله يكتفي بالعمل داخليا في مصر والوقوف على مسافة واحدة من جميع أطراف النزاع العربية دون المجاهرة بطرح قناعاته واني أرى استعداده لمرافقة الرئيس أثناء زيارته لغزة لإنهاء الانقسام خطوة ايجابية أتمنى أن تتحقق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com