كتابات

لن ننساك !

إلى من تركتهم يغرقون في بحر محبتك ? وأبقيتهم حتى أخر لحظة ودعتهم فيها ودخلت قبرك وحدك معلقين بطول أمل عودتك أليهم لأنهم لم يصدقوا خبر وفاتك وبيان نعيك الأليم.. إلى من أوصدوا الأبواب كلها في وجه نبأ وفاتك الذي داهمهم من كل مكان حتى عبر سماعه هواتفهم الخلوية.. إلى تلك اللحظات الغابرة التي كانت تجمعك بهم? وكانت تغلب عليها قسوة الوظيفة الحكومية.. إلى كل الذين كانت أخلاقك تكبلك وتمنعك من الاقتراب منهم أكثر فأكثر خوفا من السقوط في منحدر الشكوك وسوء الظن بك? مثلما حدث أول مرة? وخوفا من أن تتسبب لهم بالإحراج بقصة حبك المكشوفة للآخرين بدون استثناء.
هم يتذكرونك ألان? يتمنون لو أنهم يرون رسمك ويسمعون صوتك الذي ما زال بعض صداه يتردد في آذانهم.. يستعيدون شريط الذكريات? ويقتطفون منه ما يبعث على الحزن والحزن والبكاء? ويسترقون النظر إلى ملامح صورك المسكونة بالحزن العميق والطيب والكرم ودماثة الخلق? يتذكرون ألان كيف أن كبرياءهم كانت تستخونهم وهم يحاولون أن يظهرون لك بما لا يستطيعون أقناعك به وأنهم مثلك? يتذكرون تعاليهم عليك حينما كانوا يسيئون الظن بك كما هو الحال كل مرة? وكيف كانوا يبدون عدم اكتراث لمشاعرك التي أفصحت عن طهرها ذات يوم في لحظة مكاشفة بينك وبينهم? ظنا منك في أنها ستشفع لك يوما من الأيام دون جدوى..لدى بعض النفوس.
هكذا اسأل نفسي وحيدا:- لو لم أكن أعرفك هل كنت سأبكيك كما بكيت ? ألم تكن رحلتنا معا ذات يوم بلا مذاق عندما تذكرت أن أطفالك ووالدتهم(شريكة أحلامك) لا يشاركونك فرحتك? من سيشاركهم حزنك اليوم? ألم تتمنى لو كانوا حينها معك ? ألم تقل لي ذات يوم انك تتمنى أن تأخذهم معك إلى هناك إلى حيث يقاسمونك فرحتك? ليتني أخذتك معهم وجبرت بخاطرك قبل أن تفارقهم وتفارقنا وتترك برحيلك كل هذا الجرح? ترى ما قيمة فرحتهم اليوم بدونك? هل تدرك حجم الفاجعة التي أحدثها رحيلك ? هل هكذا يفعل الأصدقاء ويذهبون دون ادني استئذان ?
لماذا رحيلك وحدة هو الذي عرى هذا العالم وكشف لنا زيفه? لماذا كشف لنا فراقك مدى حقارة هذا العالم الذي نعيشه ومدى تفاهته? لماذا برحيلك عرفنا أن للحزن وللبكاء طعم ولون ورائحة تشبه رائحة الموت الذي يزكم الأنوف? لماذا حينما أبكيك أجدني أحب أن أبكيك وحيدا بعيدا عن الأعين مثل كل الرجال الذين أحبوك فعلا واشتموا رائحة الفجيعة في رحيلك المباغت? لماذا كنت غير كل الرجال لدرجة استوطن معها حبك قلوب الكثيرين ممن كان كل واحدا منهم يعتقد أنه لم يكن سواه من يبادلك وتبادله الحب? قبل أن يكشف لهم رحيلك كم أنهم كانوا مخطئين وأنك كنت أنت الحب والمودة الخالصة.
هكذا أجدني أسأل نفسي وابكيك:- لو لم أكن قد عرفتك ألم يكن ذلك أرحم? لماذا رحلت قبل أن أعطيك رسمك واسمك وصورتك التي تشبهك? صورتك التي طالما طلبتها مني على استحياء قبل أن يخطفك الموت? قبل أن يخطفك هذا الوحش الكاسر الذي لا يرحم ولا يترك أمثالك يزينون عالمنا المتسخ المكتظ بالخطيئة والسواد? لماذا أبكيتينا عليك كل هذا البكاء? هل كنت ملاكا بيننا ورحلت حينما قررت الرحيل إلى ربك?
هكذا أجدني أهذي:- الم يكن حري بك أن تبقى لتؤكد لنا بأنه ما يزال ثمة مكان للشهامة والخلق والدماثة بيننا? من من الأصدقاء أحببت?
-أي منهم أحببت?
– لا ادري!-هل أخطأت?
-ربما-هل تسرعت?
-كلا
قلبك النابض بمشاعر الحب والأمل والتفاؤل كان سبب اغتيالك..أذهب يا كل من تحبه في الله .. أذهب في حزنك عميقا ? واغرق في دمعك بعيدا كرجل عزيز ? صحيح أن فقيدنا لم يكن بطلا نبيلا ولا فارسا مغوارا .. لكنه كان إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. كان بنبل خلقه وطهارة روحه ونقاء سريرته ودماثة خلقة وعزة نفسه مثل مقاتل جسور عرف متى ينسحب من هذا العالم وأين وفي أي وقت بالضبط..
عرف متى ينسحب عندما يكون الانسحاب في كثير من الأحيان شجاعة? وانتصار.. لقد عرف متى يرحل عنا بصمت وهدوء لدرجة لم يحس أو يشعر بأحدا منا بخطاه ! مت اليوم قرير العين? فأنك اليوم لن تستطيع أن تحص عدد محبيك فهم لا يعدون !
تذكر فقط من شبهوا لك في هيئة محبين? وسددوا سهام نظراتهم إلي قلبك المكشوف? ورحلوا وهم يعلمون أن السهم الطائش قد يصب قلبا… قد يدمي حجرا … قد يهد معبدا بأسرة. -ألا تتحسس قلبك أحيانا?
-ألا تشعر بأن ثمة جرحا مفتوحا قد توطن في قلوب كل محبيك?
إلا تشعر أنه صار جزءا منك? من تفاصيل يومك من حزننا على أيامك الافله المثخنة بالذكريات.
كم مرة قطعت فيها عهدا على نفسك أن لا تقع في حب من يغرونك بصفاتهم وأوصافهم من اللحظة الأولى? وعدت مجددا لتنقض العهد لا لشيء إلا لمجرد أنك إنسان محب.. كم مرة عاهدت فيها نفسك أن لا تكشف أوراقك وأسرارك ومشاعرك وأن تبقيها في لوحا محفوظ في أعماقك? وعدت لتنقض عهدك لتكتشف جسامة خطأك ? الم تستفد مما فات .. اذهب في حنقك ولا تلتفت ورائك? كل اللذين خانوك وتخلوا عنك هاهو بعضهم اليوم عاد إلى رشده ور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com