اراء وتحليلات

السياسة فن المستحيل وليس الممكن

يقولون بأن? السياسة هي علم حكم الدول أو هي فن الممكن ? كما يقولون أن? السياسة هي إدارة الدولة بكل مكوناتها ? كما أن? السياسة هي وضع الأهداف والخطط والوسائل للدول أو الأحزاب أو المؤسسات على اختلاف مضامين نشاطها وعملها وأهدافها ? فالسياسة إذا?ٍ تخص دولا?ْ قائمة ذات سيادة كاملة ? حيث تعمل هذه الدول على تطوير ذاتها إن كانت تملك الإرادة والقدرة على التخطيط وتحويل خططها وبرامجها إلى واقع ملموس ينعكس على حياة شعوبها إيجابا?ٍ أو سلبا?ٍ ? لأن ليس الوصول إلى كل هدف?ُ وبرنامج يمكن أن يكون في مصلحة الشعب إلا إذا كان الشعب يشارك فعلا?ٍ في وضع سياسة دولته عن طريق البرلمان ? وإذا كانت السياسة هي فن الممكن في إطار بناء الدول وتطورها ‘ فإن? هذا الممكن لا يمكن أن يكون ممكنا?ٍ إلا إذا كان متاحا?ٍ ويمكن استغلاله لمصالح الدول ? والممكن لا يمكن أن يكون ممكنا?ٍ ومتاحا?ٍ إلا في ظل السيادة الكاملة للدول .
ومما تقدم نجد أنفسنا أمام سؤال أساسي ومتكرر لدى شعبنا العربي الفلسطيني ? هل نحن أصبحنا دولة ذات سيادة كاملة حتى نسوس دولتنا بما يخدم أهدافنا ومصالحنا ? وهل نستطيع أن نضع برامج دولتنا في إطار الممكن لنا ? أم أننا ما زلنا حركة تحرر وطني هدفها تحرير الوطن من الاستعمار الاستيطاني الجاثم فوق أرض فلسطين التاريخية ? أم أننا في مرحلة لم تعرفها شعوب الأرض قاطبة إلا وهي إننا نعيش المرحلتين متداخلتين فيما بينهما ? فالمرحلة مرحلة تحرر وطني وبناء دولة ? وأمام هذا الواقع لوضعنا على الأرض يجب أن نقر ونعترف إننا لم نكن في يوم من الأيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة ? وأن?ه لم تكن لنا في يوم من الأيام حكومة فلسطينية تمارس صلاحياتها على أرضها ? بل أننا كنا وما زلنا آخر بقعة من الأرض تسعى لتأسيس وتكوين الدولة على أرض ما زالت تحت الاحتلال ? ولكنه ليس احتلالا?ٍ عسكريا?ٍ وإنما احتلال استعماري استيطاني استطاع أن يقيم دولته بموجب قرار دولي ? تلك الدولة أقامها الاستعمار قديمه وحديثه لتخدم مصالحه ليس في المنطقة العربية وحسب وإنما لتخدم مصالحه في أنحاء العالم كله ? وفي ظل إقامة دولة غير فلسطينية على أرض فلسطين التاريخية وشعبها غير الشعب الفلسطيني ? وباعتراف دولي وعربي وفلسطيني بها ? فإن? هذا يجعلنا نحن الشعب الفلسطيني نسأل أين نحن ? هل نحن حقا?ٍ في مرحلة بناء الدولة الفلسطينية والأرض والشعب تحت الاحتلال ? أم نحن في مرحلة التحرر الوطني من الاستعمار الاستيطاني .
إذا كنا نعيش مرحلة بناء الدولة كما ير?وج لها العديد من بيدهم الأمر والنهي على الساحة الفلسطينية ? فأن? من أولى شروط بناء الدولة الحرية ? وأهم حرية هي حرية الشعب الذي هو عماد الدولة في بناءها وفي تلقي نتائجها ? كذلك من أولى بناء الدولة استغلال مواردها الطبيعية فيما يخدم تطور الدولة ? ولا يستطيع شعب من الشعوب أن يملك حرية التصرف على أرضه وبمقدرات أرضه وأرضه محتلة احتلالا?ٍ استيطانيا?ٍ ? ولا نقول ذلك تصورا?ٍ لمستقبل ? وإنما نقوله نتيجة لما حدث على أرضنا الفلسطينية في الضفة والقطاع ? فبعد دخول اتفاق أوسلو مرحلة التنفيذ ودخول القيادة الفلسطينية أرض الضفة والقطاع تم الاعتقاد بأننا أصبحنا في مرحلة بناء الدولة وما علينا ألا أن نقيم البنية التحتية لهذه الدولة ? فسارعت القيادة الفلسطينية إلى بناء مؤسسات السلطة من الرئاسة إلى الحكومة إلى المجلس التشريعي ? كما بنت المؤسسة الأمنية الفلسطينية بكل أجهزتها العديدة ? كما إنشاء مقار الوزارات ? ولكن القيادة الفلسطينية اصطدمت بحقيقة لا يمكن الهروب منها وهي أنها لا تستطيع أن تمارس سيادتها على الأرض التي انتقلت إليها بموجب اتفاق أوسلو والتي سميت بمنطقة ( أ ? أو A) وذلك عندما دخل شارون الحرم القدسي واندلعت على إثرها انتفاضة الأقصى التي عمت كل أرض فلسطين من البحر إلى النهر ? ومع تفاعل هذه الانتفاضة على الأرض قامت قوات الاحتلال بتدمير البنية التحتية للسلطة الفلسطينية بما فيها مقر المقاطعة ? مقر الرئيس الفلسطيني ? وهذا يعني أن? ما يمكن أن تبينه القيادة أو السلطة الفلسطينية خلال أشهر أو سنوات فأن? قوات الاحتلال تجعله حطاما?ٍ خلال ثوان ? وما جرى خلال انتفاضة الأقصى والذي لم يقتصر على هدم البنى التحتية للسلطة بل شمل هدم البنى التحتية للشعب الفلسطيني من خلال اقتلاع الأشجار بكل أنواعها وتخريب المزروعات بعد إثمارها وهدم البيوت واعتقال آلاف آلاف المواطنين الفلسطينيين ? كل هذا يجعلنا نسأل هل يمكن المزاوجة بين مرحلتي التحرر والبناء ? إن الواقع الذي يعيشه شعبنا في ظل الاحتلال القائم يؤكد عدم إمكانية الجمع بين مرحلتي التحرر والبناء ليس لقصور?ُ أو عدم قدرة منا ولكن بسب واقع نعيشه وهو أن? العد?ٍو الصهيوني ما زال يمارس سياسته على أساس أن? أرض فلسطين أرض?َ متنازع عليها وليست أرضا?ٍ محتلة ? وهذا يعني ويؤكد أننا ما زلنا نعيش مرحلة التحرر الوطني برغم كل ما نعيشه في حيانا اليومية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com