اراء وتحليلات

فلندعم دعوة الرئيس للتقشف

حث الله في محكم آياته على عدم التبذير والإسراف وحكم على من يتصف بهاتين الصفتين بأنهم إخوة للشياطين فقال عز??ِ من قائل في الآية 31 من سورة الأعراف (و?ِك?ْل?ْوا? و?ِاش?ر?ِب?ْوا? و?ِلا?ِ ت?ْس?ر?ف?ْوا? إ?ن??ِه?ْ لا?ِ ي?ْح?ب??ْ ال?م?ْس?ر?ف?ين?ِ) , و في الآية 27 من سورة الإسراء (إ?ن??ِ ال?م?ْب?ِذ??ر?ين?ِ ك?ِان?ْوا? إ?خ?و?ِان?ِ الش??ِي?ِاط?ين?) , وقال سبحانه وتعالى في الآية 14 من سورة الأنعام (ك?ْل?ْوا? م?ن ث?ِم?ِر?ه? إ?ذ?ِا أ?ِث?م?ِر?ِ و?ِآت?ْوا? ح?ِق??ِه?ْ ي?ِو?م?ِ ح?ِص?ِاد?ه? و?ِلا?ِ ت?ْس?ر?ف?ْوا? إ?ن??ِه?ْ لا?ِ ي?ْح?ب??ْ ال?م?ْس?ر?ف?ين?ِ) .

· وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ( إن الله كره لكم ثلاث?ٍا: قيل وقال? وإضاعة المال? وكثرة السؤال) , هذا هو د?ين?ْنا? ينهانا عن الإسراف والتبذير? ويأمرنا بالاقتصاد والتوسط والاعتدال في الأمور كلها? ولكن من المؤسف أن تغيب?ِ هذه الوسطية عن حياة كثير من الناس? فكم? ه?ْم? هؤلاء الذين تورطوا في الإسراف والتبذير? .

· نعم لقد جاءت كلمة الأخ قائد الوحدة فخامة رئيس الجمهورية حفظه الله , في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك , جاءت في الموعد وتطرقت الى أهم قضية باتت تؤرقنا نحن اليمنيون , فقد دعى فخامته الى التقشف وحث عليه وأكد ان السبيل الوحيد للتغلب على كثير من مشكلاتنا الاقتصادية التي نعاني منها على مستوى الأفراد أو المجتمع أو الحكومة .

· نعم فليكن التقشف والاقتصار على الضروريات دون الكماليات هو الشعار الذي يرفعه الجميع رئيس ومرؤوس كبير وصغير غني وفقير ذكور وإناث , وأما الرئيس فقد بدأ ذلك حين دعى في أكثر من محفل الى الابتعاد عن الإسراف وحث الوزارات المتعاقبة على عدم التبذير بشراء السيارات الفارهة عاما بعد وتجديد أثاث الوزارات سنويا دون ان تكون الوزارات في حاجة الى ذلك .

· لو يعرف كل من تولى مسؤولية في يمن الحبيب ان ما بين يديه ليس ملكا له بل هو ملك المجتمع كله , فاليوم هو في هذا المنصب وغدا يأتي غيره مكانه ولو خاف الله واتقاه لكان قدوة حسنة لمن بعده , فقد روى أن عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين كان ينظر في شئون المسلمين على ضوء إحدى شموع بيت المسلمين , إذ بمحدثه يسأله عن أحواله, فيقوم عمر ابن عبد العزيز ليطفئ الشمعة ويضئ غيرها, فيقول عمر : كنت أضأت شمعة من مال المسلمين وأنا في مصالحهم, أما وقد سألتني عن حالي, فقد أضأت شمعة من مالي الخاص , فهل سيفعل ذلك مسئولونا ?.

· الإسراف ليس سمة خاصة بالمسئولين فحسب , بل يشترك معهم في ذلك عامة الناس فقيرهم قبل غنيهم , فهل منا من يحاسب نفسه على التبذير في الإضاءة الكهربائية مع أنها في الأصل منعدمة , إلا أننا عند عودتها نسرف في إشعال جميع غرف المنزل وتشغيل كافة الأجهزة الكهربائية دون ان يكونوا في حاجة اليها , فالإسراف الزائد عن الحد في استهلاك الكهرباء يؤدي إلى زيادة الحمل الملقى على عاتق محطات توليد الكهرباء.وهذا معناه زيادة في استهلاك الوقود المستخدم لأغراض التوليد .

· الماء الذي هو عصب الحياة , والذي تشير الدراسات الى ان بلادنا في شحة?ُ منه , نبذ?ر منه أيما تبذير , فنرميه في الطرقات إما في غسلنا للسيارات أو للقات , دون ان نعي ان هذه القطرات سوف نحتاج إليها لإنقاذ الحياة , فع?ِن عبد الله بن عمرو ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم م?ِر??ِ ب?س?ِع?د?ُ وهو يتوضأ فقال: ما هذا الإسراف? فقال: أفي الوضوء إسراف قال: نعم ? وإن كنت?ِ على نهر?ُ جار?ُ) .

· سفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج تحتاج الى الترشيد والاقتصار فقط على الأشخاص الذي تحتاجهم جاليتانا , فما معنى ان يعين مسئولان للشئون المالية احدهم للسفارة وآخر للملحقية , وكم كبير من الموظفين في السفارات يمكن ان يستغنى عنهم , لأنهم يكلفون الدولة ملايين الدولارات , فهذا نوع من الإسراف , وكم دعى فخامته الى تقليص البعثات الدبلوماسية في الخارج .

· الإسراف في استهلاك المواد البترولية فكم من أ?ْسرة?ُ فتح الله عليها من أبناء المسئولين أو التجار إلا وتملك العديد من السيارات والتي لا عمل لها سوى الدوران في الشوارع عبر أولادهم , فهم وغيرهم من يزيدون في الاستهلاك المحلي من النفط والديزل مما يقلل النسبة المخصصة للتصدير وهو ما يحرم الدولة لملايين الدولارات , كما ان ذلك يضعف الناتج المحلي , ولهذا فالدولة محقة في رفع سهر النفط , لان سعره المتدني .

· نعم فلتشف جميعا عامة?ٍ ومسئولين من اجل ان نتغلب على وضعنا الاقتصادي , نعم فلندعم دعوة الرئيس للتقشف, والذي لن يتعافى إطلاقا?ٍ إلا إذا جعلنا الوطن فوق الجميع , فوق شهواتنا ومصالحنا الذاتية , فاليمن بخير ولكنه يحتاج الى ان يعي كل?َ منا الدور المناط به , وان يعرف انه محاسب أمام الله على كل شيء .

*باحث دكتوراه بالجزائر

mnadhary@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com