حـــوارات

قصائد من المدينة الهادئة.. حسن المطروشي ( وحيدا?ٍ كقبر أبي)

 اشتهرت سلطنة عمان باحتضان الثقافة, وفاح من طرقاتها وأزقتها عبير الكلمة, وكان من أبنائها من حمل القلم ليستمد منه شعاعا يضاهي الشمس, من أريج إبداعها كان لا بد أن نستبيح عزلة احد شعراء المدينة الهادئة, بينما ما زال يسأل نفسه (من أنا), حسن المطروشي شاعر ملتزم يمتلك حضورا متألقا في المشهد الثقافي العماني, صدر له ثلاث مجموعات شعرية كان آخره) وحيدا كقبر أبي), ويحضر حاليا لمجموعته الرابعة (على السفح إياه), وقد حصل على العديد من الجوائز الأدبية الشعرية من داخل عمان و خارجها, ونشر أعماله في العديد من الصحف والدوريات الثقافية العمانية والعربية, كما شارك كعضو في لجان التحكيم للمهرجانات والفعاليات الشعرية الرسمية في السلطنة وكان لنا معه حوار..

من أنا?:
نتسابق مع الشاعر في طرقات تسير بنا نحو الماضي لنتعرف عليه أكثر, سؤال سهل معقد, من هو? ويجيبنا الشاعر:"إن هذا السؤال يدعوني لأن أسأل نفسي مباشرة من أنا? سؤال طالما شغل أذهان الفلاسفة والمفكرين والأدباء على مر العصور, كل ما أعرفه أنني خرجت ذات تيه من بيت أسرتي التي تقطن في منطقة ساحلية تدعى (شناص) في أقاصي الشمال من سلطنة عمان, لأبحث عن ذاتي في المدائن والأرصفة والمطارات البعيدة, وها أنذا أقف على حافة الكون أحمل في قبضتي الكثير من الحنين والحزن والقصائد والفقد. 
تلك الشرارة المختبئة:
 هي شرارة تشتعل في داخل النفس, تنبعث منها حروف مضيئة بألوان تشبه قوس قزح, ولا نعرف كيف وأين ومتى تباغتنا تلك الشرارة التي تقودنا نحو دهاليز الإبداع المختبئة فينا, ويبوح لنا الشاعر قائلا:"ليس ثمة من مباغتة فجائية أو طفرة بركانية بالمعنى الانقلابي للفكرة.. أعتقد الآن, وأنا أتذكر طفولتي البعيدة أنني أحمل هذا اللهب المقدس منذ أن أتيت إلى هذه الحياة.. فبالرغم من أنني لم أكتب الشعر باكرا, إلا أن ثمة إرهاصات و إيماءات عميقة كانت تشير بوجود الشاعر الذي يتلبسني ويستوطن ذاتي.. فكم كانت تشجيني مواويل البحارة, وأغاني الفلاحين, وكم كنت أشعر بالرغبة في العزلة مع النفس, وكم كنت أتحدث للبحر, هكذا نمى معي هذا الهاجس حتى بات حريقا صاخبا تلهبه رياح الحنين والغربة .. هذه الرياح التي جرفتني إلى أدغال القصيدة وغاباتها المجهولة" .
خربشات طفولية :
ملاعب الطفولة تترك فينا خربشات من الصعب أن نتجاهلها, وهي تتسلل من خلال مفرداتنا وألواننا, وها نحن ننبش في ذاكرة الشاعر لنعرف ماذا تركت طفولته, فيقول:"الطفولة بالنسبة لي بمثابة النبع الأسطوري الذي يتدفق هادرا بالحياة والنبض والدفء, إن الطفولة التي عشتها تكفيني رصيدا شعوريا طيلة حياتي, فأنا أغترف من مياهها الحنين والدهشة كلما عطشت رمال القصيد .. طفولتي شاعرية بامتياز رغم الشقاء والقسوة, لقد عشت على رمال الشاطئ بين زرقة البحر وخضرة البساتين في قريتي الصغيرة .. أتأمل رحيل الأشرعة الذاهبة إلى أعماق البحر, وأصغي إلى غناء الجدات في البيوت العتيقة, وأشتم عبق القهوة السمراء الصاعدة من سقوف منازل القرية .. أشارك البحارة سمرهم الليلي, وأستمع إلى قصص الغوص والمغامرات يرويها الأجداد و الآباء بحنين بالغ, ومهما تحدثت عن الطفولة وأثرها في حياتي وكتابتي فلن أقف عند حد, لذلك أكتفي بالقول أنه لا يمكنني كتابة قصيدة دون أن أفتح لها بابا على البحر و الطفولة . لقد ظل ذلك المكان بترابه ورائحته وأصواته ووجوهه ساكنا في أعماقي أينما رحلت.
بين بحور الفراهيدي وقصيدة النثر:
* في زمن ترواح فيه المشهد الشعري بين قصيدة النثر والشعر الحديث وبحور الفراهيدي كان لزاما ان نعرف أين يقف الشاعر حسن المطروشي واين يجد نفسه? حيث قال بهدوء:"أجد نفسي مع الشعر في كل تجلياته .. بالنسبة لقصيدة النثر فهي تصور نثرا أدبيا يتميز بشعرية اللغة, إلا أنه لا يرقى إلى أن نسميه قصيدة مهما بلغ من التأنق. وهذا ليس انتقاصا من حق هذا اللون الأدبي, فعدم تصنيفه شعرا لا يقتضي الانتقاص منه. وأعتقد أن المطب الذي وقع فيه أصحاب هذا الجنس الأدبي حينما نسبوه إلى الشعر بدلا من اقتراح مسمى آخر له باعتباره جنسا أدبيا جديدا له خواصه و اقتراحاته و اشتراطاته الفنية .
أنا أكتب الشعر الحر, وأعمد إلى كتابة القصيدة المقفاة وفق صياغات جديدة وتقنيات مبتكرة.فالعروض عند العرب علم واسع و مساحاته متعددة, كما أن الشعر الحر قد فتح نوافذ  جديدة للشعر الموزون, بخلاف الأمم الأخرى التي تركت الأوزان الشعرية ولجأت إلى الكتابة خارج الوزن بسبب الفقر في الوزن لديهم, فالبعض لديهم بحران عروضيان فقط, أما نحن فلدينا ستة عشر بحرا أساسيا, ناهيك عن تفريعاتها ومجزوءاتها وخياراتها المتعددة والمرنة في الكتابة .. باختصار أنا أميل للقصيدة الم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com