كتابات

العدالة الانتقالية قد تخبئ هذه المرة جرائم ” تنظيم الإخوان”

لو أن ميجيل ثير بانتيس جديدا ظهر اليوم لكتب عن محمد سالم باسندوه رواية تنافس اسطورته العالمية دون كي شوت? قصة النبيل الذي نصب نفسه فارسا لمحاربة طواحين الهواء.
باسندوه ظهر اليوم متحدثا ببطولة عن مشروع قانون العدالة الانتقالية وغاياته التي يعدها نبيله وانسانية كغيره من وزراء الحكومة الانتقالية والحرس القديم من قادة أحزاب اليسار الغارقين حتى النخاع في تنفيذ المشاريع السياسية للتنظيم الدولي للإخوان.
في اكثر مشاريع هذا التنظيم يظهر با سندوه فارسا رافعا شعارات” الثورة ” يوزع على الناس خداع وامنيات ومن خلفه يصطف طابور من الحمقى الذين كنا نعدهم يوما من اعمدة اليسار.
في المؤتمر الذي نظمته وزارة الشؤون القانونية اليوم لمناقشة التحديات التي تواجه العدالة الانتقالية ومشروع القانون المتعثر بدا أن الجميع لا يزالون في خندق كيل الاتهامات المعلبة للنظام السابق بعرقلة صدور القانون دون الالتفات إلى غاياته الخفية التي تختبئ في جانب منها من مشاريع الفرع اليمني لتنظيم الإخوان في تغييب حقيقة الانتهاكات الجسيمية لحقوق الانسان وصبها جميعا في وعاء النظام السابق تكريسا لحالة عدم الاستقرار الحاصلة في البلد اليوم.
مشروع القانون الذي يتصدر تنظيم الإخوان حملة لإقراره لا يبدوا منسجما مع مقررات الحوار الوطني في البند الخاص بالمصالحة والعدالة الانتقالية? بل يسعى في نسخته الحالية إلى التحقيق في الانتهاكات التي رافقت احتجاجات العام 2011? وإدانة مرتكبيها من دون أن يطاول انتهاكات اكثر قسوة وبشاعة تبدأ فصولها في حرب صيف 1994 في الجنوب? ولا تنته عند حروب صعدة التي لا تزال جراحاتها مفتوحة حتى اليوم? ناهيك بحروب الإخوان في سنوات التسوية.
في الادبيات الحقوقية الدولية تتضمن العدالة الانتقالية تدابير لمعالجة الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها مدنيون من انظمة قمعية? وتفترض هذه الآلية تطبيق هذه الإجراءات بعد حصول ثورات تطيح بأنظمة قمعية وتؤول إلى مستوى متقدم ومقنع من الاستقرار السياسي.
ما يدور اليوم ي?ْرجح أن ثمة ضغوط خفية لتوجيه برنامج العدالة الانتقالية لتحقيق مكاسب سياسية من طريق إدانة رموز في النظام السابق في معزل عن غايات المصالحة والعدالة الانتقالية.
اهداف المصالحة والعدالة الانتقالية تحتاج بشكل ملح للغاية إلى استقرار سياسي? وهو الشرط الذي لم يتحقق في اليمن إلى اليوم في ظل الحرائق والحروب التي تشتعل هناك وهناك.
يحتاج اليمنيون قبل هذا كله إلى معرفة الحقيقة وكشف الأطراف التي تورطت في الانتهاكات لا إلى قوننة المشاريع السياسية التي يديرها التنظيم الدولي للإخوان تحت مسمى العدالة الانتقالية.
غياب الاستقرار وبقاء الناس في مربع الاتهامات لن يقود إلى عداة انتقالية بل سيقود إلى تشريع للانتقام والتصفيات? ولن يحفظ للضحايا حقوقهم ولن ينظف البلاد من شرور مجرمي الحرب.
من يستطيع اقناعنا بأن اليمن اليوم تعيش حال استقرار سياسي? في ظل هذا التدهور الأمني الحاد والحروب المشتعلة هنا وهناك وفي ظل حرب الاغتيالات والهجمات الإرهابية? وتسيد مراكز القوى الخفية وحكم العصابات التي تمارس على اليمنيين جهارا نهارا أبشع صور العقاب الجماعي.
التنظيم الدولي للإخوان وفرعه في اليمن ( حزب الإصلاح) كان واحدا من الأطراف السياسيين الذين طالبوا بتشريع للعدالة الانتقالية لكن غياب قوى اليسار عن المشهد شجعه لاستثمار الوضع لصالحه والتحدث باسم القوى السياسية في تشريع يساعده فقط المضي قدما بمشاريعه السياسية? وهو ما يبرر تعثر هذا المشروع كل هذه المدة.
المفاهيم والغايات الانسانية في تحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة وجبر الضرر? وتعزيز الثقة بالقانون وتعويض الضحايا ومحاسبة الجناة وإصلاح مؤسسات الدولية لم تكن يوما ضمن اجندة التنظيم الدولي للإخوان وفرعه اليمني? قدر ما كان مقدما لديه تغييب الحقائق وتحميل النظام السابق وزر الانتهاكات التي ارتكبت في حق المتظاهرين السلميين في عام 2011.
في منابر معينة نجدهم يتحدثون عن قانون يتيح العدالة في حين نجدهم في منابر اخرى ضالعين بصورة مباشرة في عرقلة كل المحاولات التي بذلت لإجراء تحقيق نزيه وشفاف وموثوق في جرائم القتل الجماعي والفردي والانتهاكات التي حصلت في عام 2011 وما بعده? فقط لطي صفحة سوداء يريدون الصاقها بالنظام السابق وكفى.
لا نبرأ النظام السابق الذي تؤكد الشواهد تورطه في انتهاكات جسمية? لكن من السيئ جدا أن يدير التنظيم الدولي للإخوان وفرعه في اليمن ( حزب الإصلاح ) هذا الملف ويجيره ضد أطراف بعينها.
إن حصل ذلك فلا شك اننا جميعا سنكون مدانين ومساهمين في دعم سياسة الإفلات من العقاب لتنظيمات وأشخاص يعيشون بيننا كقادة وسياسيين يرفعون شعارات الثورة وأيديهم ملطخة بالدماء.

دمتم ودام اليمن بالف خير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com