كتابات

لا قمة في زمن الحضيض

منذ وقت طويل وعدد من المفكرين العرب يتساءلون بقدر من الاستغراب عن الأسباب التي تجعل بعض الحكام العرب يحرصون على عقد ما يسمى بمؤتمرات القم?ة في مواعيدها التي تحددها جامعة الدول العربية? تلك التي لم تعد جامعة ولا عربية? وهذا النفر من المفكرين يرون أن القمم العربية انتهت وانتهى أثرها وتأثيرها في منتصف السبعينيات من القرن الماضي إن لم يكن قبل ذلك? وبالتحديد منذ رحيل مهندسها وصاحب فكرتها الزعيم جمال عبدالناصر? الذي هاله يومئذ ما رآه من حالة التشرذم في الصف العربي نتيجة تنافر القيادات العربية? وإدراكه العميق لما كان يعده الأعداء للأمة من مخططات ويبيتون لها من مؤامرات تضاعف حالة التشرذم بما يفيد هؤلاء الأعداء ويمك?ن لهم من تحقيق المزيد من النفوذ والتحكم في مقدرات المنطقة وسياسات قادتها? وأن الضرورة تستدعي جمع الصفوف وحشد الإمكانات ولن يكون ذلك إلا??ِ عن طريق لقاء يجمع الحكام العرب دون استثناء في مؤتمر يسمى مؤتمر القمة. وقد نجحت الفكرة وحققت القمم الأولى إلى حد ما بعض ما هدفت إليه من تجميع الصفوف وحشد الطاقات لمواجهة الاحتمالات القادمة.
ولم يدرك كثير من الحكام وكثير من عقلاء الأمة المغزى الحقيقي من الدعوة إلى مؤتمرات القمة تلك إلا??ِ بعد أن وقعت الضربة الفاجعة في الخامس من يونيو 1967م? في محاولة معد? لها لكسر شوكة مصر العروبة بوصفها القوة التي كان العرب يعولون عليها? والأعداء يخافون منها? وخاصة الكيان الصهيوني هذا الإخطبوط الذي مث?ل وما يزال يمثل دور شرطي تخويف المنطقة وإرهاب أبنائها برعاية وحماية الدول الاستعمارية ومساندتها اللا محدودة. وكان الزعيم الراحل يدرك أكثر من غيره خطورة ما يبيت لمصر خاصة ولبقية الأقطار العربية بعامة? وأن العدوان على مصر يعد عدوانا على هذه الأقطار وتهديدا?ٍ لمكاسب الاستقلال التي تحققت في الخمسينيات وأوائل الستينيات. ولا يشك إنسان عربي يمتلك قدرا?ٍ من الوعي في أن حرب يونيو لم تستهدف مصر وحدها? وأن نتائجها لن تقف عند حدود مصر بل سوف تتخطاها إلى ما هو أبعد فكان لا بد من قمم تسبق العدوان ومن قمم تتبع العدوان حتى يبدو الصف العربي أمام الأعداء موج?دا?ٍ ولو في الظاهر.
ومن يتابع منحنيات مؤتمرات القمة التي تم?ت بعد رحيل عبدالناصر سوف يكتشف الانكسارات المخيفة والتراجع الفاجع? وكيف أنها لم تتمكن من الانعقاد ولا من إثناء مصر عن توقيع وثائق كامب ديفيد التي أخرجت مصر العربية من صف المواجهة وفتحت ثغرة تتابعت أثارها السيئة إلى اليوم? في سلسلة من الأحداث مرسومة سلفا?ٍ لإخراج القطر العربي بعد الآخر من ميدان المواجهة ليخلو الجو لشرطي المنطقة? ويعود العرب كما كانوا في جاهليتهم شراذم يقاتلون بعضهم بعضا?ٍ وينهشون أعراض بعضهم بعضا?ٍ بافحش السباب? إلى أن يصل كل قطر إلى إعلان تنصله من هويته القومية والبحث عن هوية في مزادات التاريخ التي يرو?ج لها مؤرخون وكت?اب تحت الطلب? وما أكثرهم في هذه الفترة الرمادية.
والسؤال الذي نستخلصه من كل ما سبق هو أية قمة يتم الحديث عنها ويدعي لها الحكام من كل عاصمة عربية? في حين أن العرب كلهم دون استثناء في حضيض الحضيض? فضلا?ٍ عن أن ثلاثة أرباع الدول العربية المكونة للجامعة في أوضاع لا يحسد عليها بين حرب معلنة تأكل الأخضر واليابس وحروب غير معلنة لا تقل في نتائجها سوءا?ٍ وتدميرا?ٍ. ولا أشك في أن بعض الحكام ممن حضروا القمة الأخيرة قد وجدوها فرصة لأخذ إجازة ولو لساعات معدودة تبعدهم عن المواجهات اليومية مع مواطنيهم? وما تحفل به بلدانهم من أحداث أفظع وأقسى لا يدرون متى تلده ولا كيف تخرج من مكامنها. كما لا أشك أيضا?ٍ في أن البعض الآخر من الحكام الذين حضروا هذه القمة الأخيرة? إنما حضروا على أمل أن يجدوا في إعلام القمة ما يمكنهم من بث شكاواهم على أوسع نطاق مما يعانونه من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية مزمنة لا مجال لحلها حتى لو اجتمع على تصور ذلك الحل من في السموات والأرض.

ومضات:
———
• إن الطريق الحقيقية للحكمة ت?ْعرف من أمور ثلاثة: أولا?ٍ تضمنها الحب الإلهي. ثانيا?ٍ تخليها عبر ممارسة عملية في حياتك وإلا? تمسي الحكمة غير مجدية وتصدأ كيف لم يشهر. وأخيرا?ٍ توفر الإمكانية لدى الجميع لاجتياز طريق الحكمة.
• لا يستطيع الإنسان أن يكف? عن الحلم? والحلم هو غذاء الروح? كما أن الطعام غذاء الجسد. وغالبا?ٍ ما تخيب أحلامنا وتحبط رغباتنا خلال مسيرة حياتنا? لكن هذا الأمر يجب ألا يمنعنا من الاستمرار في الحلم وإلا? ماتت الروح فينا.
• أن الجهد الحسن هو الذي نخوضه باسم أحلامنا. عندما نكون شبابا?ٍ تتفجر أحلامنا في داخلنا بكل عزيمتها? ولا تنقصنا الشجاعة إطلاقا?ٍ? لكننا لم نتعلم بعد كيفية النضال. وحين نخلص إلى تعلمها بعد جهود مضنية? نكون قد فقدنا الطاقة على الكفاح عندئذ ترتد على أنفسنا? ونصبح ألد? أعدائها.
• إن الطريقة الوحيدة لإنقاذ أحلامنا هي أن نكون كرماء تجاه أنفسنا? يجب التعامل بصراحة مع أي محاولة نقوم بها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com