كتابات

السعودية.. إذ تستعجل “ببطء” !!

قرار العاهل السعودي في بداية العام الجديد2013 بتعيين 29 امرأة لعضوية مجلس الشورى (المعين) وتعديل النظام الداخلي للمجلس بالنص على عضوية المرأة فيه بما لا يقل عن 20 بالمائة, يضاف إلى قرارات وخطوات سابقة بذلها الملك عبدالله, والملاحظ هو ان القرارات والخطوات المشابهة أخذت تتسارع في العامين الأخيرين تحديدا, تزامنا مع أحداث الربيع العربي.

وكأن العرش السعودي يتخذ خطوات استباقية إلى الأمام, لكنه يكتشف ان الوقت والتطورات تجاوزتها بكثير والنتيجة تكون قرارا جديدا يعتبر بمقاييس الخطاب الاعلامي الرسمي تاريخيا وسباقا, وفي اليوم التالي أو الشهر التالي يصدر قرار جديد يلغي الأول ويصبح هذا الأخير هو التأريخي … وهلم جرا. الملاحظ في هذا الصدد والشأن أن جميع القرارات والخطوات تتركز فحسب في موضوع “تمكين المرأة” نسبيا, ولا شيئ آخر.

العجلة تحركت في المملكة ولن تتوقف. الملك عبدالله يعرف هذا جيدا ويعرف ان الوقت ليس في مصلحة الأسرة الحاكمة ولكن الأمر لا يتوقف فقط على النوايا الحسنة للملك عبدالله, فهناك طبقة حاكمة تذوي وطبقات تتوالد وتأخذ أماكنها في السلطات المختلفة, زد أن المؤسسة الدينية المتشددة لا تنوي التخلي بسهولة عن ما تحت يديها من صلاحيات وسلطات ونفوذ, ليبدو الملك بين كماشتي ضغوط الداخل والخارج مضطرا إلى ارضاء الجميع وهذا ما يجعل المهمة صعبة والقرارات التي توصف بـ”التأريخية” غير كافية بالمرة وتستدعي قرارات جديدة في متوالية لم تنجز الشيئ الكثير بعد.

تداعيات الأحداث في البلدان العربية المحيطة بالمملكة تولد شعورا متزايدا لدى السعوديين بأن الدور قادم لا محالة, وانها مسألة وقت لا أكثر حتى تصل أمواج “الربيع” الأمريكي وتضرب في الحجاز ونجد. مجمل التحركات والتدخلات السعودية في ملفات الجوار وبؤر التوتر المتنقل بشكل عشوائي قد تطمح الى التحكم بمخرجات الفوضى لتنجرف فتصبح جزءا منها بطريقة أو بأخرى. “الأمر معقد” حقا..!

في وقت مبكر, بعد إعدام الرئيس – الشهيد- صدام حسين, قال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح إن الدور قادم على الجميع وتنبه أو تنبأ, بنوع من الدعابة المريرة: “اذا لم نحلق نحن سيحلقون لنا واحدا واحدا”, وهو ما كان.. تتطاير الرؤوس والعروش في البلدان العربية ولا يبدو أن أحدا بمنأى عن الحلاقة, أو بمأمن من يد الحلاق الأمريكي الذي لا يرحم وهو لن يرحم.

– في 15 -11- 2011م, وعد الملك السعودي بادخال المرأة إلى مجلس الشورى.

– و في 25-12-2011م اعلن الملك عبدالله بن عبالدالعزيز من داخل قبة مجلس الشورى قراره? بإعطاء المرأة السعودية حق المشاركة في مجلس الشورى والانتخابات البلدية.
هذا القرار أو الحق بقي نظريا بانتظار دورة المجلس التالية وبلديات 2015م. ولكن ثمة ما ومن يستعجل قرارات متقدمة أكثر… الوقت يمر والحلاق الامريكي يبحث له عن زبائن جددا .

وفقا لرويترز فإن الملك الذي يوصف بانه “اصلاحي حذر” حيث تناهض المؤسسة الدينية الحاكمة المتشددة حقوق المرأة اجمالا, يملك تأثيرا لدى الرأي العام السعودي. الا ان الظروف الصحية التي مر بها خلال العامين الخيرين وكذا وفاة وليي عهده على التوالي, الأمير سلطان والأمير نايف, زادا من الضغوط حول الملك والعرش وتزايدت التحديات بشأن مصير السلطة والحكم وتنافس الطبقة الثانية والطبقة الثالثة من الأبناء على مفاصل السلطة ومواقع النفوذ والقرار. ومعها كانت امواج الربيع تضرب في المنطقة الشرقية مولدة حالة من القلق والتوجس وتعومل معها امنيا ولكن شيئا لم ينتهي بعد.

– مؤخرا في 12-1-2013م, اعلن قرار العاهل السعودي, ويمثل الغاء للقرار السابق, بتعيين 29 امرأة لعضوية مجلس الشورى (المعين) وتعديل النظام الداخلي للمجلس بالنص على عضوية المرأة فيه بما لا يقل عن 20 بالمائة. حرص المرسوم الملكي على التذكير بأن القرار جاء بعد استشارة العلماء ورجال الدين الذين اجازوا مشاركة المرأة في مجلس الشورى..!

لكن أيضا هل هذا كاف? وهل يتعلق الأمر حصريا بالمرأة أولا وأخيرا?ٍ? اغلب الظن أن الرياض تشعر بنزيف حاد للوقت وهناك من صار يتوقع ويترقب قرارا جديدا الآن…. الوقت يمر والعجلة تدور… والحلاق الأمريكي يحد شفراته ويحلق لحلفائه التقليديين واحدا واحدا.. الجميع بات مؤمنا بان دوره سيحين وقتا ما.

على كل حال, فإن الخارطة الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط الجديد وللجزيرة والخليج, تتضمن أكثر من عاصمة لأكثر من بلد وإقليم في المساحة المترامية التي تشغلها الآن المملكة العربية السعودية.

بالطبع نتمنى الفشل والخذلان للأمريكيين ومخططاتهم للمنطقة وللمملكة, كما تتمنى وتأمل النوايا الحسنة لقرارات الملك عبدالله, لكن أيضا ومرة اخرى ما حجم فعل وتاثير الامنيات والنوايا امام كل هذا المجهول – المعلوم, الذي يتخبط المنطقة ويغرقها في “الفوضى الخلاقة” على سبيل “التغيير” ليس إلا…?!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com