اراء وتحليلات

غزة وفاتحة العام الهجري

لا يمكن أن نعزل ما يحدث لإخوتنا في مدينة غزة الصامدة? عن ما يدور في أمتينا العربية والإسلامية? فالهوان الذي نعيش فيه? جاء نتيجة حتمية لأننا شعوبا?ٍ وقادة ابتعدنا عن العدو الحقيقي المتمثل في الصهاينة المغتصبين لأولى القبلتين? وثالث الحرمين الشريفين? حتى علماؤنا ساهموا فيما يحدث في وطننا العربي? وبل وللأسف الشديد كان لهم دور في زيادة موجة العنف? ففئة منهم ناصرت الخروج على الحكام رغم ما فيه من مفاسد? وقتل للنفس? وفئة أخرى سكتت إما خوفا?ٍ من الحاكم نفسه? أو حتى لا يفسر موقفها وكأنه معاد?ُ لرغبة البعض في الوصول للسلطة ولو عن طريق نشر الفوضى? أما الفئة الثالثة التي ساندت ولي الامر حفاظا?ٍ على وحدة الأمة? لم تكمل دورها في النصح الخالص له بالعدل والمساواة? وإفهامه أن طاعة العامة له لا يمكن فصلها عن حصولهم على حقوقهم وواجباتهم.
إن مل يحدث في غزة له ارتباط وثيق بما ع?ْرف اصطلاحا?ٍ بثورات الربيع العربي? فامتنا باتت مقسمة? وشغلها ما فيها عما يدور لإخوتنا المجاهدين في فلسطين المحتلة عامة? وعلى وجه الخصوص المحاصرون منهم في غزة.. فقد استطاع عدونا الاوحد –الذي غضضنا الطرف عنه- من استغلال ما يدور ببلداننا? فتوسع ليس فقط في بناء المستوطنات? ولكن في إذلال إخوتنا وأخواتنا الفلسطينيين? واستند في ذلك على رؤية الغرب وتصنيفه للظلم من زاوية عربية بحتة.
فهذا الغرب المساند لحقوق العرب تحت مظلة ما يسمونه بثورات الربيع العربي? أين هو من العرب المظلومين في فلسطين? ألا يحتاجون لربيع مشابه لربيع إخوة لهم في اقطار عربية أخرى? أم شرعنة الثورة بالمفهوم الغربي لا تكون إلا اذا قامت على رئيس عربي? أما طغاة وسفاحو إسرائيل? فليس لإخوتنا العرب في فلسطين الحق لا أقول في الثورة ضدهم? بل مجرد الدفاع عن أنفسهم.
إذا كان المصريون قد قاموا بثورة على رئيسهم السابق حسني مبارك? لأنه في نظرهم يمنع الجهاد ضد العدو الإسرائيلي? فماذا تغير اليوم?? ولماذا لا تفتح الحدود? وليمر الراغبون في قتال العدو? لا نستطيع أن نسمي استدعاء السفير المصري من اسرائيل أو ذهاب رئيس الوزراء الى غزة? بأنه انتصار للفلسطينيين وما بعده انتصار? قد يكون المتغير الوحيد –على مستوى القضية الفلسطينية- بين الرئيسين مبارك ومرسي? أن الاول كان عاجزا?ٍ حتى عن مجرد استدعاء السفير ناهيك عن طرد السفير الاسرائيلي لديه.. ولكن هل يغير هذا الامر في المعادلة? سيعود السفيران مجددا?ٍ بعد انتهاء الغارات? وستجري المياه في مجاريها من جديد? فهل انتصرنا بذلك لإخوتنا? أم انها جرعة مهدئة للشعوب العربية.
الكل متحدون عرب وغربيون وأمريكيون? على نصرة إخوتنا في سوريا –بعيدا?ٍ عن الصلح بينهم-? ولكن أين هم مما يجري في غزة? لو ذهبوا لمجلس الامن لمجرد ادانة الغارات ليس أكثر? فسيجدون الفيتو الامريكي أمامهم بالمرصاد? اما اذا ارادت امريكا والغرب ضرب سوريا كما ض?ْربت ليبيا? فسيهرول العرب ليس للتأييد فحسب بل لدفع فاتورة ضرب إخوتنا المسلمون أينما كانوا.
غزة لا تنتظر من العرب بيانات الشجب والتنديد ولا زيارات الرؤساء والوزراء? ولكنها تحتاج الى أن يقنع العرب العالم بعدالة القضية الفلسطينية? كما أقنع العالم العرب بعدالة الفوضى التي تعيشها بعض دولنا العربية? واستنزفوا اموالهم بحجة ازاحة من لا يرغبون من الرؤساء? مع أن نفس الرؤساء هم من حظوا بالدعم العربي والأمريكي طيلة فترة حكمهم.. إذا?ٍ فليس الغرض انصاف الشعوب العربية وإلا لكانوا انصفوا الفلسطينيين الذين يعانون أضعاف ما يعانيه البقية.
كما أن توقيت الهجوم الاسرائيلي وتزامنه مع احتفالات المسلمين العام الهجري الجديد على صاحبه افضل الصلاة وازكى السلام? ليس مصادفة? فالصهاينة ينتهزون كل فرحة للمسلمين كي يقلبوها الى غم وأحزان.. فمتى يفهم المسلمون المعنى الحقيقي للهجرة?? التي قام بها الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام لنصرة الدين? وإقامة الدولة الاسلامية القوية? فأين نحن من قوة الاسلام التي فتح بها السابقون مشارق الارض ومغاربها? فيما نحن لم نستطع حتى فتح قلوبنا وصدورنا لبعضنا البعض? بل على العكس من ذلك توسعت العداوة بيننا? فيما لم يعد من العداوة مع الصهاينة إلا الاسم فقط.
نحن ملزمون باسم الدين أولا?ٍ والعروبة ثانيا?ٍ والإنسانية ثالثا?ٍ مناصرة إخوتنا في فلسطين? فما يحدث لهم منكر ما بعده منكر? وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيير المنكر بداية بأيدينا فإن لم نستطع فبلساننا فإن لم نستطع فبقلوبنا وذلك أضعف الإيمان? فهل صعب علينا اضعف الايمان? كالدعاء لإخوتنا بالنصر ولعدونا بالخذلان.. رحم الله شهداء فلسطين وفك أسر المأسورين وشفى الجرحى والمصابين وحرر الاقصى من براثن اليهود الغاصبين ..آمين اللهم آمين.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
الثورة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com