كتابات

مقارنة بين صخرين الوجيه: المعارض والوزير!

كل الناس طيبون? حسب تعبير عبد الله البردوني? حتى يصلوا إلى السلطة. والذين كانوا مثاليين خارج السلطة صاروا اليوم? وبمجرد الوصول إلى السلطة? واقعيين وبرجماتيين وصيادي فرص. هكذا جرت العادة. إن المعارض يتطبع بطباع الحاكم بعد الوصول إلى السلطة عادة? وقبلها أحيانا?ٍ? ودون أن يشعر.

من جديد تثير مادة الديزل سجالا?ٍ ساخنا?ٍ بين الحكومة والبرلمان. إنه نفس المشهد الكوميدي الهزيل الذي تكرر لسنوات في نفس المكان الذي يدعى برلمانا?ٍ بينما هو أقرب إلى شركة أشخاص. الجديد هذه المرة أن أعضاء البرلمان تبادلوا الأدوار قبل المسرحية: فسلطان البركاني وبعض نواب المؤتمر المؤيدون للجرع سابقا?ٍ هم المعارضون هذه المرة! بينما عبدالرزاق الهجري وعبدالرحمن بافضل –المعارضين دوما- يؤيدون قرار الحكومة رفع سعر الديزل المدعوم من 50 إلى 100 ريال للتر.

إنها حفلة تنكرية رديئة تصور بمنتهى الدقة ما الذي تفعله السياسية في هذا البلد المنهك. إنه موسم التحول. حتى أشهر أعضاء البرلمان وأكثرهم معارضة للحكومات المتعاقبة وقف في الضفة الأخرى: إنه اليوم الحكومة ذاتها بل ومهندس قرار رفع أسعار المشتقات النفطية وزير المالية صخر الوجيه? عضو لجنة التنمية المناهض للفساد? والصديق العزيز الذي تشاركنا معا?ٍ وزملاء وبرلمانيين آخرين في تأسيس التحالف الوطني لمناهضة صفقة الغاز المسال قبل سنوات. كتب الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه عند مهاجمته لصديقه ومعلمه الموسيقار فاجنر “المهاجمة لدي دليل تقدير وفي بعض الأحيان اعتراف بجميل وأنا أغمز بالشرف أي شيء انتقده أكان في صالحه أم ضده”. وهذا ما يخطر ببالي في كل سطر من هذا المقال.

شخصيا?ٍ أنا ضد رفع سعر الديزل بهذه الطريقة والتوقيت. إنه أشبه بإجراء عملية جراحية دون تخدير. الألم لا يحتمل في هذه الحالة ومعاناة المواطن لا تطاق. الدعم هام. إن تكلفة إنتاج لتر من حليب الأبقار أرخص بكثير من تكلفة إنتاج لتر البيبسي أو الكولا. لماذا? لأن الحكومة البريطانية مثلا تدعم المزارعين. من حقوق المواطن على الدولة دعم المشتقات النفطية. والدعم ليس مشكلة بذاته المشكلة دائما?ٍ في الآلية. فإما أن يحافظ الدعم الحكومي على الطبقة الوسطى وإما أن ينم?ي ثروات مهربي الديزل وقادة الألوية والمناطق العسكرية وما أكثرهم في اليمن وفي كلا المعسكرين: مع الثورة وبصف النظام.

في الحفلة التنكرية بالبرلمان قبل أسبوع استشهد مؤيدو رفع الدعم بتقرير حالة الفقر في اليمن الصادر عن البنك الدولي. فـ”23% فقط من الدعم يستفيد منه الفقراء مقابل 77% لغير الفقراء”. حسنا. من السهل الرد على تقرير البنك الدولي من نفس التقرير. فـ”ارتفاع أسعار المشتقات سيرفع عدد الفقراء? المعترف بهم حكوميا?ٍ وليس الفعليين? من 7 ملايين فقير إلى 8 مليون ونصف المليون فقير”. (هذا الرقم كان قبل الثورة فكيف الآن في هذه المجاعة?).

وزير النفط هشام شرف? وكمن يتعامل مع اليمنيين بوصفهم أميين? أدلى بكذبة علنية فقال لصحيفة الثورة عشية الجلسة البرلمانية “إن على النواب إدراك أن اليمن لا تنتج الديزل وأنها تضطر لاستيراده وأننا نشترى اللتر الواحد بـ190 ونبيعه بـ50 ريالا?ٍ فقط ما يشجع على التهريب”. إن أي موظف في وزارة النفط يعرف أن قطاع 18 ينتج 23 ألف برميل ديزل يوميا?ٍ لولا ضرب الأنبوب وأننا نستهلك محليا?ٍ نحو 230 ألف طن متري شهريا?ٍ? توفر مصفاتا عدن ومأرب نحو 70 ألف طن منه? فيما المستورد من الخارج 160 ألف طن.

كمن يعالج الزكام بقطع الأنف!

أعرف أن تهريب الديزل كارثة تكلف اليمن أكثر من مليار دولار. أو بعبارة عبدالغني الإرياني أكثر من ميزانيتي الصحة والتعليم مجتمعتين. إن فاتورة دعم المشتقات النفطية تبلغ شهريا?ٍ نحو 49 مليار ريال? ما يعادل 2 مليار و604 مليون دولار سنويا?ٍ. لكن رفع الدعم حل عاجز تماما?ٍ كمن يعالج الزكام بقطع الأنف.

ثم هل حقا?ٍ تصدقون الكلام الفارغ لحكومة الوفاق? ومن قبلها رتل حكومات المؤتمر? إنها عاجزة عن ضبط تهريب الديزل? بـ3 مليون دولار فقط? أؤكد لكم? تستطيع الحكومة شراء أحدث نظام رقابة بالأقمار الصناعية بحيث يركب بكل قاطرة وباخرة جهاز تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية ويربط بالمركز لمعرفة ما إذا كانت ألتزمت بخطة السير أم لا ولكن لا يبدو أن هناك أية نوايا جادة. وإلا لما كانت مصفاة عدن تبيع الديزل في البحر بشكل رسمي!! المشكلة تكمن في الاستيراد. قبل سنوات قال للصحوة النائب عبدالرحمن بافضل الذي كان معارضا?ٍ رفع الدعم وكان محقا?ٍ وصادقا?ٍ وقتها: “يهرب الديزل لأننا نستورد كميات كبيرة أكثر من حاجة اليمن وعلى حساب الدولة? ويتم تهريبه لأنه لا يوجد ضبط? لا يوزع بآليات محددة? ولا توجد رقابة أو إشراف فيحصل التلاعب”. واحسرتا على بافضل القديم?

تنتج اليمن قرابة مليار لتر ديزل تغطي الاستهلاك المحلي تقريبا?ٍ: المحطات والمزارعين والنافذين والمخابز والجيش والسيارات كلهم يستهلكون المليار لتر? فلماذا تستورد الحكومة? حتى ق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com