تـحقيقات واستطلاعات

في ظل استمرار العدوان والحصار: آلاف الاسر منكوبة بالمؤجرين..

وعشرات العوائل لجأت للسكن حاليا في دكاكين وبيوت من صفيح!!

* حكومة الانقاذ لم تبادر بأي اجراء أو بدائل لحل المشكلة ..ووزارة العدل وامانة العاصمة والسلطات المحلية اصدرت تعميمات للأسف لا يعمل بها في الواقع!!

 

صار من الصعوبة بمكان – هذه الايام- الحصول على شقة للايجار بأي وضع أو حال كان وتحديدا في العاصمة صنعاء.

فقد عمد ملاك البيوت مؤخرا إلى رفع الايجارات وبشكل جنوني وغير مسبوق ،
حيث ارتفع ايجار الشقق الى اضعاف مضاعفة عما كان عليه في السابق ..وصار سعر ادنى شقة مكونة من غرفتين أو ثلاث ما بين 50 الى 70ألف ريال كأحسن تقدير.

هكذا استغل معظم المؤجرين ظروف البلاد الراهنة واوضاع الناس المعيشية في ظل استمرار العدوان والحصار ، وتوافد النازحين من عدة محافظات إلى العاصمة صنعاء ، وقاموا برفع الايجارات بما يلبي جشعهم وأطماعهم.

واسفر الامر في النهاية عن مضايقة آلاف المستأجرين وطرد الكثير من الاسر الى الشوارع بعد تعرض العديد من اربابها الى الضرب من حال الايجار..!!.. واهانة الكثير من العائلات التي لجأت الى استئجار دكاكين وبيوت من صفيح!!.

تحقيق: علي العيسي

حجم المشكلة:

يقول المستأجر علي مبارك -احد ساكني حي الجراف بصنعاء ، ان مالك البيت فرض عليه قبل اشهر زيادة الضعف في الايجار ، حيث كان مستأجرا ب25 ألفا واصبح اليوم مطالبا بدفع 50 ألف ريال شهريا..مالم فعليه اخلاء الشقة مجبرا والشروع في البحث عن اخرى تتناسب ودخله اليسير حاليا.
وفي حي شميلة وسط العاصمة تقول الحجة نوال ثابت ان مالكة البيت قسمت الشقة التي تستأجرها منذ سنوات الى شقتين وصارت تدفع في نصف الشقة فقط الايجار السابق مع زيادة خمسة الاف .
أما المستأجر علي ناصر فيقول انه اضطر الى مغادرة الشقة بعد ان أقدم المؤجر على وضع قفل على الباب واحتجزه هو واطفاله طوال النهار لا لشيء غير اجباره على دفع الزيادة التي فرضها المؤجر عليه دون وجه حق مما اضطره للنزوح الى استئجار شقة غير مهيأة للسكن .. هي عبارة عن غرفتين بلا ابواب او نوافذ وغير مشطبة من الداخل وبعشرين الف ريال – حد قوله ، نظرا لصعوبة الحصول على شقة والشروط التعجيزية التي يطلبها حاليا ملاك البيوت والمتمثلة في دفع ايجارات عام أو نصف عام مع ضمانة تجارية وما إلى ذلك.

رأي أحد المؤجرين:

علي العمراني -صاحب عمارة مؤجرة بحي المقالح جنوب العاصمة . .قال بالحرف. الواحد:(اولا اسعار كل شيء ارتفعت والدولار ارتفع وبالتالي ايجارات البيوت ارتفعت ..ثانيا لا توجد دولة هذه الايام ولا حكومة تتدخل في بيتي…بيتي وانا حر فيه اؤجره بالسعر الذي يناسبني..اللي عاجبه اهلا وسهلا واللي مش عاجبه يدور له سكن عند غيري…).

اجراءات قاصرة:

أكد المحامي عبدالغني الخزان ان هناك قصورا في الاجراءات . .بداية من غياب أو تغييب قانون الايجارات لسنة 90م..مرورا بعدم تفعيل قانون الطوارئ الذي يسري العمل به في ظل الحروب ، ناهيك عن استمرار انقطاع رواتب الموظفين وتوقف الاعمال وبالتالي شحة وانعدام الدخل لدى الكثير من الناس..وكلها عوامل اسهمت في ظلم اسر كثيرة صارت منكوبة بالمؤجرين خصوصا في العاصمة صنعاء.

في اقسام الشرطة:

قال مدير قسم شرطة دار سلم العقيد بندر أن مشكلة الايجارات تتصدر قائمة القضايا الواصلة اليهم ..
ولا يختلف الحال في اجابة نائب مدير قسم شرطة 22مايو احمد الحياني ..وكذلك في قسم شرطة شميلة.
حيث اجمعوا على ان الخلافات بين المؤجرين و المستأجرين هي من ابرز المشاكل اليومية التي يواجهونها ..والتي لا يسعهم حيالها غير احالتها للنيابة والمحكمة المختصة. او قيامهم بالتوسط بين الطرفين ، يفضي في احسن الاحوال إلى إلزام المستأجر بتسديد أو احضار ضمين مسلم فيما عنده من ايجارات متأخرة أو متبقية مع اعطائه مهلة نصف شهر أو شهر مدفوع الايجار كحد أقصى ليبحث له وأسرته عن سكن آخر..
وأوضحوا انه ضمانا لانجاح الصلح ومساعي الوساطة الخيرة تلك ، يتم اخذ التزام خطي من المؤجر عليه توقيعه وبصمته ومعمد ومختوم من قسم الشرطة وبحضور عاقل الحارة ومشرفي الحي وكافة الخيرين المتواجدين كشهود ..إلى جانب الضمانة التجارية للمؤجر في ما له من ايجارات .

وكل هذه الاجراءات كفيلة بطرد المستأجر واسرته وحجز ومصادرة عفشه نهاية المهلة المتفق عليها ..
وهكذا تم طرد الكثير من المستأجرين بقوة القانون الى الشارع وصار العديد منهم يسكنون في خيم ودكاكين وبيوت من صفيح!!.

في النيابات والمحاكم:

أكد رئيس محكمة جنوب شرق الامانة القاضي بدر علي الجمرة اهتمام القضاء بمشكلة الايجارات ..وقال ان وزارة العدل اصدرت التعميم رقم(15) لسنة 2017م، بشأن مراعاة ظروف الموظفين المستأجرين خلال هذه المرحلة عند نظر الدعاوى المتعلقة بالايجارات.

وإلى ذلك صدرت الكثير من التعميمات مؤخرا من أمانة العاصمة والسلطة المحلية ..والتي أكدت جميعها على ضرورة مراعاة ظروف الناس واوضاعهم المعيشية خصوصا في ظل استمرار العدوان والحصار .. وقضت في مجملها على منع رفع الايجارات وعدم طرد المستأجرين ..ولكنها – للأسف – لا أثر لها على الواقع وليست أكثر من حبر على ورق ..!!.

وفي الطرف الاخر من العاصمة التقينا المشرف الاجتماعي يحيى الهمداني الذي قال : اغلب المستأجرين عادة يركبون رؤوسهم ويرفضون اخلاء العين المؤجرة ولا يقبلون وساطة ولا صلح ، وفي هذه الحالة يتم احالة المستأجر غير مأسوف عليه مع اوليات القضية الى النيابة والمحكمة المختصة بالحي..وبذلك يزج بالمستأجر في “دوامة شريعة”لا قبل له ولا طاقة بها ،حيث يجد نفسه في مواجهة جيش من المحامين والوكلاء الذين يجهزهم مالك البيت”المؤجر” لمواجهته في ساحة النيابة أو أروقة المحكمة ، الى جانب بلاطجة قد يتهجمون عليه وعلى أسرته بين حين وآخر. هذا الى جانب حيل ومضايقات كثيرة لا يعدمها المؤجر في سبيل تطفيش المستأجر .. أقلها قطع الماء والغاز وربما الهواء عنه واسرته وملاحقته وحجز حريته .. وفي أحسن الاحوال يتم التلاعب بلوح الطاقة الشمسية وتخريب صحن الدش لجعله يعيش في ظلام دامس وتغييبه كليا عن العالم الخارجي !!..

وفي نهاية المطاف يصدر حكم المحكمة ويكون منطوقه على المستأجر احضار ضمين تجاري مسلم فيما تبقى عنده من ايجارات.. وعليه اخلاء العين المؤجرة خلال ثلاثة اشهر من تاريخ صدور الحكم!!..
وهكذا ضاعت فلوسك يا صابر ، وحكم عليك بالتشرد والضياع مع أسرتك!!.

خلاصة التحقيق:

ليس هناك قانونا أو تحرك أو بمعنى أصح توجه رسمي جاد أو حتى اجراء حكومي فاعل يحمي المستأجر أو يضمن حقوقه أو يحفظ له كرامته وماء وجهه..

ففي كل الاحوال يحكم على المستأجر باخلاء الشقة سواء بوساطة عاقل الحارة ومشرفي الحي أو قسم شرطة أو حكم محكمة .

وملاك البيوت دائما على حق ..فأين حقوق المستأجرين وإلى متى سيظلون يدفعون وحدهم ثمن واقع وجدوا أنفسهم فيه فجأة ؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com