كتابات

مركز التوثيق التربوي? علامة مضيئة في فوضى الأزمة!!

الأزمة التي مرت بها بلادنا أصابت نظام الحياة بالشلل? والمؤسسات التي لا تزال تعمل تسودها الفوضى ? وتغشى وجوه الموظفين فيها الحيرة أو اللامبالاة أو الخوف من مستقبل لا يتوقعونه آمنا لهم ? وهذا واضح عند زيارة أية مؤسسة يقوم بها مواطن لطلب أية خدمة ? حيث لا يجد المواطن سوى الخواء ووجوها يائسة بائسة توحي له بأن الوقت غير مناسب لتقديم أية خدمة له أو تنفيذ أي مهمة تتعلق بموضوع زيارته .. وسيظل الحال هكذا حتى نخرج من هول صدمة التغيير ونعود للتوازن النفسي والعقلي والجسدي والاجتماعي..

وفي محيط الإحباط نجد قطرة أمل ترغمنا على التفاؤل في كل مكان? وفي وزارة التربية والتعليم وجدت قطرة الأمل في مركز التوثيق التربوي بالوزارة ? فهذا المركز على الرغم من صغر مساحته وحداثة نشأته وقلة الكادر فيه وموقعه في قلب أحداث الحصبة المنكوبة (وزارة التربية والتعليم) إلا أنه ي?ْشيع البهجة والأمل في نفس أي باحث يدخل إليه في كل يوم حتى أيام الحرب كانت فيه حياة..

في هذا المركز الصغير يجد الباحث كنزا كبيرا من المعلومات التي لا يتوقع أن يجدها حتى في المراكز المشهورة ? ففيه يجد الباحث التربوي وثائق تربوية قديمة وحديثة تغنيه عن الذهاب إلى مكتبات ومراكز تربوية كثيرة في بلادي ناهيك عن حسن استقبال الموظفين للباحث ومحاولتهم بكل الطرق تزويده بما يحتاجه لبحثه بلا عناء ولا وساطات ولا إحباطات مثل:( الحال واقف – والكهرباء ميتة -والمختص مريض -وارجع غدا ..)

ربما بقاء الحياة في هذا المركز في هذا الوضع الحرج يرجع إلى حسن اختيار إدارته التي جمعت بين التخصص وحب مهنة التوثيق? والانتماء إلى المؤسسة بعيدا عن السياسة والسياسيين…عرفت هذا المركز بالصدفة? ( ورب صدفة خير من ألف ميعاد) فعندما زرت إدارة الإحصاء في وزارة التربية والتعليم أيام الحرب لضرورة بحثية لفتت نظري لافتة على مبنى صغير جانبي في حوش الوزارة مكتوب عليها ( مركز التوثيق التربوي) ومن باب حب الاستطلاع دخلت المبنى ? ولم أكن أنوي البحث فيه عما أريد لأنني لم أكن متوقعة أن أجد ما أريده في هذا المبنى الصغير? ودخلت المركز ولم أجد أحدا فيه سوى موظف واحد أوصلني إلى مكتب مديره الأستاذ خالد العماري? الذي تعرفت عليه للمرة الأولى ? وقبل أن أعلن رغبتي في الحصول على بعض الإحصاءات التربوية من إدارة الإحصاء التربوي بادرني باستعداده لتوفير كل المعلومات التي أحتاجها بعد أن يعرفني على المركز? وقبل أن أرد عليه تحرك من مكتبه بفرحة غامرة بزائرة في وقت عصيب قل فيه رواد المركز ? وبحرص شديد وحب عميق وإلمام شامل استرسل في تعريفي بالمركز ومحتوياته? الحقيقة التي سعدت بها كثيرا هي أن هذا الشاب أقنعني أن لديه انتماء عميق لمهنته? وحب عميق للمركز? فقد كان يقدم لي كل ركن في المركز بشعور عال من الفخر والحب وإظهار العلاقة الحميمية بينه وبين كل شبر في المركز? وكنت ألاحظ حرارة مشاعره تتدفق أثناء الحديث عن المركز وكأنه يتحدث عن ابنه الذي من دمه ولحمه ? وأحسست بأن الوثائق القيمة في رعاية مثل هذا الشاب ستظل في أمان ? وصدق شعوري في ساعتها? فقد خرج محملا ببعض الملفات بعد انتهاء الدوام? وحينما سألته لم تحمل كل هذا? قال : “أنا أروح وأغدو بها يوميا هذه الأيام لأنها ملفات مهمة ولم توثق بعد? وأخاف أن يحدث شيء للمركز في هذه الحرب فتضيع” وفي الحقيقة أكبرت فيه هذا السلوك الوطني ? ولا أبالغ إذا اعترفت بأنني أخاف من أي موظف يحمل ملفات وظيفته إلى بيته إلا هذا الشاب فقد أحسست أنه فعلا صادق في حفظها? وكم تمنيت لو كان وجد مثله في كل المؤسسات التي دمرت محتوياتها أثناء الحرب…

وكما علمت ? فقد أنشئ هذا المركز بقرار مجلس الوزراء رقم (495) عام 2008 م كوحدة إدارية تختص بالتوثيق “الورقي والإلكتروني” تابعة لوزارة التربية والتعليم باعتبار التوثيق العلمي يعد ذاكرة الشعوب التاريخية.

ومن أهم الأهداف التي يسعى المركز لتحقيقها :

1- جمع وحفظ كافة المراجع والمصادر والمناهج الدراسية والتشريعات والوثائق التربوية التي تبين مسيرة النظام التربوي والتعليمي في اليمن قديما?ٍ وحديثا?ٍ.

2- – العمل على تكوين ذاكرة حية للوزارة تتوافر فيها مصادر المعلومات التربوية المطبوعة والآلية (الالكترونية) اللازمة لمتخذي القرار وغيرهم.

3- – تقديم كافة الخدمات لمنتسبي التربية والتعليم والباحثين والمهتمين بالشأن التربوي.
و حسب إفادة مدير المركز ? فقد قام المركز بجمع كمية من الوثائق والقوانين والتشريعات المنظمة لأعمال الوزارة منذ قيام الثورة وحتى عام 2010م وتقدر ب 30 مترا طوليا من الوثائق تقريبا?ٍ.
كما تم توثيق محتويات مكتبة المركز البالغة (2500) عنوان موزعة بين كتب و رسائل ماجستير وأطروحات دكتوراه و ودراسات وأبحاث في دوريات و أوراق عمل مقدمة لندوات ومؤتمرات ولقاءات تربوية? فضلا عن الإحصائيات والاستراتيجيات التربوية بالإضافة إلى جم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com