تـحقيقات واستطلاعات

بيانات مثيرة “للصدمة” عن سوء التغذية في اليمن

يأمل عمال الإغاثة أن تساعد البيانات الجديدة “الصادمة” عن سوء التغذية? والمأخوذة من دراسة استقصائية تم إجراؤها في غرب اليمن? على تسليط الضوء على خطورة الوضع الإنساني في البلاد? وتحفيز الجهات المانحة على اتخاذ إجراءات عملية فورية.

ويرى عمال الإغاثة أن بعض الجهات المانحة غير مقتنعة حتى الآن بحجم المشكلة بسبب ما يبدو على أنه نقص في الأدلة. وهذا ما علق عليه أحد عمال الإغاثة العاملين في اليمن بقوله: “لطالما شكل الموضوع تحديا?ٍ خلال كل اجتماعاتنا مع أي من الجهات المانحة. حيث يكون السؤال المطروح دائما?ٍ هو: أين الإحصاءات? أين البيانات?”

وفي هذا السياق? قال غيرت كابيليري? رئيس منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في اليمن أن الجهات المانحة طلبت منه المزيد من الأدلة على كون سوء التغذية من أهم الأولويات? مضيفا?ٍ أن “هذا النوع من الأسئلة دائما?ٍ ما يقتل شيئا?ٍ بداخلي. لماذا يجب أن يموت الأطفال أولا?ٍ قبل أن نعترف بالكارثة التي تلوح في الأفق هنا في اليمن?”

النتائج

أجرت وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية دراسة استقصائية بدعم من اليونيسيف شملت 3,104 أسرة في محافظة الحديدة في شهر أكتوبر الماضي? جمعت خلالها بيانات عن 4,668 طفلا?ٍ دون سن الخامسة.

وقد توصلت الدراسة إلى أن نسبة سوء التغذية الحاد (GAM) بلغت 31,7 بالمائة – أي أن ما يقرب من ثلث الأطفال الذين شملهم الاستطلاع يعانون من سوء التغذية الحاد المعتدل أو الشديد ? وأن ما يقرب من 10 بالمائة يعانون من سوء تغذية شديد. وتتجاوز هذه الأرقام ضعف عتبة الطوارئ المتعارف عليها دوليا?ٍ والتي تبلغ 15 بالمائة. كما وجدت الدراسة أيضا?ٍ أن ما يقرب من 60 بالمائة من الأطفال يعانون من نقص في الوزن في حين يعاني 54,5 بالمائة يعانون من قصر القامة? أي انخفاض مستوى طولهم عما يجب أن يكون عليه في عمرهم? وهذه علامة على إصابتهم بسوء تغذية طويل الأمد.
وتتماشى هذه النتائج مع غيرها من نتائج الاستطلاعات الأخرى التي أجريت مؤخرا?ٍ في أجزاء أخرى من البلاد. ففي محافظة أبين الجنوبية? التي تشكل ساحة للمعارك الدامية بين القوات الحكومية والمسلحين التابعين لتنظيم القاعدة? وجدت دراسة استقصائية أجرتها اليونيسيف في سبتمبر الماضي أن نسبة الإصابة بسوء التغذية الحاد بلغت 18,6 بالمائة? منها 3,9 بالمائة حالات شديدة. وفي محافظة حجة الشمالية? توصلت دراسة استقصائية حكومية في يونيو إلى أن نسبة سوء التغذية الحاد بلغت 31,4 بالمائة? من بينها 9,1 بالمائة حالات شديدة. كما أن ما يقرب من نصف الأطفال الذين شملتهم الدراسة في حجة يعانون من نقص الوزن في حين يعاني 43,6 بالمائة من قصر القامة.

وقد علق كابيليري على هذه النتائج بقوله: “أينما ذهبنا? وأينما أجرينا المسح أو التقييم? نصل إلى الاستنتاجات نفسها والمتمثلة في كون مستويات سوء التغذية الحاد في اليمن مرتفعة بشكل لا يصدق”.

بدوره? أفاد وزير الصحة اليمني? أحمد العنسي? أن هناك نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في جميع أنحاء البلاد? مضيفا?ٍ أن مئات الآلاف من المزارعين معرضون لخطر فقدان مصادر رزقهم بسبب الفيضانات والجفاف. كما أشارت منظمة أوكسفام غير الحكومية إلى أن العديد من اليمنيين يعيشون على الشاي والخبز.

من جهتها? أكدت الأمم المتحدة أن حوالي سبعة ملايين شخص (أي ما يعادل ثلث سكان البلاد) يعانون من انعدام الأمن الغذائي? بمعنى أنهم يذهبون إلى الفراش جائعين أو يجهلون مصدر وجبتهم التالية. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد بشكل ملحوظ عندما يجري برنامج الأغذية العالمي مسحا?ٍ وطنيا?ٍ شاملا?ٍ جديدا?ٍ للأمن الغذائي في شهر يناير القادم. كما يتوقع عمال الإغاثة أن يزداد الوضع الإنساني في اليمن سوءا?ٍ في العام القادم.

معدلات الوفيات

على الرغم من أن معدلات سوء التغذية في أجزاء من اليمن مماثلة لتلك الموجودة في أجزاء من الصومال? إلا أنها لم تسفر حتى الآن عن نفس معدلات الوفيات? لأن نظام الرعاية الصحية الأولية في اليمن? بما في ذلك التطعيم? كان قائما?ٍ حتى وقت قريب? وإن لم يكن مثاليا?ٍ.

وفي هذا السياق? ذكر كابيليري? المسؤول باليونيسف? أنه في الأشهر العشرة الماضية التي شهدت مظاهرات مناهضة للحكومة أدت إلى حملة قمع عنيفة وأزمة سياسية? انخفض معدل تحصين الأطفال في بعض المناطق بنسبة 40 بالمائة. وعند الجمع بين ارتفاع معدلات سوء التغذية? وانخفاض مستويات التطعيم وتفشي أمراض مثل الحصبة بصورة متقطعة? “قد تبدو الكارثة قاب قوسين أو أدنى.”

وكان المسح الذي أ?ْجري في الحديدة قد توصل إلى أن ثلاثة من كل أربعة أطفال يعانون من الإسهال أو التهابات حادة في الجهاز التنفسي أو حمى خلال الأسبوعين السابقين للمسح. كما أن 2,5 بالمائة من الأمهات ذكرن أن أعراض الحصبة ظهرت على أطفالهن خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وأظهرت نتائج الدراسة أن نسبة التطعيم ضد الحصبة في الحديدة بلغت 74 بالمائة? أي أقل بكثير من نسبة ا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com